هدنة غزة: هل تدفع تحركات الوسطاء إلى حلحلة «نقاط الخلاف»؟

الدخان تصاعد عقب غارة إسرائيلية على شمال غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان تصاعد عقب غارة إسرائيلية على شمال غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: هل تدفع تحركات الوسطاء إلى حلحلة «نقاط الخلاف»؟

الدخان تصاعد عقب غارة إسرائيلية على شمال غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان تصاعد عقب غارة إسرائيلية على شمال غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

تترقب أطراف الوساطة من أجل التوصل إلى «تهدئة» في قطاع غزة، استئناف المفاوضات، التي قالت مصادر مصرية، إنها «ستعقد في القاهرة خلال أيام»، حيث يسابق الوسطاء الزمن من أجل إقرار «هدنة» في غزة قبل شهر رمضان، وبينما رجح بعض الخبراء أن «يكون هناك وقف للقتال لعدة أيام يجري خلالها استمرار التفاوض لحين التوصل إلى هدنة أطول»، قال آخرون إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غير معني كثيراً بفكرة التوصل إلى هدنة في رمضان».

وتعثرت جولة التفاوض الأخيرة التي استضافتها القاهرة على مدى 4 أيام متواصلة في التوصل إلى اتفاق، وبرزت عقبات حالت دون إعلان هدنة جديدة بالقطاع الذي دخلت المعارك فيه شهرها السادس، إذ أبدى طرفا الحرب تمسكاً بمواقفهما، ورفضت إسرائيل التعهد بـ«وقف كامل ومستدام لإطلاق النار»، كما أصرت حركة «حماس».

وأعلنت حركة «حماس»، الخميس، أن وفدها غادر القاهرة، بينما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عن مصدر، وصفته بـ«الرفيع» قوله، إن «وفد (حماس) غادر القاهرة للتشاور حول الهدنة، وسيتم استئناف المفاوضات خلال أيام»، وأشارت القناة إلى أن «المشاورات مستمرة بين الأطراف كافة للوصول إلى الهدنة قبل حلول شهر رمضان».

وأعلن أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» اليوم (الجمعة)، إن الأولوية الأولى للتوصل إلى اتفاق لتبادل المحتجزين مع إسرائيل هي الالتزام التام بالوقف الكامل للحرب على غزة وعودة النازحين وإعادة إعمار القطاع.

وقال أبو عبيدة في كلمة مسجلة، إن «حماس» مصممة على عدم التنازل في أي من القضايا الأساسية والإنسانية التي تطالب بها، ولا يهمها أي أطروحات لا تتضمن هذه القضايا. وأضاف أن المجاعة في غزة ألقت بظلالها على جميع الموجودين في القطاع، بمن فيهم المحتجزون الإسرائيليون.

وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات بدأت الأحد الماضي، في القاهرة، بغياب ممثلين عن إسرائيل، وشاركت فيها وفود أميركية وقطرية ومصرية، إلى جانب وفد حركة «حماس». ويفترض أن تشمل الهدنة المطروحة إطلاق محتجزين في غزة مقابل معتقلين وسجناء فلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.

وينصّ الاقتراح الذي تقدمت به الدول الوسيطة (مصر وقطر والولايات المتحدة) على وقف القتال لمدة 6 أسابيع وإطلاق سراح 42 محتجزاً في غزة، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

مسعفون يفرغون جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا بشمال قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بمصر وجامعة القاهرة، والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، أن استمرار عملية التفاوض والوساطة هي الأساس للبحث عن انفراجة في المشهد الراهن، لكن من دون ربطها بأفق زمني محدد، ومن بينها التوصل إلى هدنة قبل شهر رمضان، لافتاً إلى أن الاعتبارات الإنسانية والطبيعة الروحية للشهر الفضيل هي ما تدفع أطراف عدة إلى السعي من أجل إقرار تهدئة خلال تلك الأيام ذات الرمزية الدينية.

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجانب الإسرائيلي «لا يلقي بالاً لطبيعة الفترة الزمنية سواء في رمضان أو غيرها»، وأن إصرار الإسرائيليين «واضح في عدم الدخول في تفاوض يضع عليهم التزاماً بوقف شامل وكامل للحرب»، مرجحاً إمكانية قبولهم «هدناً مؤقتة» بآفاق زمنية محددة ومرتبطة بأعداد من المحتجزين الذين سيطلق سراحهم في غزة، وهو هدف أساسي لدى حكومة الحرب الإسرائيلية للتخفيف من الضغوط الداخلية، والإشارة إلى قدرتها على تحقيق أهداف ملموسة من استمرار عملياتها العسكرية.

ورأى فهمي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «غير معني كثيراً بفكرة التوصل إلى هدنة في رمضان، بل ربما يسعى إلى استغلال الحساسية الدينية للشهر الفضيل وسيلة لتحقيق مزيد من المكاسب»، لذا يسعى إلى إبداء مزيد من التشدد، لتصدير صورة عن قدرته على الصمود في مواجهة جميع الضغوط.

ولم ترسل الحكومة الإسرائيلية وفداً للمشاركة في جولة التفاوض الأخيرة بالقاهرة، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين بالحكومة تبريرهم لذلك، بأنه لا جدوى من المشاركة بسبب رفض حركة «حماس» تقديم لائحة بأسماء وأعداد الأسرى الأحياء، وهو ما ردت عليه الحركة بالقول إن تحقيق ذلك «أمر صعب» في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع.

جندي إسرائيلي يجلس في ناقلة جند مدرعة بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة خلال وقت سابق (رويترز)

وفي تصريحات متزامنة مع انتهاء جولة التفاوض الأخيرة بشأن التهدئة في غزة، رهن نتنياهو نجاح حربه ضد قطاع غزة وحركة «حماس» باجتياح مدينة رفح (أقصى جنوبي القطاع)، حيث يحتشد ملايين الفلسطينيين النازحين، مُبدياً تمسكاً بالمضي قدماً في عملية اجتياح المدينة برياً رغم ما يصفه بـ«ضغوط دولية مزدادة».

وحذرت مؤسسات دولية ودول عدة من بينها الدول الثلاث الضالعة في جهود الوساطة من خطورة اجتياح مدينة رفح من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في ظل تكدس ما يزيد على 1.4 مليون نازح فلسطيني بالمدينة يعانون وضعاً إنسانياً متأزماً.

من جانبه، توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، استئناف المفاوضات في القاهرة، الأحد المقبل، واصفاً ذلك اليوم بـ«الصعب»، لأنه يسبق حلول رمضان بساعات قليلة، والتوصل إلى اتفاق يمثل «أولوية لدى الوسطاء».

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك جهوداً إقليمية ودولية مكثفة تسابق الزمن، سواء على مسار الوساطة المصرية والقطرية والأميركية، أو من خلال مشروع القرار المقترح على مجلس الأمن، مشيراً إلى أن محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي إطالة أمد الحرب بشتى الوسائل، وآخرها عبر التصعيد والإشارة إلى مضي قواته نحو اجتياح رفح، «تُعقد الأمور، وبخاصة مع الوسطاء».

مساعدة فتاة فلسطينية جريحة بعد غارة إسرائيلية على الزوايدة وسط قطاع غزة (أ.ب)

وتوقع الرقب أن «يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الهدنة في الساعات الحاسمة قبل رمضان»، لافتاً إلى أن استمرار الحرب في شهر رمضان ستكون له «عواقب وخيمة على كل المستويات»، وإسرائيل ستكون أول المتضررين، إذ من المحتمل أن يؤدي استمرار الحرب إلى تسخين جبهات عدة في الضفة الغربية، وحتى في الشارع العربي داخل إسرائيل، فضلاً عن تنامي ضغوط الرأي العام في الدول العربية والإسلامية. كما توقع أن «يكون وقف القتال لعدة أيام يجري خلالها استمرار التفاوض لحين التوصل إلى هدنة أطول»، مرجحاً أن تحاول الحكومة الإسرائيلية كسب الوقت لإجلاء الفلسطينيين من رفح، تمهيداً لتنفيذ اجتياح بري، وهو أمر يكتنفه كثير من الصعوبات الميدانية، ومن ثم الانتقال في المرحلة التالية إلى قضايا أكثر تعقيداً، وهو ما تريد إسرائيل أن تصل إليه بعد عملية رفح ظناً منها أنها ستكون في موقف قوة في ذلك الحين.

وعلى مدى أسابيع، يحاول وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة تقريب وجهات النظر بين «حماس» وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، إلا أن هذه المساعي تواجه عقبات. ومنذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم يشهد القطاع الفلسطيني سوى هدنة واحدة دامت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلق خلالها سراح 105 من المحتجزين في غزة من الإسرائيليين والعمال الأجانب في مستوطنات غلاف غزة، مقابل الإفراج عن أكثر من 200 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون لملء المياه في مخيم مؤقت للنازحين بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط البرد والمطر... «الصليب الأحمر» يدعو لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة

دعا الصليب الأحمر الدولي اليوم إلى توصيل المساعدات الإنسانية «بامان ومن دون عوائق» إلى قطاع غزة، حيث يموت الأطفال بسبب البرد بعد أن مزقته الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

رحبت الحكومة السودانية بقرار إدارة الرئيس الأميركي جورج بادين (المنتهية ولايته) الذي فرضت بموجبه عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وعدد من الشركات التابعة له، وحثت بقية دول العالم على اتخاذ خطوات مماثلة، واتخاذ موقف موحد وصارم من قبل الأسرة الدولية ضد ما سمته «المجموعة الإرهابية» لإجبارها على وقف الحرب.

لكن «قوات الدعم السريع»، عدت القرار امتداداً لما سمته فشل سياسة إدارة الرئيس المنتهية ولايته، الشرق أوسطية، وقالت إنه «بلا قيمة»، اتبع فيه معايير «مزدوجة» لدعم التيار الإسلامي الرافض لوقف الحرب، وعدّته أيضاً أنه «تعميق للأزمة»، وتوعدت بالاستمرار فيما أطلقت عليه «اقتلاع دولة الظلم والطغيان».

ورحب مساعد القائد العام الفريق أول، ياسر العطا، بالقرار الأميركي، وقال في تصريحات، إنه يدعم جهود السودان في تعزيز الأمن وسيادة القانون، واعترافاً من واشنطن بأن هدف قوات «الدعم السريع» هو السيطرة على السودان بالقوة.

الفريق ياسر العطا (وكالة السودان للأنباء)

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية في بيان صحافي، الأربعاء، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، اتفاقها على ما مع جاء في القرار الأميركي، وأن «حميدتي مسؤول عن فظائع ممنهجة ضد الشعب السوداني، تتضمن اغتصابات جماعية»، وأن الرجل يوظف «واجهات تجارية» في دول إقليمية لتمويل حربه ضد السودان. ودعت الخارجية، الأسرة الدولية لاتخاذ خطوات مماثلة ضد «قيادة الميليشيا ورعاتها»، وتبني موقف «موحد وصارم» في مواجهة «الجماعة الإرهابية، وإجبارها على وقف حربها ضد الشعب السوداني ودولته ومؤسساته الوطنية».

«الدعم»: مكافأة لدعاة الحرب

‏وانتقدت «قوات الدعم السريع» القرار الأميركي وعدّته «مؤسفاً ومجحفاً»، ومكافأة للطرف الآخر (القوات المسلحة السودانية). وقالت في بيان على منصة «تلغرام» إن القرارات التي صدرت من إدارة جو بايدن المنتهية ولايتها، سياسية «محضة» تم اتخاذها دون تحقيق دقيق ومستقل حول الطرف المتسبب في اندلاع هذه الحرب «الكارثية». وأضافت: «لقد تم إشعال هذه الحرب من قيادة القوات المسلحة السودانية والإسلاميين، والأدلة التي تثبت ذلك متاحة للجميع».

«قوات الدعم السريع» متهمة بقصف مخيم زمزم بدارفور وارتكاب مجازر في الجنينة (مواقع سودانية)

وأشارت إلى قرار الخارجية الأميركية بخصوص ارتكاب «قوات الدعم السريع» إبادة جماعية في السودان، وقال إنه قرار «جانبه الصواب، لم يذكر على وجه التحديد المجموعة التي ارتكبت ضدها الإبادة الجماعية، ولا مكان وقوعها». وذكر البيان أن «جريمة الإبادة الجماعية خطيرة ولا ينبغي للإدارة الاميركية أن تتعامل معها بهذا المستوى من التعميم، الذي يؤكد أن القرار تم اتخاذه لاعتبارات سياسية لا علاقة لها بالأسس القانونية المتعلقة بالإبادة الجماعية من حيث التعريف والإثبات». ووصفت «الدعم السريع» القرارات بأنها انتقائية، لن تساعد في تحقيق التوصل إلى حل سياسي. كما «تجاهل القرار الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية على نطاق واسع بالقصف الجوي، الذي أودى بحياة أكثر من 4 آلاف مدني» حسب بيان «الدعم السريع». وأشار البيان إلى أن «العقوبات الأميركية وضعت العربة أمام الحصان، وتمثل مكافأة للطرف الرافض لإيقاف الحرب، ومعاقبة دعاة الوحدة والسلام».

فشل إدارة بايدن

من جهته، وصف مستشار «حميدتي»، الباشا طبيق، على صفحته بمنصة (إكس) القرار الأميركي بأنه تعبير عن فشل إدارة الرئيس جو بايدن في التعاطي مع الأزمة السودانية، أسوة بفشلها في كثير من ملفات الشرق الأوسط.

وعدّ القرار امتداداً لنهج «ازدواجية» المعايير الذي دأبت إدارة الرئيس المنتهية ولايته على اتباعه، بالاستجابة لـ«لوبيات الضغط» المعلومة، وطرائق تعاملها مع مثل هذه الملفات. وأبدى طبيق أسفه على القرار، وعدّه «دفعة معنوية» للحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي، وتشجيعاً لها على «الاستمرار في إبادة الشعب السوداني، وارتكاب مزيد من الجرائم الشنيعة ضد المدنيين، ومواصلة الطيران الحربي للمزيد من قتل النساء والأطفال».

وعدّ طبيق القرار دعماً لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لتكوين المزيد مما سماها «الميليشيات الإرهابية والقبلية لإطالة أمد الحرب»، ووصفه بأنه «ليست له قيمة ولن يؤثر على الوضع الراهن، بل قد يعقد الأزمة والتوصل لمفاوضات جادة». وقطع طبيق بأن القرار لن يثني الدعم السريع عن الاستمرار في «اقتلاع دولة الظلم والطغيان، وإنهاء الهيمنة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وبناء الدولة الجديدة على أسس المواطنة والعدالة والمساواة».

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

من جهة أخرى، قلل دبلوماسي سوداني طلب حجب اسمه، من تأثير القرار، وبأنه لن يحدث أثراً كبيراً بعدّه أحادياً ولم يصدر عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، وأنه غير ملزم لدول العالم. ونوه إلى أن الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب، ستنشغل بالقضايا الداخلية وليس السودان من أولوياتها، وأن ملف التنفيذ سينتظر الإعلان عن السياسة الخارجية للرئيس ترمب.

وقال رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور، الصادق علي حسن، وهي هيئة حقوقية طوعية لـ«الشرق الأوسط»، إن العقوبات كانت متوقعة، استناداً إلى «الممارسات الجسيمة» التي ترتكب في مناطق سيطرة الدعم السريع. وتابع: «هي رسالة لقائد القوات وحلفائه».

وتوقع المحامي حسن، أن تحدث العقوبات تغييرات كبيرة في المشهد السياسي، تتأثر بها على وجه الخصوص المجموعة التي تستعد لإعلان «حكومة منفى»، وأضاف: «ستجد نفسها في أوضاع لا تحسد عليها، وأن تقديراتها كانت متعجلة، ولم تُبنَ على قراءة ناضجة»، وذلك في إشارة إلى مباحثات تجري بين «الدعم السريع» والجبهة الثورية ومدنيين منتمين لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» لتشكيل حكومة تنتزع الشرعية من الحكومة التي يترأسها قائد الجيش.

قائمة العقوبات تضم كرتي

وفرضت الإدارة الأميركية، أمس، عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وسبع شركات توفر المعدات العسكرية والتمويل لقواته في ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، في أثناء الصراع المسلح مع الجيش السوداني.

علي كرتي الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في السودان (غيتي)

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إن «الدعم السريع»، ارتكبت «إبادة جماعية في دارفور، وتورطت في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، وقامت بعمليات القتل بدوافع عرقية، وارتكبت أعمال العنف الجنسي كسلاح حرب»، وإن حميدتي بصفته المسؤول عن هذه القوات يتحمل المسؤولية عن الأفعال البغيضة وغير القانونية.

ولا تعد هذه العقوبات الأولى ضد شخصيات ومسؤولين سودانيين، فقد أصدرت وزارة الخزانة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقوبات على مسؤولين سابقين؛ هم «مدير مكتب البشير السابق طه عثمان أحمد الحسين، ومدير جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله (قوش)، ومديره الأسبق صلاح محمد عطا المولى»، لدورهم في تقويض الأمن والسلام.

وشملت العقوبات الأميركية الأمين العام للحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي، وقائد منظومة الصناعات الدفاعية، ميرغني إدريس، وقائد عمليات «قوات الدعم السريع» (عثمان عمليات)، والقائد الميداني بـ«الدعم السريع»، علي يعقوب، الذي قتل في معارك مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور قبل عدة أشهر.