«هدنة غزة»: جهود الوساطة تراوح بين النجاح و«الفشل»

أنباء عن تسليم إسرائيل للقاهرة قائمة المستبعدين من «صفقة تبادل الأسرى»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)
TT

«هدنة غزة»: جهود الوساطة تراوح بين النجاح و«الفشل»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

تراوحت التقديرات بشأن إحراز تقدم في جهود الوساطة الإقليمية المعنية بإقرار «هدنة» في قطاع غزة، التي تنخرط فيها قطر ومصر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف «مؤقت» للقتال وتبادل للأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، فبينما كشفت تقارير إسرائيلية أن تل أبيب سلمت القاهرة لائحة بأسماء «سجناء فلسطينيين أمنيين» ترفض إسرائيل أن يكونوا جزءاً من أي عملية تبادل للأسرى مع «حماس»، رجّح خبراء ألا تحول تلك الخطوة الإسرائيلية دون التوصل إلى اتفاق بشأن «هدنة» قبيل شهر رمضان.

وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن وفداً إسرائيلياً زار العاصمة المصرية قبل أيام لمناقشة تفاصيل صفقة رهائن محتملة مع مسؤولين مصريين. وبحسب القناة، قدّم الوفد الإسرائيلي لمصر قائمة بأسماء «السجناء الأمنيين الفلسطينيين» الذين لا تستعد إسرائيل الإفراج عنهم إذا تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس». ووفق القناة الإسرائيلية، فإن الوفد سيعود إلى القاهرة مجدداً لإجراء محادثات إضافية.

كانت عدة مؤشرات قد برزت خلال الأسبوع الماضي بشأن قرب التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إقرار هدنة ثانية في القطاع الذي يشهد عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رداً على عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى.

مبانٍ مدمرة بسبب القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق من يوم الخميس، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه لن تكون هناك «على الأرجح» هدنة في غزة بحلول الاثنين المقبل، بعد أن صرح في وقت سابق بأنه يأمل في وقف إطلاق النار بحلول 4 مارس (آذار) الحالي.

وتحدث الرئيس الأميركي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، حول اتفاق محتمل لوقف إطلاق نار «فوري ومستدام» في غزة لمدة 6 أسابيع على الأقل، مقابل إطلاق سراح رهائن، وفق ما أعلن البيت الأبيض.

وقالت الرئاسة الأميركية، في بيان، إن بايدن ناقش في اتصالين منفصلين مع تميم والسيسي الحادث «المأساوي والمثير للقلق» أثناء تسليم مساعدات في شمال غزة، الذي قتل فيه العشرات.

فيما شدّد الرئيس المصري في هذا الصدد على ضرورة التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، يتيح نفاذ المساعدات الإنسانية بالشكل الكافي والملائم، بما يحقق تحسناً حقيقياً في الأوضاع بالقطاع، محذراً من خطورة استمرار التصعيد العسكري واستهداف المدنيين، مؤكداً إدانة مصر الكاملة لاستهداف المدنيين العزل بما يخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وفق بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ويحاول الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق يسمح بوقف القتال، يرافقه إطلاق سراح رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة. وإلى الآن لم يشهد القطاع سوى هدنة وحيدة جرت بوساطة مصرية وقطرية وأميركية استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم بموجبها الإفراج عن 80 رهينة إسرائيلية مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.

من جانبه، أعرب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، عن اعتقاده بإمكانية إقرار اتفاق للهدنة في قطاع غزة قبيل شهر رمضان، مشيراً إلى أن «العراقيل» الإسرائيلية للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق «أمر معتاد ومتوقع». وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن تحفظ إسرائيل بشأن الإفراج عن أسماء لأسرى فلسطينيين في سجونها، بدعوى أنهم «سجناء أمنيون»، والجميع يعلم أنهم من قادة حركة «حماس»، لا يعني فشل أو توقف مساعي التوصل إلى هدنة، بل هي محاولة لإعاقة تلك المساعي، مرجحاً أن تبدي «حماس» مرونة في مواجهة تلك «العراقيل» حتى يُمكن إقرار الهدنة ولو مؤقتاً لحاجة السكان في غزة إلى فرصة لالتقاط الأنفاس، فضلاً عن إدراك قيادة «حماس» أنها لا تزال تمتلك «ورقة ضغط قوية» تتمثل في الأسرى من العسكريين الإسرائيليين من الجنود والضباط، وهو ما يمكن استخدامه وفق شروط مختلفة في جولات التفاوض المقبلة.

وأضاف الأكاديمي والسياسي الفلسطيني أن إقرار هدنة جديدة في القطاع تمتد لنحو 40 يوماً وتنتهي بعد عيد الفطر «يُمكن أن تكون فرصة لترتيب الأوراق بشأن جولات التفاوض المقبلة»، مبدياً اعتقاده بأن حديث الرئيس الأميركي عن قرب التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة لم يكن «زلة لسان».

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

في المقابل، قال مصدر مسؤول في حركة «حماس» إن حوارات التهدئة «تجري بوتيرة متسارعة»، ولكن ملف عودة النازحين إلى مناطق غزة وشمالها يعدّ «حجر العثرة حتى اللحظة أمام إتمام اتفاق التهدئة». وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، وفق ما أوردت وكالة «أنباء العالم العربي»، الأربعاء، أن «حماس» تريد بنداً واضحاً يؤكد على وقف إطلاق النار الشامل والنهائي عقب انتهاء المرحلة الاولى من التهدئة، وفق ما طرح في إطار «باريس 1»، و«باريس 2». وبيّن المصدر أن مفاوضات التوصل إلى اتفاق تهدئة، قُبيل شهر رمضان المقبل بعد عدة أيام، جارية عن كثب، وهناك جهود مكثفة تُبذل من الأطراف بشأن ذلك، و«(حماس) تتعامل بمرونة عالية، لكنها لن تتنازل عن ملف عودة النازحين جنوباً إلى منازلهم شمال القطاع».

وكانت العاصمة الفرنسية باريس استضافت نهاية الأسبوع الماضي اجتماعات ضمّت مسؤولين أمنيين قطريين ومصريين وأميركيين وإسرائيليين، وسط أجواء وصفت بـ«الإيجابية» تتعلق بالخطوط العريضة لاتفاق جديد قد يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار وهدنة في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.