قال الأمين العام لـ«منتدى المستهلك الموريتاني»، أحمد ولد الناهي، إن أسعار بعض السلع والمواد الغذائية سجّلت قفزة كبيرة بالتزامن مع حلول شهر رمضان، متّهماً التجار باستغلال هذا الشهر، ورفع الأسعار التي يكون «المواطن ضحيتها»، على حد تعبيره.
وأوضح ولد الناهي في حوار مع «وكالة أنباء العالم العربي» أن المنتدى نظّم جولة في مختلف الأسواق بالعاصمة نواكشوط، رصد خلالها ارتفاع أسعار «الدجاج المستورد، والبصل، والبطاطا، والقمح». وأشار إلى ما وصفه «التذمر من الغلاء». وعدّ أنّ التجار يستغلّون شهر رمضان لرفع الأسعار، «حيث يُخزّنون المواد الغذائيّة قبل حلول الشهر الفضيل، ثم يفرجون عنها عندما يزداد الطلب؛ ما يؤدي إلى إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، وازدياد الضغوط على الأُسر».
كما أشار ولد الناهي إلى أن الأسواق في موريتانيا تشهد حالة من عدم الاستقرار، عادّاً أن تحديد الأسعار يكون بشكل عشوائي «دون مراعاة للمعايير الاقتصادية والاجتماعية». ومؤكداً أنّ هذه الممارسات تسببت في زيادة الضغوط على الموريتانيين، وتقليل قدرتهم على شراء السلع الأساسية بأسعار معقولة.
وكانت الحكومة الموريتانية قد صادقت الشهر الماضي على عملية «شهر رمضان»، بهدف توفير المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً بأسعار مناسبة للمستهلكين. وتتضمن العملية توفير احتياجات السوق المحليّة من المواد الغذائية الأساسية، وضمان استقرار الأسعار من خلال محاربة التلاعب والمضاربات، واحتكار السلع، والعمل على أن تكون المواد الغذائية الأساسية في متناول الطبقات الأكثر احتياجاً والتوزيع المجاني، والبيع المدعوم للأسماك، إضافة إلى العمل على التوزيع المجاني للمواد الغذائية لمصلحة الفئات الأقل دخلاً.
وقال وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة، لمرابط ولد بناهي، إن قطاعه سيتولى تنظيم السوق وتأمينها، ومحاربة المضاربات، بالإضافة إلى اقتناء بعض المواد الغذائية عند الحاجة لتثبيت الأسعار.
شكاوى من المضاربات
يقول الأمين العام لمنتدى المستهلك: «إن فرق المنتدى نفّذت جولات ميدانية في الأسواق؛ للتحقق من الأسعار، فلاحظت ازدياداً في مضاربات الأسعار وارتفاع بعضها»، موضحاً أن «المنتدى أصبح يتلقى يومياً شكاوى من المواطنين بشأن ارتفاع الأسعار»، وأن الموريتانيين باتوا «يعبّرون عن تذمرهم الشديد من الغلاء، حيث تجاوزت الأسعار الحاليّة قدرتهم الشرائية، خصوصاً مع تقاضيهم رواتب ضعيفة».
وأضاف ولد الناهي أن «موريتانيا تعاني نقصاً في عدد الأسواق المتاحة للسلع والمواد الغذائية، خصوصاً في العاصمة نواكشوط، التي تعد الممون الرئيسي لمعظم المناطق في البلاد، ما يضع ضغوطاً كبيرة على السوق في نواكشوط، ويسهّل على التجار تحكّمهم في الأسعار، واستغلال الظروف لتحقيق أرباح غير مشروعة».
وطالب الحكومة بتعزيز الرقابة على الأسواق، واتخاذ إجراءات حازمة لمنع التجار من استغلال هذا الوضع، وضمان توفير المواد الغذائيّة الأساسية بأسعار معقولة للمواطنين خلال شهر رمضان. كما دعا الأمين العام التجار إلى الالتزام بالأسعار الرسمية، وعدم استغلال الظروف الاقتصادية لتحقيق أرباح غير مشروعة.
وأعلنت الحكومة، يوم الاثنين، فتح مراكز بيع المواد الغذائية بأسعار مدعمة، ونقاط توفير الخضراوات بأسعار مخفّضة، وتوزيع الأسماك مجاناً على الأسر الأكثر فقراً بتمويل بلغ 220 مليون أوقية جديدة.
وتتكون السلة الغذائية الموفرة في هذه المراكز من 25 كيلوغراماً من السكر، و25 كيلوغراماً من الأرز، و25 كيلوغراماً من البطاطا، و25 كيلوغراماً من البصل، و5 لترات من زيت الطهي، و3 كيلوغرامات من مسحوق الحليب، وكيلوغرام واحد من التمر. بالإضافة إلى 10 علب من سمك السردين، مقابل مبلغ مالي إجمالي قدره 2410 أوقيات جديدة.
وقالت مفوضة الأمن الغذائي، فاطمة بنت خطري، إن عملية رمضان هذا العام، الموجهة بالأساس للموريتانيين الأقل دخلاً، شهدت توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث غطّت جميع مناطق نواكشوط الأكثر هشاشة، واستفاد منها المواطنون في عواصم الولايات. موضحة أنه جرت زيادة نوعية المواد الغذائية المقدمة وكميّاتها، في إطار هذه العملية للمواطنين، لتشمل مواد غذائية إضافية.
وأضافت بنت خطري أن هذه العملية «تأتي حرصاً من السلطات العمومية على القرب من المواطنين عموماً، والطبقات الهشّة على وجه الخصوص، مع ضرورة الوقوف إلى جانبهم ومؤازرتهم، خصوصاً خلال الشهر الكريم».
وتعليقاً على عملية رمضان الحكومية، لفت ولد الناهي إلى أن الحكومة دأبت على تنظيم هذه العملية سنوياً، لكنه عدّها لا تنعكس على واقع المواطنين. وعدّ أن الأهم فيها هذا العام توفير الخضراوات بأسعار معقولة.
غير أن الأمين العام لـ«منتدى المستهلك الموريتاني» يرى أن هذا الجهد وحده لا يكفي لتخفيف أعباء التكاليف، التي تثقل كاهل الموريتانيين في شهر رمضان، إذ يعتقد ولد الناهي أن الحكومة مطالبة ببذل جهد أكبر لضبط أسعار السلع والمواد الغذائية، وتوفيرها بأسعار تتماشى مع القدرة الشرائية للموريتانيين، وفق تعبيره.