حقوقيون يطلعون على أحوال المعتقلين في قضية «التآمر على أمن تونس»

بعد إعلانهم مواصلة إضرابهم عن الطعام وتدهور حالتهم الصحية

من مظاهرة سابقة وسط العاصمة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
من مظاهرة سابقة وسط العاصمة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
TT

حقوقيون يطلعون على أحوال المعتقلين في قضية «التآمر على أمن تونس»

من مظاهرة سابقة وسط العاصمة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
من مظاهرة سابقة وسط العاصمة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)

كشفت «الرابطة التونسية لحقوق الإنسان»، و«الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب» (هيئة دستورية منتخَبة) عن تنظيم زيارة للاطلاع على أحوال عدد من المعتقلين السياسيين المتهمين بـ«التآمر ضد أمن الدولة»، وبعض المعتقلين في السجن المدني بالمرناقية (غرب العاصمة)، وذلك إثر الإعلان عن مواصلتهم إضرابهم عن الطعام مند 10 أيام، وتدهور الحالية الصحية لبعضهم.

وقال الوفد الذي زار الموقوفين، مساء أمس (الأربعاء)، إنه توصل لإقناع راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة» بالتراجع عن إضرابه عن الطعام، الذي يخوضه تضامناً مع القيادات السياسية المضربة عن الطعام منذ نحو 10 أيام، للمطالبة بالبتّ في ملف اتهامهم بالتآمر ضد أمن تونس، وذلك بعد مرور أكثر من سنة على اعتقالهم، دون الحسم في التهم الموجهة لهم.

أكد الوفد الحقوقي أنه توصل لإقناع راشد الغنوشي بالتراجع عن إضرابه عن الطعام (رويترز)

وذكرت «الرابطة التونسية لحقوق الإنسان» أن الزيارة جاءت بعد شكاوى تقدم بها أفراد عائلات الموقوفين، الذين أكدوا شن المعتقلين إضراباً عن الطعام، وأكدت أنها أجرت مقابلات على انفراد مع بعض الموقوفين، وأنها لاحظت تدهور الوضع الصحي لمعظمهم، خصوصاً أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، مبرزةً حرصها على إقناعهم بالتراجع عن إضرابهم عن الطعام الذي يخوضونه احتجاجاً على وضعيتهم داخل السجن، وحفاظاً على سلامتهم الجسدية وحقهم في الحياة.

من ناحيتها، ذكرت «تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين»، وهي هيئة حقوقية تشكلت العام الماضي للتعريف بملف المعتقلين، أن صحة عصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري تدهورت بسرعة، وأنه فقد الوعي، صباح أمس (الأربعاء)، في زنزانته، بسبب انخفاض حاد في نسبة السكّر بالدّم، ما أرغم ممرض وطبيبة السجن على التدخل بسرعة لإنقاذ حياته، وأوضحت أنه، رغم تدهور وضعه الصحّي، رفض وقف إضرابه عن الطعام، مطالباً بالبت في «قضية التآمر ضد أمن الدولة»، المتهم فيها مع عدد آخر من المعتقلين.

وكانت مجموعة من المتهمين في ملف «التآمر»، وهم: عصام الشابي، وجوهر بن مبارك، وغازي الشواشي، وخيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي، ورضا بالحاج، قد دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحهم فوراً، وإيقاف الملاحقات القانونية ضدهم، قبل أن يعلّق الشواشي وبلحاج إضرابهما لأسباب صحية، غير أن الشابي رفض وقف إضرابه رغم تدهور وضعه الصحي.

الرئيس سعيد واصل توجيه اتهاماته لمنظومة الحكم السابقة التي كانت تتزعمها «حركة النهضة» (إ.ب.أ)

في المقابل، واصل الرئيس التونسي قيس سعيد توجيه الاتهامات إلى منظومة الحكم السابقة، التي كانت تتزعمها «حركة النهضة» بقوله: «إنهم يتهافتون وكأن الدولة غنيمة يتقاسمونها، ومَن كانوا يتبادلون التهم في كل مكان، ويكيلون لبعضهم الشتائم في مسرحية مفضوحة، ويصفون أحدهم بـالسفاح (في إشارة إلى الغنوشي)، أصبحوا اليوم يتضامنون مع بعضهم؛ بالمشاركة في إضراب الجوع»، على حد تعبيره.

وخلال لقائه، مساء الثلاثاء الماضي، مع أحمد الحشاني، رئيس الحكومة، اتهم سعيد كذلك لوبيات بتعمّد إهمال المعالم الأثرية والتاريخية في تونس لعشرات السنين، بغاية التفريط فيها فيما بعد، وأكد على ضرورة تطهير كل مؤسسات الدولة من العابثين، داعياً مجدداً القضاة التونسيين إلى أن «يكونوا في موعد مع التاريخ حتى يسلطوا الجزاء المستحَق على كل من يخالف القانون»، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.