لاجئون سودانيون يواجهون انتظاراً مرهِقاً في مخيمات مكتظة بجنوب السودان

معاناة النزوح والتشرد التي لا تنتهي... مشهد آخر من الرنك (أ.ف.ب)
معاناة النزوح والتشرد التي لا تنتهي... مشهد آخر من الرنك (أ.ف.ب)
TT

لاجئون سودانيون يواجهون انتظاراً مرهِقاً في مخيمات مكتظة بجنوب السودان

معاناة النزوح والتشرد التي لا تنتهي... مشهد آخر من الرنك (أ.ف.ب)
معاناة النزوح والتشرد التي لا تنتهي... مشهد آخر من الرنك (أ.ف.ب)

تصل شاحنة إلى مدينة الرنك في جنوب السودان محمّلة بعشرات المسنين والنساء والأطفال، الذين تكشف وجوههم المنهكة عن المحنة التي مرّوا بها خلال رحلتهم للفرار من القتال.

هؤلاء هم من بين أكثر من نصف مليون شخص عبروا الحدود إلى جنوب السودان، الذي يكافح لاستيعاب الوافدين الجدد مع ازدحام مخيمات اللاجئين فيه، على ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها الثلاثاء.

شابة سودانية تنتظر مع عائلتها إجراءات العبور إلى الرنك في مركز جودا الحدودي (أ.ف.ب)

تقع الرنك على مسافة 10 كيلومترات فقط من السودان، حيث اندلعت الحرب في أبريل (نيسان) من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). ومذاك، يشهد مركزا عبور تابعان للأمم المتحدة في الرنك، تدفقاً متواصلاً للسودانيين الهاربين من الحرب.

وقالت فاطمة محمد، وهي مدرّسة تبلغ 33 عاماً هربت مع زوجها وأطفالها الخمسة من مدينة الأُبيِّض في وسط السودان، إن الرحلة محفوفة بالخطر. وأوضحت «كان الرصاص يدخل منزلنا. كنا عالقين بين تبادل إطلاق النار في شارعنا. لذلك؛ فهمنا أنه علينا المغادرة من أجل مصلحة أطفالنا»، واصفة الوضع في السودان بأنه «لا يحتمل».

استغرق منهم الأمر خمسة أيام للتمكن من الهرب؛ إذ «صعّب الجنود السودانيون ومقاتلو (قوات الدعم السريع) علينا مغادرة البلاد» كما قالت مضيفة: «أخذوا هواتفنا عند نقطة تفتيش، وجزءاً كبيراً من أموالنا عند نقطة أخرى».

عائلات لاجئة إلى جنوب السودان (أ.ف.ب)

منذ بداية الحرب، فرّ من السودان قرابة ثمانية ملايين شخص، نصفهم أطفال، لجأ نحو 560 ألفاً منهم إلى جنوب السودان، وفقاً للأمم المتحدة التي تقدر أن 1500 شخص تقريباً يصل كل يوم إلى البلاد. يمضي كثر منهم أشهراً في الانتظار في المخيمات، آملين في أن يتمكنوا في وقت قريب، من العودة إلى ديارهم.

فرّت إيمان دافيد من القتال في الخرطوم مع طفلتها في حين بقي زوجها في العاصمة السودانية... وقالت، وهي البالغة 20 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان يفترض أن تكون إقامة قصيرة، لكن بعد سبعة أشهر، ما زلت عالقة هنا في الرنك».

وأضافت: «آمل بأن أعود إلى الخرطوم وأن أجتمع بزوجي مجدداً، لكنني لا أعرف مصيره».

وأودت الحرب بحياة آلاف المدنيين بحسب أرقام الأمم المتحدة، التي تقول إن نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، في حين يعاني نحو 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة، سوء تغذية.

سودانيون لاجئون في الرنك ينتظرون دورهم للحصول على مساعدات (أ.ف.ب)

وفي حين يتوق كثر في الرنك للعودة إلى ديارهم، يأمل آخرون في السفر إلى مدينة ملكال في ولاية أعالي النيل التي تستضيف أيضاً، عدداً كبيراً من اللاجئين.

في ميناء الرنك، يصطف مئات الأشخاص تحت أشعة شمس حارقة في طوابير طويلة، للصعود على متن قوارب تقوم بالرحلة مرتين على الأقل في الأسبوع إلى تلك المدينة.

وخلال انتظارها، قالت لينا جونا (27 عاماً) وهي أم لأربعة، إن وجهتها النهائية هي جوبا، عاصمة جنوب السودان. وأوضحت: «ليس لدي شيء في جوبا، لا عائلة ولا أصدقاء، ليس لدي عمل هناك لأنني أمضيت كل حياتي في السودان، لكنني أتوقع أن تكون جوبا أفضل بكثير من الخرطوم»، مستذكرة الأيام التي أمضتها تبحث عن طعام في حين كان القتال مستعراً في المدينة.... وبعد ساعات، تمكنت من الصعود على قارب، وكان أحدها محمّلاً بنحو 300 شخص.

قوارب العبور من الرنك إلى ملكال (أ.ف.ب)

وقال دينغ سامسن من المنظمة الدولية للهجرة: «اليوم هو يوم جيد بالنسبة إلينا». وأضاف: «في بعض الأسابيع، نكون تحت ضغط شديد»، مضيفاً أن اقتراب الرياح الموسمية يجعله يشعر بالقلق.

وصرح: «نحن قلقون مما سيحدث عند وصول موسم الأمطار، مع ارتفاع منسوب مياه النهر ما سيعطّل العمليات الطبيعية في الميناء».

ومع دخول ما يصل إلى 10 شاحنات وحافلات إلى الرنك في اليوم، تحاول الأمم المتحدة حشد مساعدات من المجتمع الدولي، وأطلقت نداءً لجمع 4.1 مليار دولار هذا الشهر للاستجابة للحاجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً.


مقالات ذات صلة

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا سد مروي في شمال السودان  (سونا)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)

تحليل إخباري ود مدني... سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية

دخل الجيش السوداني مدينة ود مدني الاستراتيجية بوسط البلاد في 11 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد أن كانت «قوات الدعم السريع» قد انسحبت منها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة

تواصل سقوط مدن ولاية الجزيرة وسط السودان تباعاً في يد الجيش السوداني والفصائل المسلحة المتحالفة معه، من دون أي معارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

وقالت «غرفة طوارئ أمبدة»، وهي جزء من شبكة متطوعين في مجال الإنقاذ بأنحاء السودان: «نتيجة للقصف العشوائي على منطقة دار السلام كان الحصر الأولي للضحايا 120 شهيداً من المدنيين»، من دون أن تحدّد الجهة التي تقف وراء القصف، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدث المسعفون في بيانهم عن «شُح كبير في الإمدادات الطبية المتعلقة بأدوية الإسعافات الأولية، مع وجود عدد كبير من المصابين تتفاوت درجات إصاباتهم».

وفضلاً عن تدميرها البنى التحتية الهشّة أساساً في السودان، حصدت الحرب أرواح عشرات آلاف الأشخاص، ودفعت أكثر من 12 مليوناً إلى النزوح، تاركة كثيراً من السودانيين على حافة المجاعة.

وقُتل عشرات الآلاف في الحرب التي باتت البلاد على أثرها على حافة المجاعة، حسب هيئات إغاثية. واتُّهم الجيش و«قوات الدعم السريع»، على حد سواء، باستهداف المدنيين، بمن في ذلك العاملون في المجال الصحي، واستهداف المناطق السكنية بقصف عشوائي.

تقع معظم أجزاء أم درمان تحت سيطرة الجيش، في حين تسيطر «قوات الدعم السريع» على العاصمة وجزء من منطقة الخرطوم الكبرى. وأفاد السكان من على ضفتي النيل الفاصل بين أم درمان والعاصمة بقصف عبر النهر حيث تضرب القنابل والشظايا المنازل والمدنيين بشكل متكرر.

وأمس، انقطعت الكهرباء عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة، تمّ تحميل «قوات الدعم السريع» مسؤوليته، سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية في شمال البلاد.

وأفاد الجيش السوداني، الذي يخوض حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023، في بيان، بأن الهجوم على سد مروي جزء من «حملتها الممنهجة» ضد المواقع العسكرية مع استهداف البنى التحتية «الحيوية».

وأفاد صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية» في بورتسودان، المطلة على البحر الأحمر حيث مقر الحكومة الموالية للجيش والأمم المتحدة منذ بداية الحرب؛ بانقطاع واسع للكهرباء منذ صباح الاثنين.

وذكر الجيش أن سد مروي ومحطته للطاقة، على بُعد نحو 350 كيلومتراً شمال الخرطوم التي تمد بورتسودان ومناطق أخرى بالكهرباء، استُهدفا «بعدد من المسيّرات الانتحارية». وأضاف أن «هناك بعض الخسائر وسيجري إصلاحها».