ما دلالة عودة عمليات «الشباب» إلى قلب العاصمة الصومالية؟

الشرطة أعلنت مقتل مهاجمي فندق مجاور للقصر الرئاسي

قوات صومالية تتولى تأمين مدخل فندق «إس واي إل» القريب من القصر الرئاسي في مقديشو الذي شهد الهجوم (صونا)
قوات صومالية تتولى تأمين مدخل فندق «إس واي إل» القريب من القصر الرئاسي في مقديشو الذي شهد الهجوم (صونا)
TT

ما دلالة عودة عمليات «الشباب» إلى قلب العاصمة الصومالية؟

قوات صومالية تتولى تأمين مدخل فندق «إس واي إل» القريب من القصر الرئاسي في مقديشو الذي شهد الهجوم (صونا)
قوات صومالية تتولى تأمين مدخل فندق «إس واي إل» القريب من القصر الرئاسي في مقديشو الذي شهد الهجوم (صونا)

أعلنت الشرطة الصومالية، الجمعة، مقتل منفذي الهجوم الإرهابي من حركة «الشباب» المتطرفة ضد فندق «إس واي إل» الواقع في أحد المداخل الرئيسية بالقصر الرئاسي، وسط العاصمة مقديشو. وأفادت وكالة الأنباء الصومالية (صونا) بأنه شارك في تنفيذ العملية فرقة من قوات الحرس الرئاسي، وقوات الشرطة الوطنية.

وأعاد الهجوم الأخير التساؤلات حول القدرات التي لا تزال تمتلكها التنظيمات المتطرفة في الصومال، خصوصاً «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، رغم الضربات التي تشنها القوات الحكومية ضد تلك التنظيمات، في وقت تتصاعد فيه حدة المخاوف من تأثير انسحاب القوات التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي نهائياً من الصومال بنهاية العام الحالي.

كانت تقارير إعلامية أشارت الخميس إلى أن مهاجمين في العاصمة الصومالية اقتحموا فندقاً قرب مكتب الرئيس، بعد انفجارين، وذلك مع إعلان حركة «الشباب» مسؤوليتها عن الهجوم.

وقال سكان وشهود عيان لوكالة «رويترز» إن إطلاقاً للنار أعقب انفجارات وقعت، مساء الخميس، عندما اقتحم مهاجمون مجهولون فندق «إس واي إل»، وهو مكان شهير يتجمع فيه المسؤولون الحكوميون والمشرعون. وأعلنت «الشباب» في بيان لها مسؤوليتها عن الهجوم وحصار الفندق. ويشار إلى أنه في عام 2019 أعلنت «الشباب» مسؤوليتها عن مهاجمة الفندق نفسه.

وعقب الهجوم، عقد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اجتماعاً مع كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في مقر قيادة الشرطة الصومالية. وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية» بأنه خلال الاجتماع «تم مناقشة تسريع عمليات تحرير البلاد من عناصر حركة (الشباب)».

ولم تشر الوكالة الصومالية إلى ارتباط الاجتماع بالهجوم على الفندق، إلا أنها أشارت إلى أن الرئيس الصومالي «استمع إلى شرح مفصل من المسؤولين المعنيين، كما دعا في الوقت ذاته إلى تشديد أمن العاصمة، والتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالأمن العام».

الرئيس الصومالي خلال اجتماعه بالقيادات الأمنية عقب الهجوم على فندق بالقرب من القصر الرئاسي (صونا)

وأكد شيخ محمود، خلال الاجتماع، أن «الحكومة ملتزمة بالقضاء على (الشباب) الإرهابية في كافة ربوع البلاد». وتخوض الحكومة الصومالية مواجهات ضارية ضد «الشباب»، وأطلق الرئيس الصومالي في أغسطس (آب) 2022 المرحلة الأولى من عمليات مواجهة التنظيمات الإرهابية، ووجهت القوات الصومالية ضربات كبيرة ضد قوات «الشباب»، لا سيما في إقليمي شبيلي الوسطى والسفلى بوسط البلاد.

وأسفر القتال عن انحسار نطاق سيطرة الحركة المتطرفة بنحو الثلث، وتكبُّدها نحو ثلاثة آلاف قتيل (أي ثلث إجمالي مقاتليها البالغ قوامهم قرابة 9 آلاف مقاتل تقريباً)، واعتقال واستسلام نحو 700 آخرين، بينهم قادة ميدانيون، وانخفاض حجم هجماتها بنسبة 70 في المائة، وفقاً لرئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، الذي أكد في 4 مايو (أيار) الماضي، «تحرير أكثر من 80 قرية وبلدة من سيطرة الحركة، وتحسن أمن العاصمة مقديشو بشكل كبير».

من جانبها، أشارت الباحثة في الشؤون الأفريقية والمتخصصة في شؤون التنظيمات المتطرفة، الدكتورة نرمين توفيق، إلى أن الهجوم الأخير من جانب حركة «الشباب» على الفندق القريب من القصر الرئاسي ليس الأول من نوعه أو الوحيد في سلسلة الهجمات التي تشنها الحركة ضد منشآت معروفة، ويحقق الهجوم عليها صدى إعلامياً، سواء داخل أو خارج الصومال. وأوضحت توفيق لـ«الشرق الأوسط»، أن الهجوم يعطي رسالة واضحة باحتفاظ حركة «الشباب» بقدراتها العملياتية لشن هجمات كبيرة في قلب العاصمة مقديشيو، وفي مناطق تحظى بحضور أمني مكثف لقربها من القصر الرئاسي ومن مرافق سيادية ذات أهمية كبرى، لا سيما في ظل احتفاظ الحركة بحضور لافت لخلاياها في داخل العاصمة ومعرفتها الدقيقة بمداخل ومخارج مقديشو ومنشآتها الحيوية، وقدراتها على إدارة «حرب عصابات» بما يفوق قدرة القوات الحكومية.

ولفتت إلى أن الهجوم لا يخلو من بُعد دعائي، لكنه يحمل أيضاً رسالة موجهة إلى السلطات الصومالية وداعميها بأن «الشباب» لم تتأثر كثيراً بالضربات التي تشنها القوات الحكومية وبعض القوات الأممية والأفريقية الموجودة في الصومال لدعم الحكومة الفيدرالية بهدف التصدي للحركة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».

مقاتلون من «حركة الشباب» الإرهابية (أرشيفية - أ.ب)

ووقعت الحكومة الصومالية خلال الأسابيع الأخيرة اتفاقيتين أمنيتين مع كل من الولايات المتحدة وتركيا لدعم جهود القوات الصومالية في مكافحة الإرهاب. وتضمنت الاتفاقية الموقعة مع تركيا الشهر الماضي تعاوناً دفاعياً واقتصادياً، وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية عقب التوقيع إن أنقرة توفر التدريب للجيش الصومالي منذ أكثر من 10 سنوات، مضيفاً أن الاتفاقية الجديدة تهدف إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين تركيا والصومال.

كما وقعت الولايات المتحدة اتفاقاً أمنياً مع الصومال في 15 فبراير (شباط) الماضي، تعهدت بموجبه واشنطن بتوفير تدريب وتأهيل عالي المستوى للجيش الوطني الصومالي، وتطوير قدرات لواء «دنب» المعروف محلياً باسم «قوات البرق»، لتمكينه من مواجهة التحديات الأمنية للبلاد، وذلك بجانب بناء أربعة مراكز تدريب عسكرية في مقديشو وبيدوا وجوهر وطوسمريب وكيسمايو.

تأتي تلك الاتفاقيات فيما يشهد الصومال زيادةً في وتيرة العمليات التي تنفذها «الشباب»، وبالتزامن مع الانسحاب التدريجي لبعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، التي من المقرر أن تنهي وجودها في الدولة الواقعة بالقرن الأفريقي نهاية العام الحالي.

وحول مدى تأثير انسحاب البعثة الأفريقية من الصومال على نشاط التنظيمات الإرهابية واستهدافها لأهداف حيوية في العاصمة مقديشيو، أشارت الدكتورة نرمين توفيق إلى أن وجود القوات الأفريقية «كان داعماً لكنه لم يكن حاسماً ضد قوات (حركة الشباب)».

وأضافت أن وجود تلك القوات كان يوفر دعماً للحكومة في بعض المناطق التي تتمركز فيها عناصر «الشباب»، كما ساهمت في تدريب عناصر الشرطة الصومالية، لافتةً إلى أنه من المبكر الإجابة بدقة عن مدى تأثر القوات الحكومية بانسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي، خصوصاً في ظل تقارير تؤكد تلقي القوات الحكومية لتدريبات متقدمة، لكن من الصعب التكهن بقدرتها منفردة على التصدي لعناصر «الشباب» التي تمتلك خبرة ميدانية كبيرة وتمرساً في هذا النوع من القتال غير المتماثل.

ومن المقرر أن تستكمل بعثة الاتحاد الأفريقي (أتميس) انسحابها من الصومال في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسط مخاوف من استفحال الاضطرابات الأمنية بعد خروج القوات الدولية، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات السلبية التي خلفتها سنوات الصراع السابقة على مستوى أداء قوات الجيش والشرطة في الصومال.


مقالات ذات صلة

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

العالم العربي رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تتجه الأنظار نحو مصير مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا والتي تعارضها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وصلت إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

تلميح إثيوبي باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو بعد قرار صومالي باستبعادها رسمياً بنهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية مرتقبة، في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات بين الوفد المصري برئاسة السفير إيهاب عوض والوفد التركي برئاسة السفيرة إليف أولغن بمشاركة السفير التركي في القاهرة صالح موتلو شن (الخارجية المصرية)

مشاورات مصر وتركيا بشأن أفريقيا وليبيا... «مساحات تفاهم وتعاون مشترك»

مشاورات دبلوماسية مصرية - تركية بشأن الوضع بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي وليبيا في إطار السعي للتوصل لتفاهمات وتعاون مشترك بتلك المناطق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.