رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار تناقش في تونس تمويل مشاريع

برلماني يصف حكومة الحشاني بـ«الفشل الذريع»

رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أوديل رينو باسو (أ.ب)
رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أوديل رينو باسو (أ.ب)
TT

رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار تناقش في تونس تمويل مشاريع

رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أوديل رينو باسو (أ.ب)
رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أوديل رينو باسو (أ.ب)

قالت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار، أوديل رينو باسو، التي تواصل زيارتها الأولى إلى تونس منذ الاثنين، وتستمر حتى مساء الثلاثاء، إن البنك يدرس تمويل مشاريع في البلاد. وتشمل زيارة رئيسة البنك إلى تونس، التي تواجه صعوبات اقتصادية، مناقشة فرص دعم أجندة الإصلاح اللازمة لفتح الفرص الاقتصادية وتمويل القطاع الخاص، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر. وأضافت أوديل عقب لقائها الرئيس قيس سعيد في القصر الرئاسي، الاثنين: «كان لي لقاء مهم مع الرئيس قيس سعيد لمناقشة الأوليات في المرحلة المقبلة، ومع مسؤولي الحكومة حول المشاريع التي نمولها مع شركائنا ونعمل عليها». وقبيل زيارتها، أجرت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مشاورات مع منظمات المجتمع المدني. ويتمتع الرئيس قيس سعيد بصلاحيات واسعة في النظام السياسي الجديد، الذي وضعه بعد 25 يوليو (تموز) 2021، فيما تتهمه المعارضة بتقويض الانتقال الديمقراطي الذي بدأ في تونس منذ 2011. وتابعت أوديل رينو باسو موضحة «يسعدني زيارة تونس للتعبير عن التزامنا القوي تجاه البلاد. ونحن على استعداد لدعم السلطات في جهودها الإصلاحية لتحقيق النمو وفرص العمل، خاصة للشباب والفئات الضعيفة، ودعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر». وبلغ حجم استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تونس منذ عام 2012، أكثر من 2.1 مليار يورو، شملت 69 مشروعاً، وقدم الدعم لأكثر من 1200 شركة صغيرة ومتوسطة.

جانب من الجلسة البرلمانية التي عقدت الثلاثاء (موقع البرلمان)

من جهة ثانية، وفي خطوة مفاجئة، توجه نائب برلماني عن كتلة «لينتصر الشعب»، المؤيدة لمسار 25 يوليو 2021 بانتقادات شديدة اللهجة إلى حكومة أحمد الحشاني، الذي تولى المسؤولية في شهر أغسطس (آب) الماضي، قائلا في جلسة برلمانية، عقدت (الثلاثاء)، إن هذه الحكومة هي «حكومة الفشل الذريع».

وفسّر النائب بالبرلمان التونسي، النوري الجريدي، هذا الموقف بقوله إن أعضاء الحكومة التونسية «يبيعون الوهم للشعب»، متسائلا عن إنجازاتهم التي وصفها بـ«إنجازات التضخم وارتفاع الأسعار»، وطالب بتوجيه لائحة لوم للحكومة بشكل عاجل.

وتابع المصدر ذاته موجهاً كلامه لعدد من أعضاء الحكومة، خلال جلسة حضرها وزير الفلاحة لمناقشة مشروع قانون لتنظيم التجارة الدولية بأصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض: «أنتم حكومة الفشل الذريع، ونواب الشعب تخجلهم إجابات الوزراء، التي هي في أغلبها إحصاءات يمكن لأي مواطن بسيط الحصول عليها من أقرب خلية إرشاد، أو سلطة محلية أو مندوبية جهوية»، على حد تعبيره.

وكانت عدة أطراف سياسية قد طالبت بإجراء تعديلات جوهرية على الحكومة، وتقييم أداء الوزراء، خصوصاً المرتبطين بالملفات الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى مراقبون أن مثل هذه الانتقادات قد تجد صداها لدى الشارع التونسي، في ظل تذبذب الإنتاج، وصعوبات التزود بالمنتجات الفلاحية ومواجهة أزمات التزود بالخبز. علاوة على الارتفاع الكبير لمعظم المنتجات الاستهلاكية. وغالباً ما تشير الحكومات المتعاقبة إلى الصعوبات الظرفية التي تعرفها تونس، سواء خلال فترة الهجمات الإرهابية التي تلت سنة 2011، أو بسبب «جائحة كورونا» التي تركت أثرها السلبي على النمو الاقتصادي، علاوة على التقلبات الإقليمية المتتالية مما أثر على سلاسل الإنتاج وضخم من أسعارها على المستوى الدولي. هذا بالإضافة إلى ضعف الموارد الذاتية للدولة وشحها خلال فترات من السنة، مما يجعل الحكومات تعتمد على ميزانيات تكميلية لسعد الثغرات المالية الكبرى، التي تبرز قبل نهاية السنة المالية بعدة أشهر.


مقالات ذات صلة

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

أظهرت أحدث نسخة من مشروع قانون الموازنة التونسية، أن تونس تأمل في خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المائة عام 2025 من 6.3 في المائة متوقعة في 2024.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».