المخابرات الأميركية تحذر من تحوّل السودان ملاذاً للجماعات الإرهابية

توقعت استمرار فروع «داعش» و«القاعدة» في التوسع بأفريقيا

آثار مواجهات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
آثار مواجهات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
TT

المخابرات الأميركية تحذر من تحوّل السودان ملاذاً للجماعات الإرهابية

آثار مواجهات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
آثار مواجهات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

حذرت تقارير استخبارية أميركية من مخاطر تحوّل السودان بيئة مثالية لنشاط الشبكات الإرهابية، ومرتعاً للجماعات الإجرامية الدولية، ومن امتداد الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى خارج حدود السودان، وانضمام الجهات الفاعلة في الإرهاب للقتال في السودان، فضلاً عن التهديدات الجدية لملايين السودان الذين يواجهون خطر الموت جوعاً.

ونسب موقع «سودان مونتر» إلى مكتب الاستخبارات الوطنية الأميركي – المكتب المختص بتنسيق عمل وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» (CIA) والوكالات الأمنية الأخرى – قوله إن تقرير التهديدات السنوية لعام 2024 الخاص بمجتمع الاستخبارات الأميركي، قد حذر من مواجهة السودان خطر التحول إلى «بيئة مثالية» للشبكات الإرهابية والإجرامية الدولية، ومن تمدد الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى خارج الحدود.

أفراد من «قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

«بيئة مثالية للإرهابيين»

وجاء في التقرير: «يزيد القتال المطوّل من مخاطر انتشار الصراع خارج حدود السودان، وانضمام الجهات الفاعلة الخارجية إلى المعركة، ومواجهة المدنيين للموت والنزوح». وأضاف التقرير أن «استمرار النزاع في السودان، بحكم موقعه بين القرن الأفريقي ومنطقة الساحل وشمال أفريقيا، قد يوفر مجدداً بيئة مثالية للشبكات الإرهابية والإجرامية».

وبينما تواجه البلاد هذه المخاطر، فإن الطرفين ما يزالان يتقاتلان، من أجل تحقيق أهداف قادتهما عن طريق القوة العسكرية، بينما يتهم كل منهما الآخر بأنه «حركة إرهابية». كما يصنف كل طرف في الصراع السوداني الطرف الآخر تنظيماً إرهابياً، لكن الإدارة الأميركية لم تصنف أياً منهما «جماعة إرهابية»، بل حين تستخدم تعبير «إرهابيين» فهي تشير إلى الجماعات التي استهدفت في أوقات سابقة مصالح أميركية، مثل تنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وتوقع التقرير الاستخباري الأميركي أن تستمر فروع «داعش» و«القاعدة» في التوسع في القارة الأفريقية، بما في ذلك تزايد نشاط «داعش» في غرب السودان. وقال التقرير: «يساهم تنظيم (داعش) في الصحراء الكبرى وفي غرب أفريقيا في زعزعة الاستقرار، وتوظفه الحكومات في صراعاتها الطائفية والصراع مع المجموعات التي تعاني التهميش، لتحقيق مكاسب، لا سيما في نيجيريا ومنطقة الساحل».

أضرار مادية من الاشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

«داعش» و«القاعدة»

وحذر التقرير من استمرار توسع «داعش» و«القاعدة» في أفريقيا، قائلاً: «في حين أن تنظيم (القاعدة) قد وصل إلى الحضيض العملياتي في أفغانستان وباكستان، وعانى من خسائر متتالية في القيادة في العراق وسوريا، لكنه سوف يستمر في التوسع عبر انتقال مركز ثقله إلى أفريقيا».

وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي السودانية منتصف فبراير (شباط) الماضي مقطع فيديو، أظهر جنوداً بأزياء الجيش السوداني، بينهم ضابط، وهم يلوحون برؤوس بشرية مفصولة عن الأجساد لسودانيين، زاعمين أنهم من منسوبي قوات «الدعم السريع»، ما أعاد إلى الأذهان الطرق الوحشية التي تتبعها الجماعات الإرهابية في التمثيل بجثث ضحاياها. وقال الجيش السوداني إنه سيحقق في الحادثة، بيد أن تقريره لم يصدر بعد رغم مرور نحو شهر ومطالبة أسر الضحايا بالتحقيق. وعقب عملية استرداد الجيش الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون من سيطرة قوات «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، تناقلت وسائط التواصل أيضاً أشخاصاً بأزياء الجيش السوداني وهم يحملون أشلاء بشرية مقطوعة ويلوحون بها، ويتوعدون قوات «الدعم السريع» بمصير مماثل، بل إن أحد الجنود لمح لإمكانية أكل هذه الأشلاء البشرية.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان خلال تفقده عدداً من قواته (إعلام مجلس السيادة السوداني)

الحركة الإسلامية

ورغم نفي الجيش السوداني مراراً وتكراراً وجود علاقة بينه وبين الجماعات الإرهابية والجماعات الإسلامية المتطرفة، لكن الدعم الذي يُتهم الجيش بأنه يتلقاه من الحركة الإسلامية التي تحالفت في السابق مع تنظيم «القاعدة» إبان وجود أسامة بن لادن في السودان، فضلاً عن مشاركة الميليشيات التابعة لها في القتال علناً بجانب الجيش، يزيد من المخاوف بأن يجعل تسلل جماعات إرهابية متطرفة من خارج السودان إلى داخله، ممكناً.

ويقول التقرير إن واشنطن ظلت منذ عام 2005 تعامل السودان بعدّه شريكاً موثوقاً به بشكل عام في مكافحة الإرهاب، دون أن تنسى أنه استضاف تنظيم «القاعدة»، وعاش مؤسسه أسامة بن لادن في السودان من عام 1991 إلى عام 1996، إبان فترة النمو الكبير للتنظيم. ويرى التقرير أن الظروف السياسية الحالية والوضع في السودان تشبه ظروفه في تسعينات القرن الماضي من بعض النواحي، إذ كانت الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه تمزق جسد البلاد، في ظل حكومة عسكرية متحالفة مع الحركة الإسلامية، ما وفر لأسامة بن لادن أرضية لتنفيذ أجندته وبعض من عملياته الدولية.

تصاعد الدخان جراء اشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

شحنات الأسلحة الأجنبية

وأشار التقرير الأميركي إلى ما سماه «شحنات الأسلحة الأجنبية إلى السودان»، بقوله: «ربما تتلقى القوات المتحاربة في السودان مزيداً من الدعم العسكري الأجنبي، ما يعيق التقدم في أي محادثات سلام مستقبلية»، ويحذر التقرير من أن أي مشاركة خارجية في تسليح طرف قد تدفع آخرين لتسليح الطرف الآخر. وتناقلت تقارير إعلامية حصول الجيش السوداني مؤخراً على طائرات من دون طيار إيرانية، لعبت دوراً مهماً في تقدم الأخير في مدينة أمدرمان واسترداد مبنى الإذاعة والتلفزيون من أيدي قوات «الدعم السريع» التي ظلت تسيطر عليه منذ الأيام الأولى لبدء الحرب في أبريل (نيسان) من العام الماضي.

ودفعت المخاوف بشأن التدخل الإيراني في السودان دول الجوار الإقليمي إلى التحرك والتنسيق للوصول إلى حل سياسي لنزاع السودان، فيما عيّنت واشنطن، الشهر الماضي، مبعوثاً خاصاً للسودان، هو الدبلوماسي توم بيريليو، من أجل تعزيز جهود إنهاء الحرب.

ويقوم بيريليو خلال الفترة من 11 إلى 23 مارس (آذار) الحالي، بجولة في الإقليم من أجل تنسيق الجهود لإنهاء الصراع في السودان، وعقد خلال الأيام الماضية مقابلات مع المجموعات الداعمة للديمقراطية والفاعلين المدنيين والقيادات النسائية والمجتمع المدني، فيما ينتظر أن يجري مباحثات في عدد من العواصم الأفريقية والإقليمية.


مقالات ذات صلة

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أُقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف مؤخراً (أ.ف.ب)

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شن الجيش السوداني هجوماً واسعاً باتجاه ولاية الجزيرة محققاً تقدماً لافتاً، اضطرت معه «قوات الدعم السريع» للتراجع، قبل أن ينسحب الجيش ويعود إلى مواقعه السابقة.

أحمد يونس
شمال افريقيا الفريق كباشي، لدى تفقده ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو أمس (موقع مجلس السيادة السوداني فيسبوك)

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

تفقد نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الجمعة، قواته في المنطقة الشرقية بالفاو على حدود ولاية الجزيرة وسط مخاوف من توسع المعارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)

دوقة إدنبرة: ما يحدث في السودان شبيه بمجازر رواندا

قالت دوقة إدنبرة، خلال زيارتها لمعسكر أدري على الحدود بين السودان وتشاد، والذي يحتضن الفارين من الحرب، إن الصراع بالسودان يشبه ما حدث في رواندا منتصف التسعينات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة السودانية عن ارتفاع حالات الإصابات بوباء الكوليرا إلى 24 ألفاً و604 إصابات، منها 699 حالة وفاة، بينما تمدّد المرض إلى 11 ولاية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

حثّت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» الأطراف السودانية على تعزيز الوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، ومعالجة مسألة حماية المدنيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تونس: قيس سعيّد يؤدي اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية

أعضاء هيئة الانتخابات التونسية خلال الإعلان عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية (أ.ف.ب)
أعضاء هيئة الانتخابات التونسية خلال الإعلان عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية (أ.ف.ب)
TT

تونس: قيس سعيّد يؤدي اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية

أعضاء هيئة الانتخابات التونسية خلال الإعلان عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية (أ.ف.ب)
أعضاء هيئة الانتخابات التونسية خلال الإعلان عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية (أ.ف.ب)

يؤدي رئيس الجمهورية التونسية المنتخب لولاية ثانية، قيس سعيّد، الاثنين، اليمين الدستورية أمام مجلس النواب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، بجلسة مشتركة ستعقد في «قصر باردو»، على ما أفادت به «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية.

وفاز سعيّد (66 عاماً) بولاية رئاسية ثانية في انتخابات يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، التي تنافس فيها مع المرشحَين العياشي زمال وزهير المغزاوي.

الرئيس التونسي قيس سعيّد يدلي بصوته في انتخابات 6 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وكانت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» صرحت يوم 11 أكتوبر الحالي بالنتائج النهائية للاستحقاق الرئاسي، وأعلنت فوز سعيّد من الدور الأول بنسبة 90.69 في المائة (مليونان و197 ألفاً و551 صوتاً).

وينص «الفصل الـ92» من الدستور على أن يؤدي رئيس الجمهورية أمام مجلس النوّاب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مُجتمِعَين اليمين التّالية: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته، وأن أحترم دستور الدّولة وتشريعها، وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة».

ولا ينص الدستور على إلقاء الرئيس المنتخب خطاباً أمام المجلسَين، غير أنه جرت العادة أن يلقي خطاباً أمامهما خلال مراسم أداء اليمين في مستهل ولايته الرئاسية التي تستغرق 5 سنوات.

وكان الرئيس قيس سعيّد فاز بولاية رئاسية أولى في انتخابات عام 2019.

ويمنح دستور عام 2022 رئيس الجمهورية صلاحيات عدّة؛ أهمها رئاسة «الوظيفة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة»، وفق «الفصل الـ87». وينص «الفصل الـ91» على أن رئيس الجمهورية هو «الضامن لاستقلال الوطن، وسلامة ترابه، ولاحترام الدستور والقانون، ولتنفيذ المعاهدات، وهو الذي يسهر على السير العـادي للسلط العمومية، ويضمن استمرارية الدولة، ويترأس مجلس الأمن القومي».

الرئيس قيس سعيّد بين مناصريه (أ.ف.ب)

ويضبط رئيس الجمهورية، وفق «الفصل الـ100» من الدستور، «السياسة العامة للدولة، ويحدد اختياراتها الأساسية، ويعلم بها مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم».

وكان سعيّد أكد أمام أنصاره بمقر حملته الانتخابية في تونس العاصمة، فور الإعلان عن نتائج تقديرية لسبر الآراء أظهرت فوزه بولاية رئاسية جديدة، أنه «سيعمل وفق ما يريده الشعب، وسيبني البلاد ويطهرها من الفاسدين والمتآمرين»، مضيفاً أن «الشعب التونسي أظهر وعياً وصموداً غير مسبوقين في التاريخ».

وجاء في بيانه الانتخابي أنه سيعمل على «إعادة المرافق العمومية إلى سالف إشعاعها»، مثل الصحة والتعليم والنقل والضمان الاجتماعي... وغيرها، وأنّه «آن الأوان لبناء الاقتصاد الوطني، وإعادة بناء المؤسسات العمومية بعد تطهيرها، ووضع تشريعات جديدة تستعيد بواسطتها الدولة دورها الاجتماعي».

ووفق الوكالة التونسية، فإن الرئيس قيس سعيّد، المولود يوم 22 فبراير (شباط) 1958 في تونس، هو سابع رئيس للبلاد منذ إعلان النظام الجمهوري في 25 يوليو (تموز) 1957.

وهو حاصل على شهادة «الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام» من «كلية الحقوق والعلوم السياسية» في تونس، ودبلوم «الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري»، ودبلوم «المعهد الدولي للقانون الإنساني» في سان ريمو بإيطاليا.

من احتفالات أنصار سعيّد بفوزه (أ.ب)

بدأ حياته المهنية مدرساً في «كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية» في سوسة سنة 1986، ثم انتقل للتدريس بـ«كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية» في تونس سنة 1999.

كما اضطلع سعيد بخطط مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لإعداد مشروع تعديل ميثاق الجامعة، ولإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية سنتي 1989 و1990، وكان خبيراً متعاوناً مع «المعهد العربي لحقوق الإنسان» منذ سنة 1993 إلى 1995، وكاتباً عاماً، ثم نائباً لرئيس «الجمعية التونسية للقانون الدستوري» في المدة من سنة 1990 إلى 1995.

وهو عضو في «المجلس العلمي» و«مجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري» منذ سنة 1997، وكذلك رئيس «مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية».

وله كثير من الأعمال العلمية في مجالات القانون والقانون الدستوري... ومتزوج وأب لثلاثة أبناء.