محاولة اغتيال في الزاوية تجدد مخاوف عودة الاشتباكات إلى ليبيا

وسط جهود أممية متواصلة لإقناع الأفرقاء بتشكيل «حكومة موحدة»

الحداد يزور مقر رئاسة أركان القوات البرية في غرب ليبيا (رئاسة الأركان)
الحداد يزور مقر رئاسة أركان القوات البرية في غرب ليبيا (رئاسة الأركان)
TT

محاولة اغتيال في الزاوية تجدد مخاوف عودة الاشتباكات إلى ليبيا

الحداد يزور مقر رئاسة أركان القوات البرية في غرب ليبيا (رئاسة الأركان)
الحداد يزور مقر رئاسة أركان القوات البرية في غرب ليبيا (رئاسة الأركان)

عاش سكان الزاوية في غرب ليبيا، ليلة (الأربعاء)، حالة من التوتر بعد أنباء عن تعرّض أحد العناصر الميليشاوية التابعة لـ«كتيبة 103 مشاة»، المشهورة بـ«السلعة» لمحاولة اغتيال، وسط تخوف من تجدد الاشتباكات المسلحة، وجاء ذلك فيما تسعى البعثة الأممية لكسر حالة الجمود السياسي من خلال إحداث توافق بين الأفرقاء حول تشكيل «حكومة موحدة» في البلاد.

ونقل شهود عيان أن ميليشياوياً يدعى ربيع البكوش، ينتمي لكتيبة «السلعة» التي يقودها عثمان اللهب، تم استهداف سيارته بوابل من النيران قبل صلاة مغرب (الأربعاء)، فتعرض للإصابة ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.

الحداد يزور مقر رئاسة أركان القوات البرية في غرب ليبيا (رئاسة الأركان)

وتعيش الزاوية (شمال غرب) حالة من الهدوء الحذر، منذ توقف الاشتباكات التي شهدتها المدينة مطلع مارس (آذار) الحالي، وخلفت قتلى وجرحى بين عناصر تابعة لآمر «قوة الإسناد الأولي» في الزاوية، محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، وميليشيات تابعة لرشيد البكوش.

وسبقت محاولة اغتيال «الفانوطة» تصفية لعناصر آخرين على مدار الشهر الماضي.

وقال الباحث في مؤسسة «غلوبال إنيشاتيف»، جلال حرشاوي، إن «ما يحدث في مدينة الزاوية وما حولها ليس حالات فردية أو انتقامية كما يشاع؛ بل هي موجة قتل ممنهجة تنفذها جهة معينة، غير معروفة حتى الآن، عازمة على إشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة».

وعادة ما تشهد الزاوية، التي تقطنها تشكيلات مسلحة عديدة، اشتباكات عنيفة، حيث شهدت الشهر الماضي مواجهات دامية بين تشكيلي «أبو راس» و«القصب»، وهما من أكبر الميليشيات المتمركزة في الزاوية.

وقال مصدر سياسي من سكان الزاوية، اليوم (الخميس)، إن المدينة تعيش حالة من الترقب «بسبب تكرر عمليات التصفية الجسدية بين عناصر التشكيلات المسلحة»، لافتاً إلى مقتل عنصرين الأسبوع الماضي «في عمليات ثأرية بين هذه التشكيلات؛.. والجميع ينتظر إما تدخل السلطات أو حدوث كارثة».

في غضون ذلك، لا يزال الوضع السياسي في ليبيا يعاني الجمود، باستثناء بعض المساعي التي يبذلها المبعوث الأممي إلى البلاد، عبد الله باتيلي، لإقناع أفرقاء السياسة بتشكيل «حكومة موحدة». فيما تنتظر الأوساط السياسية ما قد يتمخض من نتائج عن الاجتماع الذي احتضنته جامعة الدول العربية، وحضره رؤساء مجالس الرئاسي والنواب والأعلى للدولة، وانتهى إلى وجوب تشكيل «حكومة موحدة».

حورية الطرمال وزير الدولة لشؤون المرأة في حكومة الدبيبة تحضر جلسة بالأمم المتحدة (حكومة «الوحدة»)

في شأن مختلف، قالت حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، إن وزيرة الدولة لشؤون المرأة حورية الطرمال، حضرت ممثلة للدولة الليبية جلسة حوارية للمرة الأولى في الأمم المتحدة، حملت عنوان (كيفية تفعيل التشريعات الدولية والوطنية والآليات القانونية لحماية النساء والفتيات في زمن الحروب).

وأكدت الطرمال في مستهل كلمتها، التي نقلتها منصة «حكومتنا» اليوم (الخميس)،

أهمية القضية الفلسطينية، مشددة على «حرية وكرامة المرأة الفلسطينية التي ما زالت مكبلة، وهدفاً للانتهاكات والاعتداءات المستمرة من العدوان الإسرائيلي الغاشم».

وتناولت الجلسة، التي ترأستها دولة ليبيا بالتعاون مع منظمة المرأة العربية، على هامش الدورة 68 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، عدة محاور، استعرضت التشريعات والأطر القانونية الدولية والإقليمية والوطنية الخاصة بمواجهة العنف ضد المرأة، سعياً لتقييم آثارها وتسليط الضوء على وضع المرأة في بناء الدولة، وحفظ السلام في أوقات النزاعات وعدم الاستقرار.

الحويج وزير التجارة في حكومة الدبيبة مستقبلاً سفير مالطا (وزارة التجارة)

على جانب آخر، بحث محمد الحويج، وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة «الوحدة» في طرابلس، مع سفير مالطا لدى دولة ليبيا، تشارلز صاليبا، الترتيبات الجارية لعقد الملتقى الليبي - المالطي للتجارة والتصدير خلال الفترة الممتدة من 24 إلى 26 أبريل (نيسان) 2024 بمالطا.

وقال الحويج في تصريح صحافي، مساء (الأربعاء)، إن ليبيا «تتجه نحو الاستقرار السياسي والأمني بكافة المناطق، مما يدعم خطة التنمية للاقتصاد الوطني، وتحسين بيئة الأعمال عبر القطاع الخاص المحلي والأجنبي». مضيفا أن «الملتقى الليبي - المالطي يمثل فرصة لتطوير العلاقات الاستثمارية بين البلدين في مختلف المجالات، وزيادة حجم المبادلات التجارية، والتعاون في مجال جودة المنتجات الأوروبية لنفاذ السلع الليبية إلى الأسواق المالطية والأوروبية»، ودعا إلى تأسيس مجلس أصحاب الأعمال الليبي - المالطي «ليتولى تسهيل الإجراءات لصالح الشركات والمستثمرين مع الجهات المختصة، وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين».

وبخصوص الموقف من المنظمات الدولية العاملة في ليبيا، بحث وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب، عبد الهادي الحويج، سُبل تسهيل عمل منظمات الأمم المتحدة داخل البلاد، والتعامل مع التحديات التي تواجهها خلال أداء مهامها.

واجتمع الحويج مع مدير إدارة المنظمات الدولية ومستشاره لشؤون المنظمات الدولية، وممثلين عن منظمات الأمم المتحدة العاملة في ليبيا، بحسب ما نشره المكتب الإعلامي للحكومة المكلفة من مجلس النواب عبر صفحته بموقع «فيسبوك».

وخلال اللقاء شدد الحويج على تعليمات رئيس الحكومة، أسامة حماد، القاضية بتعزيز قنوات الاتصال مع هذه المنظمات، والفهم الشامل للتحديات المختلفة المرتبطة بالعمل الإنساني والتنموي والإغاثي في ليبيا، مع ضرورة وجود شريك محلي، وعدم السماح لها بالتعامل المباشر مع المواطن الليبي.


مقالات ذات صلة

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين تتفحص رفاة أشلاء تم العثور عليها في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تتجاهل مذكرات اعتقال «الجنائية الدولية» لقادة «ميليشيا الكاني»

رحبت منظمات شعبية بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية عن توقيف 6 أعضاء في ميليشيا «الكانيات» المسلحة، لاتهامهم بـ«ارتكاب جرائم حرب في البلاد»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.