وقعت موريتانيا، اليوم الخميس، في نواكشوط مع الاتحاد الأوروبي، إعلاناً للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، يشتمل على نقاط متفرقة، منها منع أمواج المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين، الذين لا يتمتعون بحق الإقامة على التراب الأوروبي، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».
ويتضمن الاتفاق أيضاً التعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها، مع احترام حقوقهم الأساسية، التي تكفلها القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني. وشهدت البلاد أمس الأربعاء، وقفات احتجاجية معارضة لتوقيع الاتفاق؛ حيث قامت قوات الأمن الموريتانية بمنعها والتصدي لها. وستحصل موريتانيا على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، تتجاوز قيمتها 500 مليون يورو، وتعهدات بإقامة مشاريع في مجال الطرق والطاقة الكهربائية.
لكن معارضي الاتفاق حول محاربة الهجرة يصفونه بـ«الجريمة»، وبـ«بيع أراضي موريتانيا للأوروبيين بهدف توطين مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا، الذين يتم ترحيلهم من أوروبا إلى موريتانيا»، وهو ما تنفيه الحكومة الموريتانية بشدة. وتعج وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا بتحذيرات شديدة من السماح بتوقيع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، وعدّه خيانة عظمى لموريتانيا وتهديداً لوجودها. وقد أثار الاتفاق حول محاربة الهجرة غير الشرعية مخاوف كبيرة في الشارع الموريتاني من أن تتحول موريتانيا إلى شرطي لأوروبا بغرض حماية حدودها ومياهها الإقليمية، ومنع تدفق المهاجرين إليها. وتحولت سواحل موريتانيا في السنوات القليلة الماضية إلى منطلق لقوارب الموت التي تقل مهاجرين أفارقة غير نظاميين إلى أوروبا، وتحديداً إلى شواطئ جزر الكناري في هذا الأرخبيل الإسباني القريب من السواحل الموريتانية.
وسبق أن دعت أحزاب المعارضة في موريتانيا الحكومة إلى عدم توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، تؤوي نواكشوط بموجبها مهاجرين غير شرعيين، داعية الشعب إلى الوقوف صفاً واحداً لمنع اتخاذ هذه الخطوة. وعدّت الأحزاب المنضوية تحت لواء المعارضة في بيان أن اتفاق الحكومة مع الاتحاد بخصوص المهاجرين يشكل «خطراً على الأمن القومي الوطني». وقالت إن «الاتفاق يؤثر بشكل مباشر على تغيير التركيبة الديموغرافية للبلد، وتهديد قيمه الدينية والثقافية، ومستقبل أجياله، والضغط على موارده الاقتصادية المحدودة، ومساهمته في انتشار الجريمة المنظمة والعابرة للحدود».
وكانت الحكومة الموريتانية قد نفت عدة مرات توصلها إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لاستقبال وإيواء المهاجرين غير الشرعيين. كما نفى الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة، الناني ولد اشروقه، في مؤتمر صحافي، توقيع اتفاقية مع الاتحاد في مجال الهجرة، مشدداً على أن الحكومة تسعى إلى إطار يسمح بمكافحة الهجرة وتحديد الأطراف المشاركة فيه. وقال ولد اشروقه إن حكومة موريتانيا تسعى إلى تحديد الالتزامات التي سيضطلع بها الاتحاد الأوروبي، وتلك المتعلقة بموريتانيا لحماية الحدود، إضافة إلى الموارد اللازمة وآليات التقييم والمتابعة. مضيفاً أنه «لا توجد أي اتفاقية تربط موريتانيا بالاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة، وإنما هناك اتفاقية ثنائية منذ سنة 2003 بين موريتانيا وإسبانيا، بعدّها دولة مجاورة، وقد طالبت بلادنا نظراً لقدم هذا الاتفاق والتحديات الموجودة بإلغاء أو مراجعة الاتفاقية، وتم عقد لقاءات بين الجانبين بهدف وضع إطار بين بلادنا والاتحاد الأوروبي».