حرب السودان تدخل مرحلة «قطع الرؤوس»

الجيش يحقق... و«الدعم السريع» يقارنها بـ«إرهاب داعش»


قوة للجيش السوداني بأحد شوارع الخرطوم في 6 مايو الماضي (أ.ف.ب)
قوة للجيش السوداني بأحد شوارع الخرطوم في 6 مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

حرب السودان تدخل مرحلة «قطع الرؤوس»


قوة للجيش السوداني بأحد شوارع الخرطوم في 6 مايو الماضي (أ.ف.ب)
قوة للجيش السوداني بأحد شوارع الخرطوم في 6 مايو الماضي (أ.ف.ب)

نشر أفراد من الجيش السوداني مقطع فيديو مروِّعاً وهم يحملون رؤوساً مقطوعة، قالوا إنها لمسلَّحين من قوات «الدعم السريع»، بينما اتهمت جهات داخلية «ميليشيا الإخوان المسلمين» التي تُقاتل إلى جانب الجيش، وحلفاءها من المجموعات المتطرفة في تنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، بالوقوف خلف هذه الحوادث البشعة.

وتزيد هذه الواقعة المخاوف، داخلياً وإقليمياً ودولياً، من أن تؤدي الفوضى والاضطراب الأمني إلى تشجيع الجماعات الإرهابية على نقل نشاطها إلى السودان.

وأظهر مقطع الفيديو المتداول بكثافة منذ ليل الخميس، على منصات التواصل الاجتماعي، أفراداً من الجيش يُلوّحون بأسلحة بيضاء ويعترفون بعملية الذبح، ويتوعدون بأن هذا سيكون تعاملهم مع قوات «الدعم السريع». وأعادت المشاهد الصادمة إلى الأذهان طريقة تنظيم «داعش» وهو يُوثّق قطع رؤوس عشرات الرهائن والضحايا والجنود ذبحاً، وينشرها في وسائل إعلامه إبان وجوده في الرقة بسوريا.

من جانبه، قال الجيش السوداني إنه بدأ التحقيق في الأمر، وسيحاسب المتورطين إذا أثبت التحقيق أنهم يتبعون قواته، في حين وصفت قوات «الدعم السريع» ذبح الأشخاص الثلاثة، بأنه «سلوك إجراميّ متطرف من ميليشيا البرهان وكتائب النظام البائد (الذي ترأسه عمر البشير)».

وقالت قوات «الدعم السريع»: «طالعنا مقاطع الفيديوهات التي بثّتها ميليشيا البرهان وكتائب النظام البائد الإرهابية، بذبح 3 أشخاص على أساس عِرقي وجِهوي، والتمثيل بجثثهم في مشهدٍ يشبه السلوك الإجرامي لهذه المجموعات المتطرفة وينافي الأخلاق والدين والقوانين».


مقالات ذات صلة

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا 
أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية»

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (إ.ب.أ)

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: مقتل أكثر من 700 في حصار الفاشر بالسودان

قال فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الجمعة، إن أكثر من 700 شخص قتلوا بمدينة الفاشر السودانية منذ مايو.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الخميس)، تقديم نحو 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية للسودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في نواكشوط الأربعاء (الخارجية الموريتانية)

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، اجتماعاً تشاورياً بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات.

الشيخ محمد (نواكشوط)

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية»


أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية»


أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
أرشيفية لمتظاهرين في واشنطن يطالبون البيت الأبيض بالتدخل لوقف حرب السودان في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» بين المجموعة الشبابية والمدنية التي قادت «ثورة 2018» التي أطاحت نظام الرئيس عمر البشير، وأنصار ذلك النظام والرافضين لوقف الحرب الحالية من الإسلاميين، وذلك في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.

وضجت الوسائط الإسفيرية بالمطالبين بوقف الحرب، التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مطالبين بالانتقال المدني.

وفي المقابل، كانت مجموعة أخرى من أنصار النظام السابق من الإسلاميين وأعضاء حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان يرأسه البشير، تنشر تهديدات باستمرار الحرب حتى القضاء على أعدائهم، وتسخر منهم وتقلل من شأنهم.

وعدّ دعاة السلام يوم 19 ديسمبر فرصة لإعلاء الصوت المناوئ لاستمرار الحرب، ومناسبة لإحياء شعارات ثورتهم تحت شعارها القديم «حرية وسلام وعدالة»، مطالبين بالحكم المدني والانتقال السلمي الديمقراطي، فسارعوا إلى تزيين المنصات الإسفيرية بصور ومقاطع فيديو تعود للأيام والأسابيع الأولى من اشتعال الثورة، سموها «تظاهرات إسفيرية».

ويعد المحتجون الإسفيريون إشعال الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، محاولة للقضاء على «ثورة ديسمبر»، ويرون في الاحتفاء بها تعزيزاً لمطلب وقف الحرب والعودة إلى خيار الديمقراطية وعودة العسكريين إلى ثكناتهم.

الذكرى السادسة للثورة

تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

ودعا الناشط محمد خليفة، وناشطون وسياسيون آخرون، تحت اسم «الديسمبريون» إلى مظاهرات إسفيرية بمناسبة الذكرى السادسة للثورة، وأعاد خليفة نشر مقطع فيديو لإحراق دار حزب «المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة أيام الثورة الأولى، بقوله على منصة «فيسبوك»: «هذا أكثر مشهد يوجع الكيزان (الإسلاميين) وعناصر الأمن وكارهي ثورة ديسمبر المجيدة، إنه مشهد حريق دار المؤتمر الوطني في عطبرة عند بدايات الثورة».

وبدوره، عدّ تحالف «الحرية والتغيير» الحرب الحالية محاولة من أنصار «النظام المباد» للانقضاض على ثورة ديسمبر وإعادة إنتاج الشمولية والدكتاتورية، وتمكين عناصره واختطاف الدولة والعودة للسلطة، وفرض إشراكهم في كل عملية سياسية مستقبلية. وقال حزب «المؤتمر السوداني»، في بيان، إن النظام البائد أوقد نيران الحرب للانقضاض على الثورة وتجريفها، وأضاف: «ثورة ديسمبر المجيدة باقية ما بقيت مطالبها النبيلة، وأن آلة الخبث والدمار تسعى لإعادة الحركة الإسلامية للسلطة من جديد». وقالت أيضاً «الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري»: «إن الحرب في الأصل مكيدة لتدمير ثورة ديسمبر، وإن الثورة عائدة وإرادة الشعب سوف تهزم الحرب وتأتي بالسلام»، فيما قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، في تغريدة على منصة «فيسبوك»: «اضبط بوصلتك على خطاب ديسمبر، فستعرف إلى أي وجهة تتجه».

وروجت المنصات بشكل واسع شعارات الثورة مثل «حرية سلام وعدالة... والثورة خيار الشعب»... و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، والمقصود بالعسكر هو الجيش، و«الجنجويد» هي قوات «الدعم السريع». كما تزينت المنصات الاجتماعية بصور الشهداء الذين قتلوا في الثورة، والمطالبات بالثأر من قاتليهم، وتم تصميم الرقم 19 لمجسم ثلاثي الأبعاد للتذكير بأهمية اليوم ومحوريته.

أنصار النظام السابق

عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أرشيفية)

في المقابل، ضجت منصات الإسلاميين وأنصار النظام السابق، بالتقليل والسخرية من ثورة ديسمبر وتجاهل الاحتفاء بها. واستنكر الإعلامي الإسلامي إبراهيم الصديق في «فيسبوك»، الاحتفال بثورة ديسمبر وعدّه محاولة لطمس هوية الوطن، أتى بها تحالف «الحرية والتغيير»، قائلاً إنها تجاهلت الحدث التاريخي، وسمت يوم 19 ديسمبر «يوم ثورة ديسمبر»، بينما هو في الأساس يوم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في عام 1955. وأضاف: «في 2020 أصدر رئيس مجلس السيادة بيان احتفال بعيد الاستقلال، بينما أصدر عبد الله حمدوك (رئيس وزراء الثورة) بيان احتفال بثورة ديسمبر».

وهدد نشطاء إسلاميون منظمي المظاهرات الإسفيرية، ودعوهم للتظاهر على الأرض إذا كانوا يجرؤون على ذلك، فيما خلت معظم صفحات مؤيدي الحرب من الإشارة لثورة ديسمبر.

وكانت ثورة ديسمبر 2018 قد انطلقت من بلدة مايرنو في ولاية سنار، ومن مدينة الدمازين في ولاية النيل الأزرق في 6 ديسمبر من ذلك العام، لكن إحراق دار «حزب المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة، عُدّ شرارة الثورة التي أشعلتها بقوة، ثم انتقلت الاحتجاجات بعدها إلى العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، وتواصلت الاحتجاجات بشكل يومي واكتسبت زخماً طوال 4 أشهر، واجهتها السلطات بعنف مفرط وقتلت المئات وجرحت الآلاف حتى سقط النظام في 11 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط ملايين المحتجين الذين انتشروا في جميع أنحاء البلاد، فيما اعتصم مئات الآلاف أمام مقر القيادة العامة للجيش لمدة خمسة أيام، ما اضطر اللجنة الأمنية العسكرية إلى إطاحة الرئيس عمر البشير لإنهاء الاحتقان.