هل تستطيع جهود الوساطة تجاوز نقاط الخلاف في «هدنة غزة»؟

«حماس» سلّمت القاهرة والدوحة تصورها بشأن اتفاق وقف إطلاق النار

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
TT

هل تستطيع جهود الوساطة تجاوز نقاط الخلاف في «هدنة غزة»؟

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

يترقب أطراف الوساطة في الولايات المتحدة وقطر ومصر، حسم نقاط الخلاف بشأن الهدنة في قطاع غزة، عقب تقديم حركة «حماس» تصورها لكل من قطر ومصر، الذي أُبلغ عبر الوسطاء للحكومة الإسرائيلية، وسط تساؤلات بشأن قدرة الوسطاء على تجاوز نقاط الخلاف في «الهدنة».

يأتي ذلك في حين قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة ألقاها بأكاديمية الشرطة، الجمعة، إنه يتمنى الوصول إلى وقف لإطلاق النار بغزة «خلال أيام قليلة».

وكانت حركة «حماس»، أعلنت مساء الخميس، عن تسليم الوسطاء في مصر وقطر «تصوراً شاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة». وتضمن التصور الذي قدمته «حماس» للوسطاء المصريين والقطريين وقف إطلاق النار في غزة يشمل مرحلة أولى يتم خلالها «الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى من الإسرائيليين مقابل الإفراج عن عدد يتراوح بين 700 وألف أسير فلسطيني، منهم 100 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية»، وفقاً للمقترح الذي اطلعت عليه وكالة «رويترز».

ويشمل ذلك العدد 100 أسير فلسطيني يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح «المجندات النساء». ووفقاً للمقترح، ذكرت حركة «حماس» أنها ستوافق على موعد لوقف دائم لإطلاق النار بعد أول تبادل للرهائن بالأسرى. كما أشارت «حماس» في المقترح كذلك، إلى أن الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي من غزة سيتفق عليه بعد المرحلة الأولى، على أن يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين من الجانبين في المرحلة الثانية من الخطة.

دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إن ما رشح عن التصور الذي سلمته حركة «حماس» للوسطاء القطريين والمصريين يجعله «غير بعيد عن التصور الأميركي الذي تم طرحه في جولة سابقة من التفاوض»، مضيفاً أن التصور المحدث من جانب «حماس» يمكن قبوله إسرائيلياً، إذا كان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو جاداً في استعادة الأسرى من قطاع غزة، خصوصاً أن العدد المقترح تبادله (من 700 إلى 1000 فلسطيني) لا يمثل سوى نسبة ضئيلة للغاية من أكثر من 13 ألف سجين ومعتقل فلسطيني لدى إسرائيل. وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط» أنه بات معروفاً لدى جميع الأطراف أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، معرباً عن توقعه أن «يسعى الأخير إلى عرقلة أي فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة».

وشدد الأكاديمي والسياسي الفلسطيني على أهمية أن «يتعامل الوسطاء بجرأة مع المحاولات الإسرائيلية لعرقلة التوصل إلى حلول وسط»، لافتاً إلى ضرورة أن «يخرج الوسطاء ليعلنوا صراحة من الطرف المسؤول عن إعاقة الحل، أياً كان ذلك الطرف، خصوصاً في ظل عملية استنزاف الوقت واستمرار القتل والتدمير الممنهج لقطاع غزة».

يذكر أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي وصف رد «حماس» على مفاوضات وقف إطلاق النار الذي قدمته لبلاده عبر قطر، بأنه يتضمن «مطالب غير واقعية». وأوضح المكتب في بيان، أن «الإفادة حول الأمر ستُقدم إلى حكومة الحرب ومجلس الوزراء الموسع».

طفل فلسطيني يجلس وسط أنقاض بالقرب من مبنى دُمر خلال غارات إسرائيلية على غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

بدوره، رأى خبير الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن عملية التفاوض من أجل هدنة في قطاع غزة «لا تزال صعبة ومعقدة ويصعب التنبؤ بمسارها»، لافتاً إلى أن العراقيل التي حالت دون التوصل إلى اتفاق في الأسابيع الماضية «لا تزال قائمة».

وأوضح عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، أنه رغم الرغبة الكبيرة من جانب الوسطاء للتوصل إلى اتفاق قبل أو في الأيام الأولى من شهر رمضان؛ فإن عدم التوصل إلى اتفاق بات يمثل «ضغطاً على الجميع». ولفت إلى أن حكومة نتنياهو ربما أرادت أن تظهر في مظهر غير المتعجل للتوصل إلى اتفاق، ومن ثم يمكنها عبر تلك الاستراتيجية كسب مزيد من الوقت والحصول على مزيد من التنازلات من جانب حركة «حماس»؛ إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «حكومة نتنياهو ترغب وبشدة في استعادة الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة، خصوصاً أن هذا الهدف كان في مقدمة أهداف الحرب الراهنة، ولم تحقق قوات الاحتلال بشأنه نجاحاً يذكر إلى الآن».

وتعتقد إسرائيل أن 134 رهينة ما زالوا في غزة بعد الهجوم الذي شنته «حماس» على بلدات في جنوب إسرائيل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين، أفرج عن 105 منهم خلال الهدنة الوحيدة التي شهدها القطاع ودامت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بوساطة أميركية وقطرية ومصرية. ولم تستطع إسرائيل منذ ذلك الحين، استعادة سوى محتجزين اثنين عبر عملية أمنية في غزة، بينما لقي عدد غير محدد من الأسرى مصرعهم جراء القصف الإسرائيلي للقطاع، حسبما أعلنت حركة «حماس» في مناسبات سابقة.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

رغم تسريبات عن «شروط جديدة» فإن عدة مؤشرات تشي بأن الاتجاه نحو «صفقة» في قطاع غزة يزداد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

رحب الصومال بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، وذلك خلال لقاء القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، والوفد المرافق له، في القاهرة، مساء الخميس.

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري، فقد أشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال واعتزازه بعلاقات الشراكة التي تربط القوات المسلحة لكلا البلدين.

وأضاف في بيان له، الخميس، أن لقاء صقر ومحمد نور تناول «مناقشة آخر التطورات والأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار داخل القارة الأفريقية».

ونقل البيان المصري عن وزير الدفاع الصومالي تقدير بلاده لجهود مصر في «إرساء دعائم الأمن والاستقرار لدول القارة الأفريقية كافة»، مرحباً بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي بدولة الصومال، مؤكداً على «أهمية التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والصومالية في مختلف المجالات». حضر اللقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين.

وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال عقب أزمة بين الصومال وإثيوبيا، العام الماضي، بعدما عارضت القاهرة توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

جانب من محادثات وزير الدفاع المصري ونظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

وفي وقت سابق رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة له «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

كما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، أغسطس الماضي «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن «سفينة حربية مصرية سلَّمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية». وكانت القاهرة قد أرسلت طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقّع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس الماضي.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير الجاري.