«الجنيه يفقد 70 في المائة من قيمته أمام الكمون»، إحدى «التغريدات» الساخرة التي شهدتها منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، لتعكس في مضمونها مشهداً جديداً من مسلسل غلاء الأسعار في مصر، بعد أن أصابت التوابل زيادات قياسية في تسعيرها خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً «الكمون»، الذي وصل سعره إلى 500 جنيه للكيلوغرام.
ويبلغ السعر الرسمي للدولار في مصر 30.9 جنيه مصري، بينما يتراوح في السوق الموازية ما بين 55 و60 جنيهاً، وذلك وفق وسائل إعلام محلية.
الجنيه يفقد 70 % من قيمته أمام الكمون.
— أحمد الفخراني (@ahmed_fakharany) February 11, 2024
ووفق رئيس شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية في مصر، عبد الفتاح رجب العطار، فإن أقل سعر لكيلو الكمون يبلغ 500 جنيه. وأشار، في تصريحات تليفزيونية، الأحد، إلى أن مصر تستورد الكمون من الخارج، لسد الفجوة في الإنتاج المحلي، مبيناً أن الكمون المحلي (البلدي) والمستورد يُباعان بالسعر نفسه، مؤكداً أن ارتفاع الأسعار غير مرتبط بزيادة من التجار أو تخزين السلعة، لكنه مرتبط بعمليات «التنظيف والغربلة والنقل»، التي تسهم في زيادة السعر بصورة أكبر.
وسجل سعر كيلو الكمون المستورد نحو 170 جنيهاً في فبراير (شباط) 2023، بينما بلغ سعر كيلو الكمون البلدي 190 جنيهاً في الفترة نفسها، وفق بيانات شعبة العطارة.
وهو ما يعني زيادة سعره 3 أضعاف خلال عام، الأمر الذي يفسره الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «التوابل، وفي مقدمتها الكمون، من أكثر المنتجات مبيعاً وطلباً واستهلاكاً في مصر، فهي مُكون على مائدة المصريين بشكل يومي مثل الفول والفلافل (الطعمية)، وليس بشكل موسمي أو في أوقات معينة، فجميع التوابل دون استثناء تدخل في المأكولات والمشروبات، وهي عنصر أساسي في الطهي، كما يلجأ إليها كثيرون للاستفادة من خصائصها وفوائدها العلاجية، وبالتالي تأتي زيادة الطلب عليها في ظل وجود أزمة في الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها».
وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع على مدار شهور 2023، ومنذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار السلع الحيوية، على رأسها الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، وذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.
ومن جهة أخرى، سيطرت أسعار الكمون بشكل خاص والتوابل بشكل عام على أحاديث المصريين، وتركز كمّ كبير من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع زيادة أسعارها، التي تعاملوا معها معبّرين عن أسفهم تارة وسخريتهم تارة أخرى.
وعدّد حساب باسم «تامر أحمد» أسعار التوابل حالياً، بما يجعلها تنافس الذهب. بينما اعتبر حساب آخر أن الكمون أصبح يعامل مثل فواكه الأفاكادو والكيوي مرتفعة الثمن.
الكمون ب 450الفلفل الاسود ب 680القرفة ب 2000الحبهان بينافس الدهب
— TAMER ♥️ MHMD (@tatooo92015) February 10, 2024
وتعد مصر من أكبر الدول المنتجة للكمون في العالم، ويجري إنتاجه في محافظات الوجه القبلي، ويبلغ متوسط إنتاج مصر من الكمون نحو 200 ألف طن سنوياً، حسبما ذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في آخر إحصائية له عام 2022.
ولفت حساب باسم «رضوان» رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أهمية الكمون حالياً في ظل اهتمامهم بأسعار الذهب والدولار.
#دهب إيه و #دولار إيه يا جماعة،حد خد باله من #الكمون!
— R️DW️N (@mo_radwan1010) February 4, 2024
بينما رأت «سارة سمير» أن الكمون هو أفضل استثمار للأموال.
كده لو طلبت مطعم قول له من فضلك #الكمون بره لوحده pic.twitter.com/vT0EaoNoEA
— s a r a samer (@sarasamer19) February 5, 2024
وفيما تساءل رواد «السوشيال ميديا» عن أسباب زيادة أسعار التوابل، يجيب الخبير الاقتصادي «الشرق الأوسط»: «المنتج المحلي من التوابل في مصر لا يكفي إلا 3 شهور فقط، ويجري تعويض الطلب من خلال الاستيراد، خصوصاً من الدول العربية مثل اليمن والسودان والسعودية والكويت، وبالتالي تأتي زيادة الأسعار أمراً طبيعياً لكون تلك المنتجات المستوردة ترتبط بسعر الدولار، فكلما ارتفع سعر الدولار زاد سعر السلعة».
كنوع من السخرية، استلهمت «السوشيال ميديا» مشاهد الأفلام السينمائية الشهيرة في «كوميكس» يتفاعل مع أسعار الكمون.
- هو إنت فاكر إن العز إللي إحنا فيه ده من المخدرات!؟= أمال من إيه؟- من الكمون والحبهان pic.twitter.com/jwr35V1k8P
— وفاء.. (@anawfaa3) February 10, 2024
ويوضح رئيس «مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، أن التفاعل مع أسعار الكمون بشكل كبير خلال الأيام الماضية، يأتي لأنه كان سلعة من أرخص السلع ثمناً، فكان يمكن شراء نحو 100 غرام منه بجنيه واحد فقط فيما مضى، وبالتالي عندما يصل لهذه الأسعار القياسية وبشكل غير مبرر في الوقت الحالي، ترتب على ذلك أن يتحول لمادة للحديث والسخرية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الآنية، وارتفاع معدلات التضخم.
وبعد ما حكيتلكم حكايةالفراخ أم 100 و البانيه أبو 300 و اللحمة أم 400هحكيلكم النهاردة حكايةالكمون أبو 500 و البن أبو 800 والحبهان أبو 3000 pic.twitter.com/5fITK2knBp
— ✍ عاشق القهوة الذي لا يغلبه الشعراء !! ✍ (@hatemfarag317) February 11, 2024
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، نهاية الأسبوع الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني) من 33.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).