المعارضة الجزائرية تفشل في إسقاط مواد تخص «حصانة رجال الأمن»

نواب رفضوها بحجة أنها «تطلق أيدي الشرطة على المجتمع»

نواب المعارضة الإسلامية (البرلمان)
نواب المعارضة الإسلامية (البرلمان)
TT

المعارضة الجزائرية تفشل في إسقاط مواد تخص «حصانة رجال الأمن»

نواب المعارضة الإسلامية (البرلمان)
نواب المعارضة الإسلامية (البرلمان)

​فشلت المعارضة في البرلمان الجزائري في إسقاط مواد في قانون العقوبات، تخص «حصانة رجال الأمن في استعمال السلاح»، ولائحة تضم أسماء أشخاص وتنظيمات مصنفين «إرهابيين»، بينما نجحت الحكومة في المقابل في تثبيت كل التعديلات التي أدخلتها على القانون، بالمصادقة عليه مساء أمس (الاثنين) من طرف أغلبية النواب.

وزير العدل ووزيرة العلاقات مع البرلمان خلال مناقشة تعديل قانون العقوبات (البرلمان)

وأسدل الستار في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) على جدل حاد، اندلع في الأشهر الماضية وسط النواب وفي وسائل الإعلام، بخصوص مضمون مسودة تعديل قانون العقوبات، وذلك بتأييدها من طرف الكتل الموالية للحكومة، وخصوصاً «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، ومجموعة النواب المستقلين. بينما كان إسلاميو «حركة مجتمع السلم» المعارضة أكبر الرافضين لمشروع الحكومة.

وزير العدل ورئيس البرلمان (البرلمان)

ودافع وزير العدل عبد الرشيد طبي أمام البرلمان بشدة عن «المادة 87 مكرر 13» التي تم استحداثها عام 2021 في مسودة معدلة لقانون العقوبات، تتعلق بإنشاء «لائحة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية»، مؤكداً أن النص القانوني «يعكس حرص الجزائر على الانخراط في جهود المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتمويله، وغسل الأموال».

النواب المؤيدون لتعديل قانون العقوبات (البرلمان)

وضمت هذه اللائحة عند وضعها أسماء ناشطين في «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، وتنظيم «رشاد» الإسلامي، وتم سجن عشرات منهم بموجب «المادة 87» التي تشير إلى «الانخراط في جماعة إرهابية»، و«الإشادة بالإرهاب». ولاحقاً برَّأت المحاكم بعضهم لعدم كفاية الأدلة على جنوحهم إلى الإرهاب؛ لكن كثيرين لا يزالون في الحبس الاحتياطي يترقبون المحاكمة.

ولم تأخذ الأغلبية البرلمانية بتحفظات المعارضة بشأن «المادة 96» التي تتحدث عن «الضرر بالمصلحة الوطنية»، وهي تهمة وُجهت لكثير من نشطاء الحراك الشعبي، والمعارضين السياسيين للسلطة. وقال وزير العدل مخاطباً المطالبين بإلغائها: «اتركونا نعمل للحفاظ على أمننا القومي... فدول عريقة لم تتردد في تجريم رفع علم فلسطين بحجة المصلحة الوطنية، ولم تجد أي حرج وهي تفعل ذلك»؛ مبرزاً أنه جرى في التعديل الجديد للقانون «ضبط مفهوم المصلحة الوطنية، مع حصر مجالها وخفض العقوبة، إضافة إلى ترك السلطة التقديرية للقاضي عند إصدار حكمه، بخفض العقوبة أو البراءة».

نواب رفضوا مواد تخص «حصانة رجال الأمن» بحجة أنها «تطلق أيديهم على المجتمع» (وزارة الدفاع)

كما أظهر نواب تحفظاً على «المادة 96» بعد أن طالها التعديل؛ لكنهم عجزوا عن إسقاطه. ويتضمن هذا النص عقوبة تصل إلى 5 سنوات، وغرامة 500 ألف دينار ضد «كل شخص يوزع أو يعرض للبيع أو يحوز منشورات وتسجيلات فيديو، من شأنها الإضرار بالمصلحة المدنية». ويمكن أن يشدد القاضي من العقوبات لتصل إلى الحرمان من حق الإقامة، إن كان المتهم أجنبياً، والمنع من ممارسة حقوق مدنية وسياسية.

ومن أهم المواد المعدلة التي نجحت الحكومة في تثبيتها بمشروع تعديل قانون العقوبات، المادة «49 مكرر» التي تقول: «تعدّ مبررة الأفعال التي يرتكبها أفراد القوة العمومية، خلال أو بمناسبة ممارسة مهامهم، لوضع حد للجريمة، إذا أفضت التحقيقات التي تباشرها السلطة القضائية إلى إثبات قيام عناصرها بالدفاع المشروع عن النفس». ووفق النواب الذين رفضوها بشدة، فإن هذه المادة «تطلق أيدي رجال الأمن على المجتمع»، بذريعة أنها «تمنحهم حصانة في استعمال السلاح خلال التعامل مع الأوضاع في الميدان؛ بل وتعدّ مبرراتهم بهذا الخصوص مقبولة».

وأوضح الوزير طبي بشأن هذه المخاوف أن الحكومة «ستضع أدوات قانونية» تردع عناصر الأمن –حسبه- عن أي استخدام مفرط للسلاح بحجة الدفاع عن النفس.

كما فشلت المعارضة الإسلامية في إدراج نص ضمن «المادة 46»، يعاقب بالسجن من سنة إلى 3 سنوات كل شخص «تورط في سب وشتم النواب». ويُقصد به أساساً الصحافيون. وقال وزير العدل مبرراً رفض المسعى أن المادة المشار إليها «تعني الهيئات وليس الأشخاص»، مؤكداً أن «حماية أعضاء البرلمان (من الإساءة) مجاله القانون الخاص بالنائب».


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
TT

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

وصف وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم استبدال العملة الجزئي بأنه «مشروع وطني»، وقال إن بلاده «تأخرت في الانتقال للأنظمة الإلكترونية لتنظيم حركة المال وضبط الممارسات المشبوهة»، وذلك غداة احتجاجات عمال «سواكن» على عدم صرف مستحقاتهم «نقداً»، إلى جانب شكاوى عدّة من مواطنين جراء تهديد «موسم الحصاد» في مدينة القضارف بسبب شح النقد وعزوف العمال عن استلام أجورهم عبر التطبيقات.

وشرعت البنوك السودانية في 7 ولايات تقع ضمن سيطرة الجيش، منذ 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في عمليات لاستبدال العملة من فئتي «ألف جنيه، وخمسمائة جنيه»، بطبعات جديدة، مع بقاء العملات القديمة مبرئة للذمة في الولايات المتأثرة بالحرب، أو الواقعة تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» إلى حين استبدالها.

جانب من مظاهرة في بورتسودان تطالب بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

وتجري عمليات تبديل العملة في ولايات: البحر الأحمر، كسلا، القضارف، نهر النيل، الشمالية، وسنار، وبعض مناطق النيل الأبيض، والنيل الأزرق، وجزئياً في العاصمة الخرطوم، بينما لم تتمكن 11 ولاية من ولايات البلاد الـ18 من تبديل العملة، وهي مناطق تسيطر عليها «الدعم السريع» كلياً أو جزئياً.

عملياً، ووفقاً لآراء خبراء، تحول تبديل العملة أداةً حربية بين الجيش و«قوات الدعم السريع». فبينما مضت السلطات في بورتسودان في الإجراء، عدَّت «قوات الدعم» العملات الجديدة «غير مبرئة للذمة» في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إن العملات القديمة «سارية» وصالحة للتداول فيها.

وواجهت العملية صعوبات فنية وإدارية عدّة، فقد عجزت البنوك والمصارف عن استيعاب تدفقات المواطنين، وضجت ساحاتها بـ«طوابير طويلة» من الذين يحاولون استبدال عملاتهم، وأثناء ذلك نشطت «سوق سوداء» خارج البنوك، لاستبدال العملات القديمة بالجديدة بخصم يتراوح بين 15و20 في المائة.

مواطنون يتجمعون داخل أحد البنوك في مروي لتبديل العملة (أ.ب)

ولاستعادة السيولة لداخل النظام المصرفي، فرض «بنك السودان المركزي» على البنوك فتح حسابات للمواطنين، لكن هذه، وبسبب الحرب، لم تستطع استيعاب الطلب العالي على فتح الحسابات، كما حدد هامش السحب اليومي بـ200 ألف جنيه (نحو 70 دولاراً)، اضطرت بعض البنوك إلى تقليصها؛ ما أدى إلى أزمة سيولة طاحنة وارتباك في الأسواق التي أغلقت أبوابها في بعض الولايات.

واضطر بنك السودان إلى تمديد فترة تبديل العملة التي كان مقرراً أن تنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى يوم 6 يناير الحالي، لكن أعداداً كبيرة من المواطنين لم تستطع تبديل عملاتها، ولا يُعرَف إن كان سيتم تمديد جديد للمهلة أم لا.

ويوم الاثنين، أغلق عمّال غاضبون «ميناء عثمان دقنة» في مدينة سواكن، احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم نقداً بسبب شح السيولة، وقال متحدث باسمهم في مقطع فيديو، إن عمال الشحن والتفريغ في الميناء، لا يملكون حسابات بنكية أو أوراقاً ثبوتية لفتح حسابات، ومعظمهم لا يملكون هواتف ذكية، وطالب بصرف رواتبهم «نقداً».

وتعاني ولاية «القضارف» شحاً في السيولة، اضطرت بنوكها إلى تقليص هامش السحب من 200 ألف إلى 100 ألف، وحذَّر مزارعون في الولاية الزراعية من فشل موسم الحصاد بسبب شح السيولة، وقال نائب سابق ومزارع بالقضارف لـ«راديو دبنقا»، إن غالب عمّال الحصاد «أجانب» لا يمكن فتح حسابات لهم في البنوك، وبالتالي لا يمكن تسديد مستحقاتهم على التطبيقات البنكية.

من داخل أحد البنوك في مروي (أ.ب)

وأوضح، أن بنك السودان حدَّد هامش سحب يومي 200 ألف جنيه، وهو مبلغ لا يكفي مصاريف المزارع اليومية؛ ما يهدد موسم الحصاد بالفشل، عدا أخطار أمنية تترتب عن عدم صرف المستحقات، قد تصل إلى حد إحراق العمّال للمحصول والآليات ومعسكرات العمّال، أو ربما الاعتداء بالضرب على المزارع نفسه.

«تأخرنا»...

وقال وزير المالية، إن مشروع استبدال العملة «مشروع وطني للنهوض بالاقتصاد، وإن السودان تأخر في الانتقال للأنظمة المصرفية الإلكترونية»، وأضاف وفقاً للوكالة الرسمية (سونا): «الغاية من استبدال العملة هي تنظيم حركة المال، وضبط الممارسات المشبوهة، ذات الصلة بحركة الأموال».

ونشطت سوق موازية خارج البنوك، يتم خلالها استبدال العملات القديمة بالجديدة، أو استبدال النقود الإلكترونية بورقية، مقابل نسبة قد تصل 20 في المائة من قيمة العملة المستبدلة، كأن يصرف مليون جنيه من حساب بنكي أو بالعملة القديمة بنحو 800 ألف جنيه نقداً بالعملات الجديدة.

وقال المواطن محمد علي لـ«الشرق الأوسط»، إنه اضطر إلى تبديل ما لديه من عملات لرجال يستبدلون العملات خارج البنوك، وبحوزتهم كميات كبيرة من العملات الجديدة، مقابل التخلي عن ربع مدخراته، وأضاف: «هناك جهات داخل البنوك تسلمهم العملات الجديدة».

وعلى رغم الشح اللافت في العملات، قال وزير المالية: «إن العملات متوفرة»، ووعد بشحنات جديدة، وقال: «ما صُرف أقل من نصف العملات لدى البنوك»، وأن وزارته تضغط على البنوك وقطاع الاتصالات، للمساعدة على التحول إلى التطبيقات البنكية، والانتقال من التعامل بالنقد لتفادي آثارها.

مشهد من مدينة بورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفي مناطق سيطرة «الدعم السريع»، ظهر جنود وهم يدمّرون مبالغ بالعملات الجديدة، وصنفت «الإدارة المدنية» التابعة له، تداول العملات الجديدة «جريمةً» يعاقب مرتكبها، وفي الوقت ذاته أعلنت اللجوء للتبادل بالعملات القديمة والدولار وعملات دول الجوار، وقالت إنها ستصرف الرواتب للجنود بالدولار.

ولا توجد بنوك أو مصارف عاملة في مناطق سيطرة «قوات الدعم»، ويجري التبادل باستخدام التطبيقات البنكية والأوراق النقدية القديمة، أو باستخدام عملات أجنبية من دول الجوار، في حين نقل مقطع فيديو، أن العملات الجديدة والقديمة تسربت بكميات كبيرة لبعض مناطق سيطرة «الدعم السريع»، أو الولايات التي لم يجرِ فيها تبديل العملة.

ونتج من خطوة تبديل العملة الجزئي، مضاربات في أسواق الحبوب والسيارات، والأجهزة الكهربائية، واستعاض الكثير من أصحاب الأموال الكبيرة عن النقود بشراء السلع والعملات الأجنبية والذهب في محاولات منهم للحفاظ على قيمة أموالهم.