«الحمى القلاعية» تعمّق خسائر الليبيين قبل رمضان

الحكومتان تتسابقان في مكافحة المرض وحماية الثروة الحيوانية

فحص الأغنام في سوق الثلاثاء الشعبية بالزاوية غرب ليبيا (الشرطة الزراعية)
فحص الأغنام في سوق الثلاثاء الشعبية بالزاوية غرب ليبيا (الشرطة الزراعية)
TT

«الحمى القلاعية» تعمّق خسائر الليبيين قبل رمضان

فحص الأغنام في سوق الثلاثاء الشعبية بالزاوية غرب ليبيا (الشرطة الزراعية)
فحص الأغنام في سوق الثلاثاء الشعبية بالزاوية غرب ليبيا (الشرطة الزراعية)

يشتكي عدد من الليبيين في أنحاء البلاد من انتشار مرض «الحمى القلاعية» بين قطعانهم، بينما تسارع الحكومتان المتنازعتان على السلطة في مكافحته بإجراءات احترازية، وسط مخاوف من ازدياد الوضع الوبائي، لا سيما مع قدوم شهر رمضان.

وتحدث رئيس لجنة إدارة «المركز الوطني للصحة الحيوانية»، الدكتور عبد الرحمن اجبيل، لوسائل إعلام محلية، عن انتشار المرض في 47 بؤرة في أنحاء ليبيا، من بينها منطقة زليتن في الساحل الغربي، والجبل الأخضر في شرق البلاد.

قطيع من الأغنام قبيل عرضه على الفحص الطبي (الشرطة الزراعية)

وفيما لفت اجبيل إلى نفوق قرابة ألف رأس من الأبقار والأغنام، قال إن «هناك تخوفاً من أن تكون الأرقام الحقيقية للإصابات أكبر من المُعلَن».

ووسط تحرك الحكومتين، تزيد الأجهزة الأمنية من إغلاق أسواق الماشية، وتمنع انتقال الشحنات التي تنقلها بين المدن المختلفة للحد من انتشار المرض، الأمر الذي يكبّد المربين خسائر فادحة.

وعقدت اللجنة المركزية، التي يترأسها نائب رئيس حكومة «الوحدة» ووزير الزراعة والثروة الحيوانية حسين القطراني، اجتماعاً لبحث مقترحات الحد من المرض، وانتهت إلى ضرورة توفير المستلزمات المطلوبة لمكافحة المرض، وتعزيز دور الإعلام والإرشاد.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، أغلقت في ليبيا أسواق كثيرة للماشية، من بينها قصر بن غشير وترهونة وزليتن، وأجدابيا بقصد الحد من انتشار «الحمى القلاعية»، وسط تحذير مركز الصحة الحيوانية من تفشي «الجلد العقدي» و«الحمى القلاعية».

وكلّف أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية الموالية لمجلس النواب بشرق البلاد، الجهات الرقابية والصحية والبلديات، بمتابعة الأزمة «بشكل عاجل»، واتخاذ ما يلزم من إجراءات حيالها لمنع انتشار المرض. ونوهت الحكومة، في بيان لها أمس (الاثنين)، لورود تقارير بشأن الوضع الوبائي، تشير إلى انتشاره بين الماشية في عدد من المدن الليبية، وما يشكله من خطر على الإنسان والثروة الحيوانية.

قطيع من الأغنام معروض للبيع في إحدى الأسواق الشعبية (الشرطة الزراعية)

وتتضمن الإجراءات، التي اتخذتها الحكومة، توفير المخصصات المالية لشراء اللقاحات والأمصال لمواجهة الوباء، وتكليف شركات الخدمات العامة بمهمة إتلاف الحيوانات النافقة، التي يُشتبَه في إصابتها بالمرض.

وأشارت الحكومة أيضاً إلى تكليف إدارة الإصحاح البيئي برش المبيدات اللازمة في أسواق المواشي والمناطق المحيطة بها، بهدف القضاء على الحشرات الناقلة له، وتحديد سلخانات معينة في كل مدينة لتنظيم عمليات الذبح، تحت إشراف أطباء مختصين من إدارة الصحة الحيوانية.

كما وجهت الحكومة جهاز الحرس البلدي بشن حملات مكثفة على أسواق الماشية ومحال بيع اللحوم، ومنع انتقال الماشية بين المدن بشكل نهائي، إضافة إلى التنسيق مع وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي لتوعية المواطنين بمدى خطورة الوباء، وطلب التبليغ عن أي حالات اشتباه تتم ملاحظتها، مع ضرورة إحاطة رئيس الوزراء بتقرير يومي عن الوضع الوبائي، والإجراءات المتخذة حياله.

وقال جهاز الشرطة الزراعية في ليبيا، اليوم (الثلاثاء)، إن فروعه في مناطق البلاد تتلقى بلاغات عن وجود أبقار نافقة، آخرها في مزرعة بمنطقة الفتائح بدرنة (شمال شرق)، مشيراً إلى أن عناصر الجهاز توجهت إلى المكان المبلغ عنه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال الواقعة، علماً بأنه منذ بداية الأزمة تجري فروع الشرطة الزراعية عملية تعقيم أسواق الماضية، والبؤر الموبوءة كإجراءات احترازية.

وفي طبرق شرق البلاد، كان مواطنون يتوقعون أن يؤدي ظهور هذا المرض لانخفاض أسعار الماشية والأغنام، مع زيادة البيع خوفاً من إصابتها، لكنهم يقولون إن ذلك لم يحدث.

قطيع من الأغنام قيد الفحص الطبي في ليبيا (الشرطة الزراعية)

وقال محمد حسن: «بالنسبة لأسعار الأغنام، فهي في غير متناول الإنسان البسيط. أسعار مرتفعة بشكل جنوني، اشتريت من السوق خروفاً لا يستحق 1400 دينار دفعتها ثمناً له. سمعنا عن الحمى القلاعية مع أنها ليست في طبرق. ونتمنى لأهلنا في منطقة الجبل الأخضر أن يسلمهم الله منها». (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

وأضاف حسن: «توقعنا نزول أسعار المواشي بسبب الخوف من إصابتها، لكن الأسعار في ازدياد، تحديداً مع اقتراب شهر رمضان، والتجار يقولون إن السبب هو نقص الأعلاف. الأسعار في زيادة جنونية».

غير أن مصطفى الزاكر، مسؤول الإعلام بمديرية الحرس البلدي في طبرق، يرى أن «الحمى القلاعية تسبب ضرراً للمواشي الصغيرة في النمو وتؤثر على سعرها، لكن المواشي الكبيرة لا تتأثر بها». في وقت يعلن فيه جهاز الشرطة الزراعية عن نفوق عدة أبقار بسبب هذا المرض.


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».