حزب «الأمة» السوداني يحدد شروطاً جديدة لاستمراره في «تقدم» بقيادة حمدوك

دعا للحياد بين طرفي الحرب وانتقد إعلان أديس أبابا مع «الدعم السريع»

حمدوك (يمين) يصافح «حميدتي» في أديس أبابا (تويتر)
حمدوك (يمين) يصافح «حميدتي» في أديس أبابا (تويتر)
TT

حزب «الأمة» السوداني يحدد شروطاً جديدة لاستمراره في «تقدم» بقيادة حمدوك

حمدوك (يمين) يصافح «حميدتي» في أديس أبابا (تويتر)
حمدوك (يمين) يصافح «حميدتي» في أديس أبابا (تويتر)

وجّه «حزب الأمة القومي» السوداني انتقادات حادة لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، وألمح إلى «إعادة النظر» في استمراره في التحالف حال عدم إجابة مقترحاته، ومن بينها انتقاده توقيع إعلان أديس أبابا مع قوات «الدعم السريع»، و«عدم حياد» التحالف المدني بين طرفي الحرب، وترجيح دور منظمات المجتمع المدني على الأحزاب، ومساواة الحركات المسلحة بها، وعدم مراعاة أوزان الأحزاب في هياكل التحالف، وأعطى مهلة أسبوعين لإجراء الإصلاحات المرجوة ليحدد بموجبها مصير استمراره في التحالف من عدمه.

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

وانتقد الحزب، الذي يعدّ أحد أكبر الأحزاب السودانية، في مذكرته توقيع «إعلان أديس أبابا مع قوات الدعم السريع، باعتباره فعلاً ماساً بدور الوسيط في حل النزاعات»، وقال: «برغم الإيجابيات التي وردت فيه، فإنه يجانب الأساس الصحيح للتوسط في حل النزاعات، فضلاً عن مخالفته مسار العمل المتفق عليه في خريطة الطريق الصادرة عن (تقدم)، التي قصرت الاتصال بطرفي الحرب على مداولة وقف العدائيات، كما أن التعهدات التي تضمّنها تحقق عكسها على الأرض».

وقال «الأمة» في مذكرة إصلاحية قدّمها لـ«تقدم» بالقاهرة، الجمعة، إن التمثيل في التحالف «رجّح دور المجتمع المدني، مهنيين، ونقابات، ولجان مقاومة، على الأحزاب، برغم أن المقام هو مقام سياسي».

وقسمت «تقدم» حصص أطرافها إلى 30 بالمائة للأحزاب السياسية والحركات المسلحة، و70 بالمائة لقوى المجتمع المدني، وأبدى «حزب الأمة» تحفظه على وضع الأحزاب والحركات المسلحة ضمن فئة واحدة.

وحذّر الحزب مما أسماه «شبهات غياب الحياد الإيجابي والانحياز الإعلامي لأحد طرفي الحرب»، ملمحاً بصراحة لانحياز «تقدم» لجانب قوات «الدعم السريع»، كما انتقد ما أطلق عليه «الدور الأجنبي المتجاوز لكونه ميسراً وممولاً ومساعداً للقوى المدنية، لمساعدة أنفسهم».

وشارك رئيس «حزب الأمة» فضل برمة ناصر، وأمينه العام الواثق البرير، ومساعد رئيس الحزب الصديق الصادق المهدي، في توقيع «إعلان أديس أبابا». ولم يعلنوا أي تحفظات بشأنه وقتها.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان خلال تفقده عدداً من قواته (إعلام مجلس السيادة السوداني)

وأشار الحزب إلى عدم رضاه عن تمثيله في تحالف «تقدم»، بقوله: «لا توجد معايير موضوعية لتمثيل الأحزاب السياسية، بما يراعي اختلاف الأوزان، ولا تمثيل المجموعات المدنية، وعلى رأسها المهنيون»، إلى جانب استعجال التحضير للمؤتمر التأسيسي من دون تحقيق المشاركة الواسعة المطلوبة.

وشدّد على «أهمية رفع نسبة تمثيل النساء في التحالف إلى 40 بالمائة، لتماثل النسبة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية لتمثيل النساء في المجلس التشريعي، بدلاً من نسبة 30 بالمائة التي خصصتها (تقدم) لهن»، عادّاً ذلك «تراجعاً عن الحقوق المكتسبة للنساء بأمر الثورة».

وقال إنه درس مشاركته في «تقدم» وتوصل لضرورة إصلاحها، «بما يجعل من التحالف الأقدر على تنفيذ مهمة وقف الحرب، وربطها بالتحول المدني الديمقراطي، بما يؤمن الوجود الوطني والسلام والديمقراطية والعدالة والتوازن».

ووعد «الأمة» بتقديم مقترحات إصلاحية تفصيلية في غضون 72 ساعة، مشترطاً حصوله على ردود عليها خلال أسبوعين، «يتخذ وفقها الإجراءات اللازمة من أجل تحديد دوره في التحالف».

الراحل الصادق المهدي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأعاد التشديد على أهمية ما أسماه «الحياد التام» بين طرفي الحرب، وتصحيح «أي مسلك يتعارض مع الحياد»، والتزام خريطة طريق «تقدم»، مع تغليب تمثيل الأحزاب والقوى السياسية وفقاً لمعايير موضوعية، وتحديد مرجعية واضحة لتمثيل المجموعات المدنية. ونوّه إلى أهمية تسريع الاتصالات مع القوى السياسية، وتوسعة التحالف بصورة جادة، «لتجاوز مشكلات المرحلة السابقة، وتصميم عملية سياسية تلي مرحلة وقف العدائيات».

الراحل حسن الترابي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويعدّ «حزب الأمة القومي» إحدى ركائز تحالف «تقدم»، وخروجه منه أو تجميد نشاطه فيه يشلّ التحالف الذي تنظر إليه القوى المناهضة للحرب أنه الأقدر. ويعدّ من أكبر وأعرق الأحزاب السياسية السودانية، وفاز في آخر انتخابات برلمانية حرة ونزيهة بأعلى الأصوات، وشكّل آخر حكومة ديمقراطية، ترأسها رئيسه الراحل الصادق المهدي.

وأُسقطت حكومة المهدي بانقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989 الذي نفذته «الجبهة الإسلامية» بقيادة صهره الراحل حسن الترابي، الذي حكم البلاد أكثر من 30 سنة، برئاسة الرئيس السابق عمر البشير.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».