فيروس «شرس» يهدد أطفال بورتسودان

الصحة العالمية لـ«الشرق الأوسط»: الشلل يهدد أطفال 11 ولاية سودانية

أطفال فرّوا من الصراع في منطقة دارفور يركبون عربة في أثناء عبور الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)
أطفال فرّوا من الصراع في منطقة دارفور يركبون عربة في أثناء عبور الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)
TT

فيروس «شرس» يهدد أطفال بورتسودان

أطفال فرّوا من الصراع في منطقة دارفور يركبون عربة في أثناء عبور الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)
أطفال فرّوا من الصراع في منطقة دارفور يركبون عربة في أثناء عبور الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

قال القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان، الدكتور محمد توفيق مشعل، إن فيروس شلل الأطفال الموجود في محيط العاصمة البديلة بورتسودان، يعد من أشرس أنواع الفيروسات المسببة للمرض، ويهدد مئات الآلاف من الأطفال غير المحصنين ضده. وأوضح مشعل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن إصابة طفل واحد بالفيروس تستدعي تطعيم 50 ألف طفل يعيشون حوله، مشيراً إلى أن هناك تعاوناً مع وزارة الصحة السودانية لتنفيذ خطة المنظمة التي تعتبر التطعيم «أولوية»، لتنسيق حملة تطعيم خلال الفترة المقبلة.

وأدت الحرب المستمرة طوال الأشهر العشرة الماضية إلى تعطيل عمليات التطعيم. فبعد أن كان السودان في عام 2015 من البلدان الخالية من شلل الأطفال، فإن أطفاله ظلوا على الدوام معرضين للإصابة بالفيروس؛ لانخفاض مناعة السكان الناتجة عن انعدام الأمن والنزاعات، وحركة السكان القادمين من البلدان المجاورة التي تعاني تفشي الوباء، وتعطل حملات التطعيم، وتدني المناعة بسبب سوء التغذية الحاد الناتج عن الحرب، وهذا ما جعل ملايين الأطفال يواجهون خطر الإصابة بشلل الأطفال.

الخرطوم ودارفور الأكثر تهديداً

وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية أن ولاية الخرطوم وكامل ولايات إقليم دارفور، تعد من أكثر المناطق المهددة بمواجهة «هزات صحية»، وتابع: «كل المؤشرات الصحية سيئة جداً هناك، ويتوجب على الجهات الصحية تطعيم أكثر من 90 في المائة من الأطفال في الخرطوم ودارفور، لكن الوضع الحالي يشير إلى أن أقل من 30 في المائة فقط هم من تم تطعيمهم». وأضاف محذراً: «هذا مؤشر غير جيد، وتوجد قابلية كبيرة للإصابة بالأوبئة المختلفة».

سودانيون فروا من الصراع في دارفور في أثناء عبور الحدود إلى تشاد في 4 أغسطس 2023 (رويترز)

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على أجزاء واسعة في ولاية الخرطوم منذ أبريل (نيسان) الماضي، ثم أحكمت سيطرتها على أربع ولايات من أصل خمس في إقليم دارفور، باستثناء حاضرة ولاية شمال دارفور «الفاشر»، والتي يدور قتال متقطع حولها منذ أشهر، إلى جانب ولايات الجزيرة، ومعظم أجزاء ولاية شمال كردفان، وبعض المناطق في ولايات البلاد الأخرى.

ووفقاً لمشعل «يوجد 320 ألف طفل دون سن الخامسة، مصابون بسوء التغذية في السودان، 70 في المائة منهم يعانون من سوء التغذية الحاد»، ما يتطلب من منظمة الصحة العالمية تكثيف جهودها لتنفيذ «خطة للتأهب والاستعداد والاستجابة»، لمجابهة الأمراض مع وزارة الصحة التي هي قيد التنفيذ.

وبشأن وباء الكوليرا، قال مشعل إن وزير الصحة السوداني أعلن الوباء في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وبناء على هذا الإعلان قدمت «الصحة العالمية» مساعدات صحية، بما في ذلك اللقاحات. وأضاف: «حسب معلوماتنا، فإن المرض انتشر في 11 ولاية من جملة 18 هي ولايات البلاد، وإن هناك 10 آلاف وسبعمائة حالة إصابة مدونة، نتجت عنها 280 وفاة».

أمراض سارية

وأشار المسؤول عن منظمة الصحة العالمية في السودان إلى وجود كثير من الأمراض السارية في السودان، موضحاً أن «الأمراض السارية التي تحدث بشكل وبائي هي الحصبة والكوليرا والملاريا وحمى الضنك وشلل الأطفال». وكانت وزارة الصحة السودانية قد أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن مدينة بورتسودان (العاصمة الإدارية المؤقتة) سجلت «أعلى نسب إصابة بوباء الكوليرا».

مستشفى بشائر بالعاصمة الخرطوم تعرض لخسائر جمة بسبب المعارك بين الجيش و«الدعم السريع» (أ.ف.ب)

وقال الدكتور مشعل: «منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لا يسمح المناخ العام في مدينة ود مدني بوسط البلاد بأي عمل لمنظمة الصحة العالمية»، وأضاف: «مع ذلك، لا تزال المنظمة تتعهد بتقديم كل الخدمات الضرورية اللازمة للسودان ووزارة الصحة تحديداً، لتقديم الخدمات للسودانيين».

وتابع: «منظمتنا لم تتوقف أبداً عن القيام بدورها، وعملت مع وزارة الصحة منذ اليوم الأول للحرب وما قبلها، وهي تعمل بكل قوتها لتقديم العون التقني الكامل للوزارة».


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا، وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، بمناسبة فعاليات النسخة الرابعة لـ«أسبوع التوعية بملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات»، الذي ينعقد في أديس أبابا. وقال عبد العاطي إن النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار» تأتي في وقت «تتزايد فيه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه القارة الأفريقية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته القاهرة مطلع الشهر الحالي، «ضرورة حشد الجهود الدولية لوقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التي تواجه صراعات وحروباً».

ووفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد أكد عبد العاطي في كلمته أن رؤية بلاده ارتكزت على التعامل مع التحديات بشكل عاجل وشامل، يراعي الأسباب الجذرية للنزاعات، ويُسهم في تعزيز قدرات ودور المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية على الصمود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، سعياً نحو التوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمات والنزاعات القائمة، وبما يحول دون اندلاعها مجدداً.

كما تحدّث عبد العاطي عن التزام بلاده الثابت، تحت قيادة الرئيس السيسي، بـ«العمل بشكل وثيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وكل الأطراف أصحاب المصلحة، لتنفيذ ركائز سياسة الاتحاد الجديدة لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات».

ووفق الوزير عبد العاطي، فإن مصر تحرص خلال استضافتها لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» على تناول تلك الرؤية بشكل مستفيض، وإبراز أهمية الملكية الوطنية والتضامن الأفريقي في تحقيق السلم والأمن المستدامين، فضلاً عن تسليط الضوء على العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية.

وقال بهذا الخصوص: «إن مصر انخرطت بفاعلية في مسار اعتماد سياسة الاتحاد الأفريقي المنقحة لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في فبراير (شباط) الماضي، تجسيداً لرؤيتها الوطنية؛ إذ تُثمن مصر التعاون والتنسيق المستمرين مع مفوضية الاتحاد الأفريقي للترويج لسياسة الاتحاد لإعادة الإعمار، بما يسهم في رفع مستوى الوعي، وتعزيز انخراط دول القارة والشركاء والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف إعادة الإعمار».

وزير النقل المصري خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق سبتمر الماضي (النقل المصرية)

وتُشارك مصر في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق، وفي هذا السياق، زار نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري، كامل الوزير، بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على رأس وفد رسمي، ضم رؤساء 13 شركة متخصصة في مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والسكك الحديدية والموانئ والإسكان، لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالعراق»، وفق إفادة لوزارة النقل المصرية.

ودعا بدر عبد العاطي، السبت، شركاء القارة الأفريقية إلى الانخراط بفاعلية، خلال أعمال النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار»، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، ومواءمة جهودهم في هذا الملف الحيوي مع الجهود الوطنية والإقليمية والقارية الجارية بغية تحقيق آمال وتطلعات أبناء القارة الأفريقية نحو مستقبل عنوانه «السلم والأمن المستدامان».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري قد ذكر في وقت سابق أنه «من بين أولويات السياسة المصرية في أفريقيا، دفع إقامة مشروعات البنية التحتية والتنمية بدول القارة»، لافتاً إلى تنفيذ بلاده «مشروعات ضخمة في عدد من الدول الأفريقية، مثل السد التنزاني، ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيس لميناء جزر القمر».