مصر تنشد دعماً دولياً لاستباق تحركات إسرائيلية نحو رفح

في ظل استمرار جهود وساطة القاهرة لوقف إطلاق النار بغزةٍ

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح (أ.ب)
TT

مصر تنشد دعماً دولياً لاستباق تحركات إسرائيلية نحو رفح

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح (أ.ب)

تُكثف مصر تحركاتها على المستوى الدولي لحشد موقف رافض لاستمرار التصعيد في قطاع غزة، خصوصاً في ظل الإصرار الإسرائيلي على اجتياح مدينة رفح المحاذية للحدود المصرية، رغم الرفض الإقليمي والدولي.

ويشارك وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في الدورة الستين لمؤتمر ميونيخ للأمن، التي تستمر حتى الأحد المقبل، بحضور عدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء وكبار المسؤولين من عدد كبير من الدول، فضلاً عن مشاركة عدد من رؤساء المنظمات الدولية، وذلك لمناقشة الوضع الدولي الراهن وأبرز التحديات الأمنية والاستراتيجية والأزمات على الساحة الدولية.

وحسب بيان للخارجية المصرية، الجمعة، يشارك شكري متحدثاً رئيسياً في جلسة حول السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، كما يعقد وزير الخارجية على هامش المؤتمر عدداً من اللقاءات مع بعض وزراء الخارجية وكبار المسؤولين، وذلك لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، واستعراض الموقف المصري تجاه أهم التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، على رأسها الحرب الجارية في قطاع غزة.

ويرى مراقبون أن «مصر تنشد دعماً دولياً لاستباق تحركات إسرائيلية نحو رفح».

وشهدت القاهرة على مدى الأيام الماضية حراكاً دبلوماسياً، ركز على الموقف في غزة، إذ استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيريه التركي رجب طيب إردوغان، والبرازيلي لولا دا سيلفا، كما تلقى، مساء الخميس، اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو.

وجددت مصر خلال تلك اللقاءات والاتصالات الدعوة للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة وكافية لأهالي القطاع، كما حذرت من خطورة التصعيد واتساع رقعة الصراع.

وكانت مصر قد حذرت إسرائيل من تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح بقطاع غزة، مؤكدة أن عواقب ذلك ستكون وخيمة، وطالبت بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تؤوي قرابة من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة في القطاع.

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره البرازيلي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

في غضون ذلك، تواصل القاهرة اتصالاتها من أجل دفع «الوساطة» المتعلقة بوقف القتال في غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، إذ لا يزال الاتفاق النهائي بشأن التهدئة يواجه صعوبات في إنضاجه.

واستضافت مصر الأسبوع الماضي اجتماعاً شارك فيه قادة أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لإقرار «هدنة» في غزة.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة والجامعة الأميركية بمصر والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، إلى أن الاتصالات المصرية تشهد وتيرةً متسارعةً لمحاولة منع انزلاق الموقف، مشيراً إلى أن التصعيد الإسرائيلي «سيؤدي إلى إضرار خطير بالأمن الإقليمي».

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن قنوات دبلوماسية وأمنية رفيعة المستوى نقلت إلى الشركاء في الولايات المتحدة والدول الأوروبية «رؤية مصرية واضحة وتقديراً بشأن خطورة الموقف»، لافتاً إلى أن المرحلة الراهنة من الاتصالات تستهدف بناء جبهة دولية قوية يمكنها ممارسة «ضغط جاد» على تل أبيب للحيلولة دون القيام بـ«هجمات غاشمة» تؤدي إلى إشعال الموقف في المنطقة.

ورأى أن العديد من الدول في محيط الشرق الأوسط، خصوصاً من أوروبا، باتت أكثر إدراكاً لخطورة الموقف، وأعرب بعضها عن رغبته في «الانخراط في جهود التهدئة»، لافتاً إلى أن مصر رحبت بأي مساعٍ تساهم في حلحلة الأزمة، خصوصاً في ظل عدم وجود ضغط أميركي حاسم على إسرائيل لوقف مجازفتها بالهجوم على رفح، فضلاً عن وقف الحرب بشكل كامل.

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

كانت وسائل إعلام أميركية كشفت في وقت سابق ما سمته «خطة سلام أميركية-عربية لمرحلة ما بعد حرب غزة». تضمنت الخطة وفق صحيفة «واشنطن بوست» خريطة طريق تبدأ بجدول زمني لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين، باعتبار ذلك المفتاح لخطة اليوم التالي، الذي يتضمن مساراً لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين ولإقامة دولة فلسطينية.

في السياق ذاته، قال مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، طاهر النونو، إن الجانب الإسرائيلي يعرقل التوصل لأي اتفاق لتبادل المحتجزين ويعطل كل محاولة جدية للتوصل لوقف إطلاق النار. وتابع النونو وفق ما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي»، أخيراً، أن «إسرائيل تمارس عملية خداع إعلامي للجمهور، وتدَّعي أن هناك حراكات تجاه صفقة تبادل في حين أنها متشبثة برأيها، ولا تريد أي شكل من أشكال وقف العدوان على قطاع غزة». وأضاف أن «المشاورات مستمرة مع الجانب المصري، وإذا تطلبت المحادثات توجُّه وفد من الحركة لمصر سيتم ذلك، وقبل أيام كان هناك وفد من الحركة في مصر».

وكان وفد من حركة «حماس» برئاسة نائب رئيس الحركة، خليل الحية، قد زار القاهرة قبل نحو أسبوعين، حيث التقى مسؤولين مصريين للتباحث بشأن ما تضمنه رد «حماس» على إطار الاتفاق المقترح من جانب «اجتماع باريس»، الذي رعته الولايات المتحدة الشهر الماضي.


مقالات ذات صلة

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

رحب الصومال بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، وذلك خلال لقاء القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، والوفد المرافق له، في القاهرة، مساء الخميس.

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري، فقد أشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال واعتزازه بعلاقات الشراكة التي تربط القوات المسلحة لكلا البلدين.

وأضاف في بيان له، الخميس، أن لقاء صقر ومحمد نور تناول «مناقشة آخر التطورات والأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار داخل القارة الأفريقية».

ونقل البيان المصري عن وزير الدفاع الصومالي تقدير بلاده لجهود مصر في «إرساء دعائم الأمن والاستقرار لدول القارة الأفريقية كافة»، مرحباً بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي بدولة الصومال، مؤكداً على «أهمية التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والصومالية في مختلف المجالات». حضر اللقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين.

وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال عقب أزمة بين الصومال وإثيوبيا، العام الماضي، بعدما عارضت القاهرة توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

جانب من محادثات وزير الدفاع المصري ونظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

وفي وقت سابق رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة له «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

كما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، أغسطس الماضي «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن «سفينة حربية مصرية سلَّمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية». وكانت القاهرة قد أرسلت طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقّع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس الماضي.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير الجاري.