حُرّاس النفط الليبي يرهنون تدفقه بنيل «مستحقاتهم»

أعلنوا إغلاق مجمع مليتة ومصفاة الزاوية ومستودع مصراتة

معتصمون من حرس المنشآت النفطية أمام مجمع مليتة الأسبوع الماضي (حسابات موثوقة على «إكس»)
معتصمون من حرس المنشآت النفطية أمام مجمع مليتة الأسبوع الماضي (حسابات موثوقة على «إكس»)
TT

حُرّاس النفط الليبي يرهنون تدفقه بنيل «مستحقاتهم»

معتصمون من حرس المنشآت النفطية أمام مجمع مليتة الأسبوع الماضي (حسابات موثوقة على «إكس»)
معتصمون من حرس المنشآت النفطية أمام مجمع مليتة الأسبوع الماضي (حسابات موثوقة على «إكس»)

صعّد منتسبو جهاز «حرس المنشآت النفطية» بغرب ليبيا من إجراءاتهم، وأعلنوا إغلاقهم مجمع مليتة، ومصفاة الزاوية، ومستودع مصراتة، مهددين بتعطيل مزيد من الحقول والموانئ لحين الاستجابة لمطالبهم، التي وصفوها بـ«مستحقات مشروعة».

وبعد يومين من إقدام منتسبين لجهاز حرس المنشآت على غلق جميع الحقول والصمامات والخطوط الناقلة للنفط والغاز في مناطق الجنوب الغربي (الجمعة الماضي)؛ لدفع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى «الاستجابة لمطالبهم ودفع مستحقاتهم المالية» نفّذ زملاء لهم اليوم (الأحد) تهديدهم، وعطّلوا الإنتاج في مجمع مليتة، ومصفاة الزاوية، ومستودع مصراتة.

وتقع المنشآت النفطية في عموم ليبيا رهينةً في قبضة المحتجين الذين يطالبون السلطات بمطالب بعضها فئوية، تتمثل في زيادة الاستحقاقات المالية أو الرعاية الطبية لهم ولأسرهم، وذلك بتعمدهم تعطيل العمل في بعض المنشآت النفطية، أو لدوافع سياسية على خلفية صراع محتدم على السلطة.

معتصمون من حرس المنشآت النفطية أمام مجمع مليتة الأسبوع الماضي (حسابات موثوقة على «إكس»)

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة»، لـ«الشرق الأوسط» إن مؤسسة النفط «حثتها (الحكومة) على سرعة الاستجابة لمطالب المعتصمين قبل تفاقم الأوضاع»، مشيراً إلى أن «العشرات من حرس المنشآت اقتحموا غرفة التحكم بمجمع مليتة وحاولوا إغلاق الخط»، كما «تمكّن المعتصمون من إغلاق البوابة الرئيسية لمصفاة الزاوية، وإعاقة عمليتَي دخول وخروج الشاحنات والأفراد».

ولم يتضح بعد إذا ما كان جهاز حرس المنشآت النفطية في شرق البلاد، أقدم على خطوة الإغلاق نفسها أم لا، في وقت يزعم فيه المعتصمون بغرب البلاد أن زملاءهم في أنحاء البلاد انضموا إلى مطالبهم، علماً بأن الحقول والموانئ في وسط وجنوب شرقي ليبيا تقع تحت سيطرة «الجيش الوطني» الليبي.

وتداركاً لتداعيات الأزمة، دعت المؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها طرابلس، المحتجين إلى «ضرورة إبعاد المنشآت النفطية عن أي تجاذبات»، وأبدت تفهمها لمتطلبات العاملين بالجهاز، لكنها حثتهم على «اتباع القنوات الرسمية والقانونية لتنفيذ متطلباتهم».

مهلة 10 أيام

وشدّد رئيس مجلس إدارة «المؤسسة الوطنية للنفط» المكلف مسعود سليمان، خلال استقباله رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية العميد عبد الرزاق الخرماني، بمقر المؤسسة (الأحد)، على «ضرورة حماية الأفراد العاملين بمختلف المواقع النفطية، وحماية الممتلكات والمنشآت، وفقاً للاختصاصات المنوط بها الجهاز». كما استعرض الخرماني الصعوبات والمشكلات التي تواجه أفراد حرس المنشآت النفطية وأسباب احتجاجهم.

ودافع المحتجون عن إغلاق المنشآن النفطية، وقالوا في بيانهم الذي تلاه أحدهم (الأحد) إنهم «أمهلوا المسؤولين 10 أيام للاستجابة إلى مطالبهم المتمثلة في اعتماد جدول مرتبات الجهاز أسوة بموظفي مؤسسة النفط، مشتملاً على الزيادة 67 في المائة مع صرف العلاوات والفروقات حسب القانون، بالإضافة إلى المطالبة بضم جهازهم إدارياً ومالياً لمؤسسة النفط، وضمهم أيضاً لوزارة الدفاع، لكن دون جدوى».

وقال شهود عيان إن مجمع مليتة أُغلق فجر (الأحد)، كما تمّ منع العاملين من دخوله، مشيرين إلى أنه تم توقيف جميع الشاحنات التي تريد الخروج من مصفاة الزاوية.

ودعت «النقابة العامة للنفط» السلطات في البلاد إلى الاستجابة لمطالب المعتصمين، مناشدة «الجهات كافة التدخل لحلحلة هذه المشكلة، والنظر في مطالبهم».

لقاء سابق لأعضاء النقابة العامة للنفط في ليبيا وجهاز حرس المنشآت النفطية (النقابة)

تأثيرات مباشرة

وقال المواطن الليبي حمزة الشريف، وهو أحد أفراد حرس مستودع مصراتة النفطي، لقناة «ليبيا الأحرار» إنهم «أغلقوه (المستودع)، وهناك تنسيق في كامل البلاد لتحقيق مطالبهم». ونفى مدير التسويق بالمنطقة الوسطى بشركة البريقة، عبد الله فضيل، ما يتم تداوله حول إغلاق المستودع. وقال لوسائل إعلام محلية إن «الشاحنات تخرج الآن بشكل طبيعي للمدينة والمدن المجاورة».

وذكّرت النقابة بأن المعتصمين سبق و«هددوا بإقفال مجمع مليتة ومصفاة الزاوية، بعد مهلة 10 أيام»، انتهت الأحد، داعية «الجهات المسؤولة بالدولة إلى التدخل السريع، وتحمّل مسؤولياتها؛ لتجنيب القطاع مشكلات الإغلاق».

ومضت تقول: «لا ننسى أن الإقفالات سيكون لها تأثير مباشر في عمال القطاع من حيث وجودهم داخل المواقع النفطية، وعرقلة سير عمليات الإنتاج التي قد تؤثر في إمدادات المحروقات لمحطات توليد الكهرباء ومحطات توزيع الوقود، خصوصاً مع قدوم شهر رمضان»، لافتةً إلى أن «الإقفال سيؤثر سلبيفي اقتصاد الدولة عامة، والمواطن بصفة خاصة، الذي يعاني أصلاً عدم حصوله على الراتب في حينه، وغلاء الأسعار، وأيضاً ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية».

وبلغ إنتاج النفط اليومي في ليبيا حتى نهاية العام الماضي مليوناً و219 ألف برميل، بحسب «المؤسسة الوطنية للنفط»، بالإضافة إلى إنتاج 56 ألف برميل يومياً من المكثفات.

وانتهت النقابة العامة للنفط إلى «أهمية النظر بشكل عاجل لحقوق منتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية؛ لتجنيب القطاع عمليات الإقفال، وتذليل الصعاب كافة أمامهم، والتوجه نحو الاستثمار الحقيقي في القطاع؛ لزيادة معدلات الإنتاج».

وظلت غالبية حقول وموانئ النفط محاصرة من قبل موالين لـ«الجيش الوطني» مدة 9 أشهر، إلى أن أمر المشير خليفة حفتر، القائد العام، في 18 سبتمبر (أيلول) عام 2020 بإعادة استئناف إنتاجه وتصديره.


مقالات ذات صلة

ضعف الطلب الصيني يضغط أسواق النفط

الاقتصاد خطوط أنابيب نفطية في جمهورية التشيك (رويترز)

ضعف الطلب الصيني يضغط أسواق النفط

تراجعت أسعار النفط، يوم الجمعة، وكانت في طريقها إلى تسجيل خسائر لثالث أسبوع على التوالي بسبب ضعف الطلب في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بلغت شهادات المنشأ للصادرات الكويتية لدول الخليج في يونيو الماضي 1495 شهادة بقيمة صادرات تقدر بنحو 38 مليون دولار (كونا)

انخفاض طفيف في الصادرات غير النفطية في الكويت للشهر الماضي

قالت وزارة التجارة والصناعة الكويتية، الخميس، إن إجمالي الصادرات المحلية (كويتية المنشأ) غير النفطية إلى دول العالم في شهر يونيو (حزيران) الماضي بلغ 21.7 مليون…

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد شعار «توتال إنرجيز» في ناطحة سحاب المقر الرئيسي للشركة في الحي المالي والتجاري في لا ديفانس بالقرب من باريس (رويترز)

انخفاض أرباح «توتال إنرجيز» أكثر من المتوقع في الربع الثاني بسبب التكرير

أعلنت شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية للنفط يوم الخميس انخفاض أرباح الربع الثاني بنسبة 6 في المائة، وهو ما كان أسوأ مما توقعه المحللون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك (أ.ف.ب)

نوفاك: لا خلاف بين روسيا و«أوبك بلس» بشأن تجاوز حصص الإنتاج

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إن روسيا ستعوض عن تجاوز حصص إنتاج النفط الخام التي حددها شركاء «أوبك بلس» ولا يوجد خلاف بشأن هذه القضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد أبقت الحكومة على أسعار الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء والصناعات الغذائية في المخابز عند مستوياتها (الشرق الأوسط)

زيادة أسعار الوقود في مصر بنسب تصل إلى 15 %

أعلنت الحكومة المصرية زيادة أسعار مجموعة واسعة من أنواع الوقود بنسب تصل إلى 15 في المائة، في أحدث خطوة لتقليص الدعم الحكومي للمحروقات.


«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».