محكمة تونسية تقر حكماً بالسجن 15 شهراً ضد الغنوشي

السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية)
السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

محكمة تونسية تقر حكماً بالسجن 15 شهراً ضد الغنوشي

السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية)
السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية)

أصدرت الدائرة الجزائية لدى محكمة التعقيب بتونس العاصمة قراراً يقضي بـ«النقض والإحالة» بشأن حكم استئنافي كان قد قضى بسجن راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»، مدة 15 شهراً بتهمة «الإشادة بالإرهاب والتحريض ضد قوات الأمن».

ولم تستجب المحكمة، في جلستها، لطلب هيئة الدفاع بتخفيض الحكم أو نقضه.

وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت بسجن الغنوشي مدة عام واحد، قبل أن تقرر محكمة الاستئناف رفع المدة لتصبح خمسة عشر شهراً مع الخضوع للمراقبة الإدارية مدة ثلاثة أعوام، علاوة على غرامة مالية قدرها ألف دينار تونسي (نحو 334 دولاراً).

زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي (د.ب.أ)

وتعود هذه القضية إلى شهر فبراير (شباط) 2022، عندما استخدم الغنوشي عبارة «طاغوت» لوصف قوات الأمن، خلال تأبين فرحات لعبار، عضو مجلس الشورى في «حركة النهضة». وصرح الغنوشي بأن الراحل لم يكن «يخشى المستبدّين ولا الطغاة»؛ في إشارة إلى فترة حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.

وتدافع قيادات من «النهضة» عن الغنوشي وتقول: «إنه لم يكن يقصد قوات الأمن بعد الثورة، بل تلك القوات التي ساهمت في دعم أركان الحكم الاستبدادي» قبل سنة 2011.

وأحالت النيابة العامة التونسية الغنوشي إلى المحاكمة؛ على خلفية شكوى تقدَّم بها ضده نقابي من قوات الأمن التونسية. وأثارت تلك العبارة، التي كانت تستعملها تنظيمات متطرفة ضد قوات الأمن والجيش لتبرير مهاجمتها، موجة استياء واسعة بين القوات الحاملة للسلاح، حيث أكدت أن تصريحاته تعد «دعوة للكراهية وتحريضاً ضد أجهزة الأمن، وهي تُخفي موقفاً يعكس جزءاً مهماً من الفكر الحقيقي لحركة النهضة وأنصارها».

جانب من اجتماع للحكومة التونسية (الحكومة)

وصدر الحكم بسجن رئيس «النهضة» في هذه القضية لمدة سنة، رغم رفضه حضور جلسات المحاكمة، وامتناعه عن مغادرة مكان توقيفه بالسجن المدني في المرناقية، للمثول أمام القضاء.

يُذكر أن الغنوشي متهم في قضايا أخرى، وأصدرت الدائرة الجنائية، المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، خلال السنة الماضية، حكماً عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي».

ويقبع الغنوشي (82 عاماً) في السجن، منذ يوم 17 أبريل (نيسان) 2023، بعد إعلانه أن تونس ستكون مهددة بـ«حرب أهلية» إذا جرى القضاء على الأحزاب اليسارية، أو تلك الإسلامية، وتحديد مشاركتها في المشهد السياسي المحلي.

وإلى جانب الغنوشي، تقبع قيادات من الصف الأول بـ«حركة النهضة» في السجون، على خلفية اتهامات متعددة، من بينها «التآمر على أمن الدولة»، و«التورط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر»، من بينهم نور الدين البحيري، وعلي العريض، نائبا الغنوشي.

قوات مكافحة الإرهاب قرب محكمة تونس (متداولة في وسائل الإعلام التونسية)

كما يقبع في السجن عدد من السياسيين المعارضين للمسار السياسي الذي أقرّه الرئيس التونسي قيس سعيد منذ سنة 2021. ومن بين هؤلاء عبير موسي زعيمة «الحزب الدستوري الحر»، وهي في السجن منذ الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد اعتقالها أمام القصر الرئاسي.

وعبّرت موسي، المعروفة بمعارضتها الشديدة للرئيس قيس سعيد، عن نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية، وتتهم السلطات بـ«محاولة إسكاتها ومنعها من حقها في الترشح».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».