ماذا يعني نقل تبعية 10 جهات تنفيذية لصندوق يترأسه نجل حفتر؟

أصدر مجلس النواب الليبي قانوناً يتعلق بإنشاء «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، وأسند رئاسته إلى بالقاسم، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».

وتضمن القانون، الذي نشره المجلس في 6 فبراير (شباط) الحالي، نقل تبعية 10 جهات تنفيذية إلى «صندوق التنمية وإعادة الإعمار»، الأمر الذي أثار عدداً من الأسئلة، عن الأسباب التي أدت إلى ذلك.

والجهات التي نقلت إلى الصندوق، هي أجهزة: «تنمية وتطوير الهلال النفطي»، و«تنمية وتطوير المدن»، و«تنمية وتطوير المراكز الإدارية»، و«التنفيذي لتطوير المناطق والمشروعات النفطية»، بالإضافة إلى «هيئة المشروعات العامة»، و«لجنة إعادة الإعمار والاستقرار»، و«لجنة إعادة إعمار واستقرار مدينة الكفرة»، و«جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق»، و«مصلحة الطرق والجسور»، و«صندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة»... ويجوز لرئاسة مجلس الوزراء أن تنقل للصندوق تبعية جهات أخرى.

صورة عامة للدمار الذي خلفته الفيضانات في مدينة درنة (أ.ب)

وعدّ محمد امطيريد الباحث والمحلل السياسي الليبي، أن قرار نقل تبعية هذه الأجهزة إلى الصندوق، وفق القانون «قرار صائب»، وقال إن «أهم ما في القانون الصادر عن مجلس النواب، أن الأجهزة العشرة التي كانت متناثرة وتابعة لجهات متعددة، باتت تتبع جهازاً واحداً وهو (صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا)»، وقال إن «هذا الصندوق سيوجه جهود جميع الأجهزة، في إعمار مدينة بنغازي أو درنة التي تعاني، أو كثير من المدن الأخرى، كما أنه يضم أجهزة استثمارية، وتحق له إعادة تدويرها وتفعليها بما يضمن الإنفاق على جميع الأجهزة التابعة له».

وأضاف امطيريد، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن مجلس النواب انطلق في قراره من أن «الأجهزة العشرة لم تكن تقدم شيئاً إلا تقاضي الرواتب من دون تقديم خدمات تتعلق بالتنمية، أو الإعمار في عموم ليبيا». وقال: «نحن في حاجة إلى مثل هذه الخطوات، بحيث يتم جمع الأجهزة المتناثرة التي لا تقدم أي شيء لليبيا، إلا تقاضي الرواتب فقط».

المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

ولفت امطيريد إلى أنه «في ظل التخبط السياسي بليبيا، انتهى مجلس النواب إلى هذا القانون». ورأى أن حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس «أصبحت عائقاً أمام تنفيذ المشروعات، ولذا فإن الصندوق باتت له ميزانية مستقله يستطيع من خلالها الإنفاق على المشروعات الكبرى التي تنتظرها ليبيا في المرحلة المقبلة».

وتتنازع السلطة في ليبيا حكومتان؛ إحداهما بقيادة الدبيبة في العاصمة طرابلس، والثانية برئاسة أسامة حمّاد مكلفة من مجلس النواب، وتتخذ من شرق ليبيا مقراً لها.

وعادة ما يلقي الانقسام السياسي الذي تعانيه ليبيا، بظلاله على القرارات والقوانين التي يصدرها مجلس النواب، ما بين رفض أو استنكار، أو تشكيك. وبرغم مرور نحو أسبوع، أثار القانون حالة من الجدل، ويرى مسؤول سياسي بغرب ليبيا، رافضاً ذكر اسمه، أن مجلس النواب «يمالئ نجل حفتر»، مبدياً «استغرابه من نقل تبعية هذه الأجهزة إلى جهاز واحد ويتولى بالقاسم رئاسته».

وتضمنت المادة الأولى من القانون، إنشاء «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، تكون مهمته تنفيذ خطط وبرامج إعمار وتطوير المدن والقرى والمناطق الليبية، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، ومقره مدينة بنغازي، ويجوز إنشاء فروع ومكاتب له في مدن أخرى».

بالقاسم حفتر وأسامة حماد وحاتم العريبي رئيس لجنة إعادة الإعمار في جولة بمدينة درنة (صندوق إعادة إعمار درنة)

ويهدف الصندوق إلى تحقيق الأغراض التالية: المشاركة مع الجهات ذات العلاقة في وضع السياسات والاستراتيجيات العامة لإعمار وتنمية وتطوير المدن والمناطق المستهدفة. ويحق للصندوق الاستثمار وإنشاء المشروعات الاستثمارية، كما يحق له إنشاء الشركات في كل مجالات اختصاص الصندوق.

وذهب جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، إلى أنه «لا يمكن الحديث عن إعمار وتنمية في ظل انقسام سياسي وتشرذم السلطة التشريعية وغياب الرقابة»، ورأى أن «أي مشروع تحت اسم إعادة الأعمال بهذه الظروف، هو فقط إهدار للمال العام وإرضاء لدول أخرى». دون أن يوضح حقيقة هذه الدول.

وقال الفلاح في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «نحن نحتاج إلى دولة مستقرة تحكم من خلال مؤسسات شرعية، وتجديد الشرعية المفقودة قبل كل شيء؛ وبعد ذلك نستطيع أن نتحدث عن إعادة إعمار وتنمية؛ أما بهذه الطريقة فستضيع المليارات كما ضاعت من قبل دون رقابة ومساءلة ومحاسبة، بعيداً عمن يترأس هذه الصناديق».

وتطرقت المادة الـ6 من القانون إلى موارد الصندوق المالية، من بينها ميزانية خاصة تقدم من الصندوق لمجلس النواب لاعتمادها، إلى جانب الهبات والمساعدات غير المشروطة، بالإضافة إلى القروض والمساهمات المقدمة من المؤسسات المحلية والدولية.