فيما بدت أنها رسالة دعم للصومال الذي يواجه أزمة مع إثيوبيا المجاورة، بدأ وفد من جامعة الدول العربية، الثلاثاء، زيارة إلى العاصمة الصومالية مقديشو يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين الصوماليين، كما «يحمل برقية إلى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود من جامعة الدول العربية»، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا).
وأوردت الوكالة أن السفير الصومالي لدى مصر، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، إلياس شيخ عمر، وسفير الجامعة العربية لدى الصومال، عبد الله بن مطلق العتيبي، كانا في استقبال الوفد؛ حيث جرى إطلاعه خلال الاستقبال على «مستجدات الوضع الراهن في البلاد».
وتأتي الزيارة في أعقاب اتهام الرئيس الصومالي، السبت، قوات الأمن الإثيوبية بمحاولة منعه من الوصول إلى قمة الاتحاد الأفريقي، في خطوة نددت بها مقديشو، ووصفتها بـ«العمل الاستفزازي».
ويأتي اتهام شيخ محمود للقوات الإثيوبية في خضم خلاف بين أديس أبابا ومقديشو بشأن اتفاق بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تحصل أديس أبابا بموجبه على ميناء وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر، وهو الاتفاق الذي رفضته مقديشو بشدة، وأصدر الرئيس الصومالي قراراً بإلغائه.
وكانت أعمال القمة 37 للاتحاد الأفريقي قد انطلقت مطلع الأسبوع الحالي، في أديس أبابا، وقال الرئيس الصومالي في تصريحات صحافية بالعاصمة الإثيوبية، إن «قوات أمن إثيوبية قطعت عليه الطريق خلال التوجه لحضور الجلسة المغلقة». وأضاف أنه عاود المحاولة رفقة رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غيلة؛ لكنهما مُنعا أيضاً من دخول مقر الاتحاد الأفريقي. وقالت إثيوبيا إن الرئيس الصومالي حظي بكامل التشريفات التي يحظى بها رؤساء الدول والحكومات الزائرون لحضور القمة.
ورفضت جامعة الدول العربية وعدد كبير من أعضائها، اتفاق إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، وشددت على دعمها سيادة الصومال على أراضيه، كما دعا كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى احترام سيادة الصومال.
والتقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، شيخ محمود، خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الصومالي إلى القاهرة، الشهر الماضي. وقال جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، حينها، إن أبو الغيط أكد خلال اللقاء الموقف العربي من مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون الموقعة بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال» بموجب القرار الصادر عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي أعلن التضامن الكامل مع الدولة الصومالية، وتأييد موقفها باعتبار هذه المذكرة باطلة وملغاة وغير مقبولة، ورفض أي آثار مترتبة عليها؛ سواء كانت قانونية أو سياسية أو تجارية أو عسكرية، مؤكداً تأييد وتضامن الجامعة العربية الكامل مع كافة الخطوات الدبلوماسية التي يقوم بها الصومال لمواجهة هذه الخطوة الخطيرة.
من جانبه، أكد السفير علي الحفني، الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، أهمية تقديم كل سبل الدعم والمساندة من جانب الدول والمؤسسات العربية للصومال، كي يتمكن من مواجهة الاتفاق الذي وصفه بـ«غير الشرعي» بين الحكومة الإثيوبية و«أرض الصومال». وأوضح الحفني لـ«الشرق الأوسط» أن الدعم العربي، سواء على مستوى الدول أو من خلال أجهزة الجامعة العربية، سيبعث برسالة واضحة إلى السلطات الإثيوبية، مفادها أن الصومال «لا يقف وحيداً في هذه الأزمة»، وأنه «لا يمكن فرض الأمر الواقع استغلالاً للأزمات التي يعانيها الصوماليون». وشدد على خطورة ما يعانيه الصومال على الأمن العربي وفي منطقة القرن الأفريقي، لافتاً إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على الأزمة مع إثيوبيا، ولكنها تمتد كذلك إلى معاناة الصومال من نشاط التنظيمات الإرهابية، ما يستدعي دعماً سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً، إضافة إلى مساعدة الحكومة الصومالية على بناء قدراتها وكوادرها الفنية، مؤكداً أهمية أن تضطلع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بمسؤولياتهما في هذا الشأن.
وكان الرئيس الصومالي قد تعهد بالتصدي بكل السبل لاتفاق إثيوبيا و«أرض الصومال»، وقال خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، الشهر الماضي: «لن نسمح بأن يستولي على هذه الأراضي بلد آخر، بما في ذلك إثيوبيا، من دون موافقة الصومال ذات السيادة». ورفض الصومال أي وساطة ما لم تنسحب إثيوبيا من الاتفاق الذي عدَّه مجلس الوزراء الصومالي «مُلغى وباطلاً»، واستدعت الحكومة سفيرها في أديس أبابا على أثر ذلك.