ليبيا تستعين بـ«التجربة اليونانية» للتغلب على مياه زليتن الجوفية

وسط ازدياد شكاوى المواطنين من تضرر ديارهم واحتمال سقوطها

وزير الإسكان بحكومة الدبيبة يتفقد آثار المياه الجوفية في مدينة زليتن (وزارة الإسكان)
وزير الإسكان بحكومة الدبيبة يتفقد آثار المياه الجوفية في مدينة زليتن (وزارة الإسكان)
TT

ليبيا تستعين بـ«التجربة اليونانية» للتغلب على مياه زليتن الجوفية

وزير الإسكان بحكومة الدبيبة يتفقد آثار المياه الجوفية في مدينة زليتن (وزارة الإسكان)
وزير الإسكان بحكومة الدبيبة يتفقد آثار المياه الجوفية في مدينة زليتن (وزارة الإسكان)

تتصاعد شكايات المواطنين في زليتن، الواقعة غربي ليبيا، من أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، بينما يواصل فريق استشاري يوناني جهوده في المدينة للبحث عن أسباب الظاهرة، بالنظر إلى أن بلدهم مر بهذه التجربة.

فريق الخبراء الإنجليزي يستكشف أزمة تدفق المياه الجوفية (المجلس البلدي بزليتن)

ومنذ نهاية العام الماضي وحتى الآن، تتصاعد شكاوى سكان زليتن، البالغ عددهم 350 ألف نسمة، من انبعاث مياه جوفية من أسفل منازلهم، وفي ساحات عديدة بالمدينة، الأمر الذي تسبب في تضرر مئات المنازل. واستدعت الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا فريقين من الخبراء منذ بداية الأزمة، أحدهما إنجليزي والثاني مصري، ووضعا مجموعة من التوصيات دون حلول جذرية للظاهرة التي لا تزال تؤرق ساكني زليتن.

وقال المجلس البلدي لزليتن، إن الفريق اليوناني المكلف من وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، زار المدينة، صباح أمس (الاثنين)، وبدأ دراسة الأزمة للتوصل إلى حلول.

ويضم الفريق مجموعة من الخبراء، بينهم البروفسورة ماريا من الجامعة التقنية الوطنية في اليونان، وقال المجلس البلدي إن ماريا هي عضو في الغرفة التقنية باليونان، و«أبدت استعدادها لتقديم حلول لكونهم تعرضوا لحالات مشابهة من قبل في بلدهم».

حملة لمقاومة الحشرات في زليتن (بلدية زليتن)

وتعمل السلطات المحلية بشكل متسارع على إزالة المياه التي حوَّلت كثيراً من شوارع زليتن إلى بِرَك ومستنقعات؛ لكنها سرعان ما تتجمع سريعاً، وسط مناشدة المواطنين الحكومة سرعة إنقاذ منازلهم، بعدما هبط بعضها عن سطح الأرض.

وتقول حكومة «الوحدة» إن لجنة الحصر وتقييم الإضرار، التابعة لوزارة الإسكان، تواصل عملها في زليتن منذ الثاني من شهر فبراير (شباط) الجاري، مشيرة إلى أنها تسلمت 350 ملفاً لمواطنين تضررت منازلهم جراء ارتفاع منسوب مياه الجوفية في المدينة. وقد وصل فريق مكتب الاستشاريين البريطاني إلى زليتن في الثاني من فبراير الجاري، وانتهى بعد دراسة وتفقد تفجر المياه الجوفية من وضع مجموعة من التوصيات، قبل أن يغادر البلاد.

وسبق أن أصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية، تخصص للطوارئ. (الدولار يساوي 4.82 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.

وقال رئيس مركز البحوث بالجامعة الأسمرية، مصطفى البحباح لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع في المدينة «لا يزال على ما هو عليه؛ بل إن الأزمة تتفاقم»، وأوضح أن بعض المواطنين هناك «تركوا منازلهم، والدولة غائبة، والبلدية لا تملك ميزانيات لتسكينهم أو دعم المتضررين منهم».

جانب من حملة تطعيم الأطفال في زليتن (بلدية زليتن)

ووصلت الأضرار إلى محطات الكهرباء في زليتن، وقال المتحدث باسم الشركة، وئام التائب، إن 8 محطات فرعية ومحطتين رئيسيتين تضررت بسبب ارتفاع المياه الجوفية في المدينة.

ومن جهته، قال محمد أرخيص، مسؤول لجنة الطوارئ بمدينة زليتن، إن الشركة العامة للمياه تزيل نحو 5 آلاف متر مكعب من المياه يومياً، بواسطة الشاحنات المخصصة لذلك، وتحدث عن وجود مقترح قيد الدراسة حالياً لبناء غرف خرسانية لتجميع المياه، ونقلها عبر خط إمداد رئيسي يقارب طوله نحو 5 آلاف متر يصب في البحر.

ولمقاومة أي أوبئة بيئية بسبب تجمع المياه أسفل البيوت وفي الساحات، أعلنت البلدية عن استمرار التطعيمات، والكشف على طلاب المدارس المتضررة من ارتفاع منسوب المياه، مشيرة إلى إطلاق حملة توعية تشمل توزيع المطويات، وتوعية الطلاب بمخاطر استعمال المياه الملوثة، والابتعاد عن البرك والمستنقعات. كما انطلقت حملة لتوزيع مياه الشرب على المناطق المتضررة، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في البلدية.

وقال المكي جبريل الذي تضرر منزله بشكل كبير جراء المياه الجوفية المتدفقة: «لقد تشققت خزانات مياه الصرف الصحي، وأصبحت المياه تخرج منها، ولهذا نحن الآن لن نركِّز على خزانات المياه أو الصرف الصحي؛ بل نبحث عن أضرار قواعد المنازل والهبوط الأرضي. وهذا ما نخاف منه».

أما محمد عبد الملك الذي اضطر لوقف أعمال بناء منزله بسبب تدفق المياه الجوفية، فقال من جهته: «بدأت البناء في منزلي؛ لكن لم أستطع أن أكمل بسبب المياه التي خرجت من الأرض، فنحن كلما حفرنا خرجت المياه الجوفية، ولا نستطيع البناء أبداً، فتنهار الأساسات».

وأضاف عبد الملك: «بسبب المياه انتشرت الحشرات، وبدأ الأطفال يملُّون من هذا الموضوع، فالشركة تقوم بشفط المياه بشكل يومي من دون أن تصل إلى نتيجة، والمياه الجوفية التي تخرج في ازدياد، ولا تنقص أبداً».

وفي غضون ذلك، يعوّل سكان زليتن على ما سمُّوه «التجربة اليونانية» لحل أزمة المياه الجوفية سريعاً، حفاظاً على منازلهم من الانهيار.


مقالات ذات صلة

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شمال افريقيا صورة أرشيفية للعجمي العتيري (الشرق الأوسط)

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شهدت مدينة الزنتان الليبية (جنوب غربي طرابلس) توتراً أمنياً، بعد توقيف العجمي العتيري، قائد «كتيبة أبو بكر الصديق».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، ركزت على أزمة المصرف المركزي في البلاد، وإيجاد حلول للانقسام السياسي الراهن.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)

مصر تطالب المكسيك بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مواطنين

السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
TT

مصر تطالب المكسيك بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مواطنين

السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)

طالبت مصر، الحكومة المكسيكية، بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مصريين بالمكسيك مؤخراً، للوقوف على أسباب وقوع الحادث، وإنهاء إجراءات نقل الجثامين للقاهرة، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره المكسيكي دي لا فوينتي، الثلاثاء، لمتابعة القضية.

وتعرض مصريون لإطلاق النار، مؤخراً، ما أدى لمقتل ثلاثة وإصابة آخرين.

كانت شاحنة تحمل مهاجرين يحملون جنسيات دول مصر وبيرو وهندوراس والسلفادور متجهةً للحدود المكسيكية - الأميركية، تعرضت الأسبوع الماضي، لإطلاق النار من شرطة الحدود المكسيكية، ما أسفر عن مقتل 6 مهاجرين، بينهم 3 مصريين، وإصابة 12 آخرين، بينهم مصريون أيضاً.

وطالب وزير الخارجية المصري، خلال اتصاله بنظيره المكسيكي، بـ«سرعة إنهاء الحكومة المكسيكية التحقيقات والإجراءات اللازمة، حتى يتسنى نقل جثامين الضحايا المصريين للقاهرة»، إلى جانب «توفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين»، حسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

فيما نقل بيان الخارجية المصرية عن وزير الخارجية المكسيكي «أسفه الشديد للحادث»، مؤكداً أن «التحقيقات متواصلة، وسيتم موافاة الحكومة المصرية بنتائجها فور الانتهاء منها».

وقالت وزارة الدفاع المكسيكية، في بيان سابق لها، إن «الجنود أطلقوا النار على شاحنة صغيرة حاولت التهرب من دورية عسكرية»، فيما نقلت وسائل الإعلام المصرية تصريحاً لمكتب المدعي العام المكسيكي بأن «الشاحنات التي كانت تقل المهاجرين تجاهلت أوامر التوقف، وحاولت الفرار، وعند ملاحقة الجنود لهم تعرضوا لإطلاق نار».

ولمتابعة موقف الضحايا المصريين، توجه السفير المصري في المكسيك، عمرو عبد الوارث، إلى «ولاية (تشياباس)، للاطمئنان على حالة المصابين، وتقديم الخدمات القنصلية اللازمة، والتنسيق مع السلطات المكسيكية بالنسبة لسير التحقيقات الرسمية في الواقعة، وإجراءات شحن الجثامين»، حسب إفادة لوزارة الخارجية.

وأشار بيان الخارجية المصرية إلى أن السفير المصري «اطمأن على حالة المصابين المصريين في الحادث، بينهم قاصر تعرض لإصابات بالغة، وتم نقله لأكبر مستشفى بولاية توكسلا»، كما التقى الأسرة المصرية التي فقدت ابنتيها، مؤكداً «اتخاذ إجراءات شحن الجثامين للقاهرة، ومتابعة التحقيقات مع السلطات المعنية».

إلى جانب الإجراءات الرسمية، قال نائب رئيس المركز الثقافي المصري الأميركي بنيويورك، نشأت زنفل، إن هناك متابعة من اتحاد الجاليات المصرية في أميركا لتطورات حادث المصريين بالمكسيك، مشيراً إلى أنهم «كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة، وتعرضوا لإطلاق نار من الشرطة المكسيكية على الحدود».

وبينما أشار زنفل لـ«الشرق الأوسط» إلى صعوبات في متابعة إجراءات الحادث بسبب بعد المسافة بين العاصمة المكسيكية والمنطقة التي جرى فيها الحادث، طالب «بضرورة تفعيل أدوار روابط المصريين بالخارج في مساعدة السلطات المصرية، في مثل هذه الحوادث الطارئة».

وتحدث زنفل عن مجموعة من المخاطر للمصريين الذين يغامرون بالانتقال إلى الولايات المتحدة، عبر الحدود المكسيكية، بسبب جماعات التهريب على الحدود، وقال إن «بعض المصريين يستخدمون الأنفاق الحدودية ما يعرضهم لمخاطر من شرطة الحدود»، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية في أميركا تمارس ضغوطاً مكثفةً على الأمن المكسيكي لتشديد مراقبة الحدود.

وأوضح رئيس الاتحاد العام للمصريين بالخارج، إسماعيل أحمد علي، أن «شحن جثامين الضحايا للقاهرة لن يتم إلا بعد انتهاء السلطات المكسيكية من التحقيقات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتحاد يتابع مع أسر الضحايا كافة الإجراءات الخاصة بعلاج المصابين، والتحقيقات الخاصة بالحادث».