تونس: ضعف الإقبال على التنافس لعضوية مجالس الأقاليم

مشهد من أجواء انتخابية سابقة في العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
مشهد من أجواء انتخابية سابقة في العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
TT

تونس: ضعف الإقبال على التنافس لعضوية مجالس الأقاليم

مشهد من أجواء انتخابية سابقة في العاصمة التونسية (أ.ف.ب)
مشهد من أجواء انتخابية سابقة في العاصمة التونسية (أ.ف.ب)

كشفت هيئة الانتخابات التونسية، الأحد، عن قائمة المرشحين المقبولين أولياً لانتخابات أعضاء المجالس الخمسة للأقاليم في تونس، وأكدت تقدم 86 عضو مجلس جهوي لاختيار 24 منهم في مجالس الأقاليم التي ستفضي لاحقاً إلى تركيز مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية) إلى جانب البرلمان المنبثق عن انتخابات 2022.

واتضح من خلال عدد المرشحين، أن عنصر المنافسة سيغيب عن عدد من الأقاليم؛ إذ إن أربع جهات لم تشهد سوى مرشح واحد، وهو ما يعني الفوز بالتزكية، وتشمل القائمة ولايات (محافظات): أريانة وزغوان وقابس والمنستير.

تونسي يدلي بصوته خلال الانتخابات السابقة (رويترز)

أما مقعدا ولايتي توزر (جنوب) وجندوبة (شمال غربي)، فسيبقيان شاغرين لعدم وجود مرشحين أصلاً، وهو ما كان محل استغراب الكثير من المتابعين للمسار السياسي، وجعل عدداً من المنظمات الحقوقية المهتمة بالشأن الانتخابي، يتشير إلى غياب عنصر المنافسة، الذي يعد أساسياً في الممارسة الديمقراطية، ويدعو إلى تقييم هذا المسار المغاير لما عرفته تونس خلال المحطات الانتخابية التي أجريت بعد 2011.

وعدّ مراقبون أن غياب المرشحين عن بعض الهياكل الدستورية، ليس جديداً، بل إن سبعة مقاعد في مجلس النواب، لا تزال شاغرة رغم انطلاقه في عمله منذ نحو السنة.

كما أشار هؤلاء المراقبون، إلى أن إعلان السلطات التونسية عن عدم تمكين أعضاء المجالس المحلية، ومجالس الأقاليم والمجالس الجهوية، من حوافز مادية، ربما يكون من بين أسباب ضعف الإقبال على الترشح، علماً أنه من المتوقع أن تحتدم المنافسة عندما تحين ساعة الترشح لـ«المجلس الوطني للجهات والأقاليم» الذي يحظى أعضاؤه برواتب تماثل نظيرتها في البرلمان.

يُذكر أن هيئة الانتخابات التونسية عبرت عن استعدادها لسد الشغور الحاصل في المقاعد البرلمانية الممثلة للتونسيين المقيمين بالخارج، وأكدت أنها في انتظار ملاحظة حالة الشغور من قبل البرلمان الذي يترأسه إبراهيم بودربالة، ومن ثم توجيه مراسلة إلى الهيئة لتنطلق في الإجراءات المؤدية إلى تجاوز هذا الخلل التشريعي، وهي خطوات لم تحصل إلى حد الساعة.

الرئيس قيس سعيد في لقاء مع رئيس هيئة الانتخابات (موقع الهيئة)

وبالعودة إلى قائمة المترشحين لعضوية مجالس الأقاليم، فقد اتضح أن الإقليم الأول شهد ترشح 14 عضواً، أما الإقليم الثاني، فقد ترشح له 22 عضواً، وفي السياق ذاته، شهد الإقليم الثالث ترشح 23 عضواً، وتقدم للإقليم الرابع 17 مرشحاً، في حين أن الإقليم الخامس قد عرف ترشح 10 أعضاء.

ومن المنتظر إثر الانتهاء من تركيز المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، التوجه لاختيار أعضاء «المجلس الوطني للجهات والأقاليم»، وهو يمثل الخطوة النهائية لاستكمال المسار السياسي الذي أقرّه الرئيس التونسي قيس سعيد نهاية سنة 2021، بعد إعلانه التدابير الاستثنائية التي أفضت إلى حل حكومة هشام المشيشي، والبرلمان الذي كان يترأسه راشد الغنوشي، والقطع مع منظومة الحكم السابقة التي كانت تتزعمها «حركة النهضة».

وبالانتهاء من هذا المسار السياسي، ينتظر أن تتفرغ الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها نهاية السنة الحالية. وهي انتخابات تبدو أكثر تنافسية، بعد أن عبر أكثر من طرف سياسي عن نية الترشح في وجه الرئيس قيس سعيد.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».