الجزائر: الادعاء يطلب سجن إمام مسجد متهم بـ«إهانة» مسؤول كبير في وهران

والدته ناشدت الرئيس تبون إصدار عفو عنه

محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
TT

الجزائر: الادعاء يطلب سجن إمام مسجد متهم بـ«إهانة» مسؤول كبير في وهران

محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
محمد غوثي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

تصدر محكمة بغرب الجزائر يوم 3 مارس (آذار) المقبل حكمها بحق إمام مسجد مثير للجدل، يسمى محمد غوثي، بعد أن التمست النيابة، الأحد، السجن 18 شهراً مع التنفيذ ضده، على أساس عدة تهم من قانون العقوبات، ذات صلة بهجومه الحاد ضد المسؤولين المحليين الذين اتهمهم بـ«الفساد» وخاطبهم بازدراء في درس صلاة الجمعة.

وغادرت عائلة الإمام «محكمة العثمانية» بمدينة وهران (400 كيلومتر غرب العاصمة)، خائبة، بعد سماعها طلبات النيابة، بينما ساد اعتقاد لدى متعاطفين معه: «بأن أقصى ما يمكن أن يتعرض له سيكون حكماً ببضعة أشهر في السجن من دون تنفيذ».

محكمة العثمانية بوهران (الشرق الأوسط)

وحضرت «مديرية الشؤون الدينية» لولاية وهران طرفاً مدنياً في القضية؛ إذ عدّت نفسها «متضررة» من الإمام محمد غوثي، ومن تبعات هجومه الحاد على محافظ وهران سعيد سعيود، والمسؤولين التنفيذيين بكبرى مدن غرب البلاد، وطالبت بتعويض قدره مليونا دينار (نحو 75 ألف دولار). أما ممثل النيابة فقال في مرافعته إن غوثي «خرج عن القواعد التي تحددها وزارة الشؤون الدينية، وتتمثل في نشر التسامح وتنوير الناس بما يهمهم في دينهم ودنياهم».

ودافع محمد غوثي عن نفسه أمام القاضي، مؤكداً أنه «حريص على إحاطة المصلين بكل ما يخص تدبير شؤونهم»، وأن كلامه عن المسؤولين المحليين «الغرض منه لفت انتباههم إلى أخطائهم».

ووقعت الحادثة يوم الجمعة 16 من الشهر الجاري، بـ«مسجد الإمام علي بن أبي طالب»؛ حيث ألقى غوثي درساً كالعادة، يسبق الخطبة. وبينما كان يتناول الشأن المحلي، انتقد بشدّة الوالي من دون ذكره بالاسم، بسبب «خروجه إلى الشارع مرفوقاً بعشر سيارات». وبدا منزعجاً من «الهالة» التي يحيط بها ممثل الحكومة بوهران نفسه، كلما نزل إلى الميدان.

محمد غوثي في بيته (حسابات ناشطين)

وقال الرجل الخمسيني مخاطباً الوالي: «من تكون أنت حتى تخرج بعشر سيارات؟ لماذا لا تمشي على رجليك؟ لماذا عندما تخرج تأخذ معك كل مسؤولي هيئتك التنفيذية؟». وفجأة رفع الإمام سقف الهجوم قائلاً: «أنت لا تساوي شيئاً... فهل يعود لك الفضل في حصول الجزائر على استقلالها؟»، داعياً إلى «استقدام أشخاص طيبين إلى هذه المناصب، كي يحافظوا على المال». ثم اتهم المسؤولين في وهران بـ«الفساد»، معلناً أنهم «أنفقوا 500 مليار في ظرف 4 أشهر... لقد اختلسوا هذا المبلغ، ثم يطلون علينا في 5 يوليو (تموز) وأول نوفمبر (تشرين الثاني) (الاحتفالات الرسمية التي تنظَّم في ذكرى الاستقلال واندلاع ثورة التحرير)، فيكثرون علينا من خطبهم... نحن لا نريد خطباً، نريد أشخاصاً يخدمون البلد ويخافون الله».

وتسلَّم الوالي في اليوم نفسه صور فيديو لرجل الدين وهو يهاجمه، فرفع شكوى لدى الشرطة القضائية، فتم اعتقال الإمام، وأحيل فوراً على النيابة التي استجوبته، ثم وجهته إلى قاضي التحقيق الذي أبلغه بأنه متهم بـ«إهانة موظفين عموميين أثناء أداء مهامهم»، و«ترويج أخبار كاذبة ومغرضة، بين الجمهور، بأي وسيلة كانت، من شأنها المسّ بالأمن والنظام العام». كما تم اتهامه بـ«ممارسة وظيفة عامة بغير صفة»، تعود إلى كونه إماماً غير معتمد من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

والي وهران سعيد سعيود (الولاية)

والمعروف عن الوالي سعيود أنه صارم في تعامله مع تصرفات يعدها «خارج القانون»، وكثيراً ما هدد تجاراً بالسجن بسبب عرض بضائعهم في الطريق العامة. وتداول ناشطون فيديو له الأسبوع الماضي، يؤكد فيه أنه أطلق بحثاً عن شخص عرض للبيع سكنه الذي وهبته له الدولة، وذلك عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وبثت عائلة الإمام بمنصات الإعلام الاجتماعي فيديو لوالدته المسنّة، تناشد فيه الرئيس عبد المجيد تبون «إصدار عفو» عنه. وقالت بنبرة حزينة: «سيدي الرئيس، ابني لم يفعل شيئاً يستحق عليه السجن، فقد تحدث في شأن يخص بلاده، وهو معروف بتنديده بتبذير المال العام، ولا يحب الفساد». وقال مصطفى بومدل -وهو إمام مدرّس اشتغل مع غوثي عام 2008- إنه «رأى فيه دائماً حرصاً على فعل الخير ونشر الفضيلة، وتقديم العون للمحتاجين»، داعياً الوالي والقضاة إلى «العفو عند المقدرة، فهذا من خصال الإسلام».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

شمال افريقيا الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبّون: «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».