بحث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، مع وزير الدولة في المملكة المتحدة لمكافحة الهجرة غير النظامية مايكل مينورز، أزمات الملف الذي تعاني منه ليبيا؛ مشيراً إلى أنها تعمل على التعاون مع كل الدول ذات العلاقة لمكافحة تدفق المهاجرين.
وشدد الدبيبة في اللقاء الذي جمعه بالوزير البريطاني في طرابلس، يوم الاثنين، على أن ليبيا «دولة عبور وليست دولة مقصد للمهاجرين غير النظاميين»، مقدراً «اهتمام المملكة المتحدة بالهجرة غير النظامية، ورغبتها في التعاون مع بلاده».
في السياق ذاته، استقبل النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني، الوزير مينورز، وتناول اللقاء أيضاً الذي حضره سفير المملكة لدى ليبيا مارثن لونغي، ملف الهجرة غير المشروعة وتداعياتها على ليبيا وأوروبا؛ حيث تم التأكيد على دعم ليبيا في تأمين حدودها الجنوبية، ومنحها الإمكانات اللوجستية التي تؤهل حرس الحدود للقيام بالمهام الموكلة إليهم لمكافحة الجريمة المنظمة، والحد من تدفق المهاجرين نحو الشمال.
كما تطرق اللقاء للوضع في دول الجوار التي تشهد عدم استقرار وتداعيات ذلك على الوضع الهش في مناطق الجنوب الليبي الذي قال الكوني إنه «أصبح مسرحاً لعمليات التهريب والهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة».
وأكد الكوني أن حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد تجعل من الصعب مكافحة الهجرة دون استراتيجية موحدة، لضمان تأمين الحدود والحد من هذه الظاهرة.
وحث على مضاعفة الجهود لدعم استقرار منطقة الصحراء الأفريقية، والمساهمة في معالجة الأزمات التي تعيشها بلدان المنطقة، بنجاح مبادرة «صحراء واحدة»، ورسم استراتيجيات لحلحلة الأزمات التي تعيشها، وأكد ضرورة خلق تنمية مكانية في دول المصدر للحد من رغبة المهاجرين في ترك أوطانهم، للبحث عن سوق العمل خارجها.
بدوره، أكد الوزير البريطاني أن حكومة بلاده تضع ملف الهجرة غير المشروعة في أولى اهتماماتهما، وتعمل جاهدة مع الدولة المعنية للحد من هذه الظاهرة، ورغبتها في التعاون مع ليبيا في هذا الملف؛ كونها من الدول المتضررة من تداعياتها.
وبينما تشهد ليبيا حالة من الجدل، على خلفية إعادة خفر سواحلها للمهاجرين غير النظاميين من عرض البحر المتوسط، وإدخالهم مقار الإيواء، تحدث وزير الداخلية في حكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي، عن ترحيل بلاده 10 آلاف و69 مهاجراً العام الماضي، بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة.
وكشف الطرابلسي في كلمة خلال جلسة لوزارة الداخلية حول تعزيز أمن وإدارة الحدود (الاثنين) عن إطلاق خطط أمنية لتأمين الحدود والعمل على تفعيل أبراج المراقبة؛ مشيراً إلى أن السلطات في طرابلس تعمل أيضاً على الترحيل الطوعي للمهاجرين، وضبط الموجودين داخل الأراضي الليبية بطرق غير مشروعة، بجانب ضبط المتورطين أيضاً في عمليات الاتجار بالبشر.
وقال الطرابلسي إن «الظاهرة باتت هاجساً يؤرق ليبيا ودول البحر المتوسط، وتفاقمت مع غياب خطة وطنية موحدة لمعالجتها، مما دعا حكومة (الوحدة) للتحرك سريعاً لمواجهتها»؛ مضيفاً: «تعاملنا مع ملف الهجرة باهتمام وحرص، وأطلقنا حملات أمنية لضبط عصابات تهريب البشر، وتفعيل أبراج المراقبة الإلكترونية الخاصة بتأمين الحدود، ودعونا إلى تطوير أداء أفراد جهازَي حرس الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية، بما يتناسب مع متطلبات احترام حقوق الإنسان».
يأتي ذلك بينما اتهمت منظمة الإغاثة الألمانية «SOS Humanity» خفر السواحل الليبي بـ«استخدم العنف»، وطالبت المنظمة في بيان لها (الأحد) إيطاليا والاتحاد الأوروبي بوقف دعمه، وقالت إن زورق دورية تابعاً له، أطلق النار خلال عملية إنقاذ، ما أدى إلى غرق شخص واحد على الأقل، وإجبار كثيرين على العودة إلى ليبيا، فيما وصفته بانتهاك للقانون الدولي.
وقالت المنظمة في بيان لها، مساء الأحد: «عندما قام طاقمنا بمساعدة 3 زوارق، قاطع زورق الدورية عملية الإنقاذ، ما أدى إلى غرق أحد الأشخاص في الماء، بعدما أطلق خفر السواحل الليبي الذخيرة الحية بالقرب منه».
وبينما تثير عملية إعادة خفر السواحل الليبي للمهاجرين من البحر حالة من الجدل محلياً ودولياً، قال الحقوقي الليبي طارق لملوم، إن «السياسات في ليبيا تعاني من الازدواجية والتناقض».
وأوضح لملوم في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن بلاده «تشتكي مما تسميه موجات دخول المهاجرين إليها، وتتهم المنظمات الدولية بالسعي لتوطينهم بها، ومن جانب آخر يعمل خفر السواحل على إرجاع آلاف منهم من عرض البحر ومن خارج المياه الليبية، ويتم احتجازهم».
ويعتقد لملوم أن سبب ما يفعله خفر السواحل هو «الاتفاقيات المعلنة وغير المعلنة مع إيطاليا والاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى أنهما «يقدمان بعض الدعم والميزات لبعض الضباط وغيرهم من المسؤولين في البحرية الليبية».
ويرى أن خفر السواحل والمجموعات المرتبطة به «مستفيدون من إرجاع المهاجرين من جانب آخر؛ حيث يتم احتجازهم ويطالبون بمقابل مالي نظير الإفراج عنهم من جديد... هي حلقة والكل مستفيد».
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الاتصال بجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا، وجهاز خفر السواحل؛ لكن دون استجابة منهما.