وزير سابق يعلن نيته منافسة سعيّد على «رئاسية» تونس

تداول اسمه كمرشح توافقي للمعارضة

منذر الزنايدي (الشرق الأوسط)
منذر الزنايدي (الشرق الأوسط)
TT

وزير سابق يعلن نيته منافسة سعيّد على «رئاسية» تونس

منذر الزنايدي (الشرق الأوسط)
منذر الزنايدي (الشرق الأوسط)

كشف منذر الزنايدي، الوزير السابق في عهد الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، المنتظرة نهاية السنة الحالية، وهو ما خلف تساؤلات كثيرة حول مدى جدية الزنايدي في الترشح، ومدى قدرته على منافسة الرئيس الحالي قيس سعيد، الذي يعد لعهدة رئاسية ثانية، بعد أن وعد بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.

هل يستطيع الزنايدي بالفعل استقطاب الناخبين ومنافسة الرئيس سعيد في الانتخابات المقبلة؟ (أ.ف.ب)

وطرح اسم الزنايدي منذ فترة كمرشح توافقي للمعارضة في منافسة الرئيس سعيد، خاصة بعد أن كشف في منشور على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك» عما يشبه برنامجه السياسي، الذي يتضمن تصورات وأفكاراً أولية، قائلاً إنّ «حالة الإحباط والتخبّط، وانسداد الأفق التي تمرّ بها تونس تتطلّب التحلّي بالمسؤولية، والامتناع عن كل ما يمكن أن يزيد من تغذية الانقسامات، وتعقيد الأوضاع والإساءة للوطن»، وهو خطاب قد يجد بحسب مراقبين، من يدعمه في ظل تأزم الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ووجود عدد مهم من القيادات السياسية السابقة في السجن، بتهمة «التآمر ضد أمن الدولة»، وهو ما قد يفقدها الحق في الترشح نتيجة فقدانها لحقوقها السياسية والمدنية.

ألفة الحامدي رئيسة حزب الجمهورية الثالثة (موقع حزب الجمهورية الثالثة)

وسعى الزنايدي، الذي انضم إلى مجموعة من السياسيين الذين عبروا عن نياتهم الترشح للرئاسة، أمثال ألفة الحامدي رئيسة حزب الجمهورية الثالثة، ونزار الشعري مؤسس «مبادرة طريق قرطاج»، وعبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، إلى محاولة تقريب وجهات النظر، من خلال تأكيده على أن «زمن الصراعات الآيديولوجية الضيّقة، وأشكال التنظيمات القديمة، والزعيم المنقذ، والمراهنة على الخارج، قد ولّى وانقضى»، ويسعى لتغيير وجه تونس تحت شعار «تحويل اللازم إلى ممكن».

المعارضة موسي عبرت أيضاً عن نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة (موقع الحزب الدستوري الحر)

كما عدّ الزنايدي أن الحلول «لا تكمن في تأبيد حرب الزعامات والنرجسيات، وإقصاء الخصوم السياسيين، بل في الإشراك الفاعل والأوسع للتونسيين في نحت معالم المستقبل الذي يريدون»، وهو خطاب يستجيب لمطالب المعارضة، سواء منها اليسارية أو القومية، أو حتى الإسلامية منها.

ومن هذا المنظور، يرى عدد من المراقبين أن الزنايدي يتمتع بعدد من الإيجابيات ونقاط القوة، أهمها نظافة سجله السياسي من قضايا الفساد، على الرغم من توليه عدة حقائب وزارية في عهد الرئيس السابق بن علي، من بينها وزارات السياحة والتجارة والصحة، وتقلبه في عدة مناصب حكومية، كما أنه راكم خبرة طويلة في عالم السياسة وإدارة مؤسسات الدولة، والأهم من ذلك كله أن القيادات السياسية الحالية من مختلف الأطياف لا تسجل له مواقف حادة ضد المعارضة قبل سنة 2011، ولا في سجله السياسي الطويل داخل حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي»، الذي تزعم المشهد السياسي من 1987 إلى 2011؛ أي لمدة قاربت 23 سنة.

لذلك، فبمجرد إعلان الزنايدي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، بدأت الأوساط السياسية تتساءل: هل يمثل الزنايدي بالفعل خطراً حقيقياً على الرئيس سعيد المرشح الأبرز لعهدة رئاسية ثانية، رغم أن الزنايدي لم يحصل في انتخابات الرئاسة لسنة 2014 إلا على نسبة ضعيفة لم تتجاوز 0.74 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين؟ وهل سيقدر على تجميع القيادات السياسية المعارضة حول ترشحه في مواجهة سعيد الذي يحتل أولى نيات التصويت منذ سنوات، على الرغم من تراجع تلك النسبة بداية السنة الحالية؟

أكد أحدث سبر للآراء حول نيات التصويت أن الرئيس سعيد لا يزال يحظى بالأولوية (أ.ف.ب)

يُذكر أن أحدث سبر للآراء أُجري في تونس بين 2 و9 فبراير (شباط) الماضي حول نيات التصويت في الانتخابات الرئاسية، أظهر أن الرئيس سعيد لا يزال يحظى بالأولوية، وذلك بنسبة 24.2 في المائة، يليه الصافي سعيد بنسبة 11.6 في المائة، ثم عبير موسي بـ6.2 في المائة، في حين حل لطفي المرايحي في المركز الرابع بـ5.7 في المائة، ولم يرد اسم الزنايدي إلا في المركز الخامس بنسبة 4.8 في المائة.

في المقابل، وبالنظر إلى التطورات السياسية الجارية، والسعي أيضاً إلى تغيير المشهد السياسي، واعتباراً من أن النسبة الضعيفة التي حصل عليها الزنايدي سنة 2014 قد تكون مرتبطة بظروف سياسية مختلفة، فإن الرئيس الحالي قيس سعيد كثف من تنقلاته، وزار عدداً من الولايات (المحافظات) التونسية، واطلع خلال الأشهر الماضية على الأوضاع الصعبة التي تعيشها كبرى المؤسسات الحكومية، ووعد بالإصلاح السياسي والاقتصادي من خلال تغيير منظومة الحكم برمتها. كما دعا في أحدث تصريحاته، يوم الأربعاء، إلى مقاضاة عدد من العملاء، وتطبيق الأحكام المتعلقة بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي، التي نصّت عليها أحكام القانون الجزائي التونسي، وهو ما رأى فيه مراقبون حملة انتخابية قبل الأوان.



​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».