الجزائر: مساعي «إسلاميين» لإلغاء تهمة «الإضرار بالمصلحة الوطنية»

قالوا إنها تشكل «خطراً حقيقياً على الحريات»

بعض أعضاء كتلة «حركة مجتمع السلم الإسلامية» في البرلمان (حساب الحركة بالإعلام الاجتماعي)
بعض أعضاء كتلة «حركة مجتمع السلم الإسلامية» في البرلمان (حساب الحركة بالإعلام الاجتماعي)
TT

الجزائر: مساعي «إسلاميين» لإلغاء تهمة «الإضرار بالمصلحة الوطنية»

بعض أعضاء كتلة «حركة مجتمع السلم الإسلامية» في البرلمان (حساب الحركة بالإعلام الاجتماعي)
بعض أعضاء كتلة «حركة مجتمع السلم الإسلامية» في البرلمان (حساب الحركة بالإعلام الاجتماعي)

رفعت كتلة المعارضة الإسلامية في البرلمان الجزائري إلى جلسته العامة، التي لم يحدد تاريخها بعد، مقترحاً لإلغاء مادة في قانون العقوبات، تخص تهمة «الإضرار بالمصلحة»، وذلك بغرض التصويت عليها بعد رفضها من طرف «لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات» بغرفة التشريع.

ويقود المسعى النائب عبد الوهاب يعقوبي، ممثل المهاجرين الجزائريين بالخارج، وعضو «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، وهو الحزب المعارض الوحيد في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى). وأعلن النائب عبر حسابه بالإعلام الاجتماعي أنه أطلق مسعى لحشد التأييد وسط النواب لإلغاء «المادة 96» من قانون العقوبات، التي اعتبرها «خطراً حقيقياً على الحريات، وتهدد خصوصاً حرية التعبير بذريعة الضرر بالمصلحة الوطنية».

البرلماني عبد الوهاب يعقوبي صاحب مسعى إلغاء المادة من قانون العقوبات (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

ويأتي المسعى في سياق عرض الحكومة تعديلات على قانون العقوبات بالبرلمان، حيث أبدى بعض النواب رفضاً لمواد فيه، ارتكزت عليها السلطات لتوجيه تهم لنشطاء الحراك الشعبي، ولمعارضين سياسيين. وبررت الحكومة اللجوء إلى «المادة 96» في تعديلات سابقة للقانون بـ«وجود تهديدات ضد الأمن القومي من أطراف في الداخل، تتحرك بإيعاز من قوى معادية في الخارج».

وتتضمن المادة المثيرة للجدل عقوبة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 ألف دينار إلى 500 ألف دينار، بحق «كل من يوزع أو يضع للبيع، أو يعرض لأنظار الجمهور، أو يحوز بقصد التوزيع أو البيع، أو العرض بغرض الدعاية، منشورات أو نشرات أو أوراقاً أو فيديوهات، أو تسجيلات صوتية من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية. وإذا كانت المنشورات أو النشرات أو الأوراق أو الفيديوهات، أو التسجيلات الصوتية من مصدر، أو وحي أجنبي، تضاعف العقوبة».

وزير العدل خلال عرضه مشروع قانون تعديل العقوبات بالبرلمان (البرلمان)

وأوضح النائب الإسلامي عبر حسابه أن «النص الجنائي يجب أن يتسم بالدقة، ويبتعد عن الغموض، ولا يخضع للتأويل، لذلك يجب تحديد عبارة (المصلحة الوطنية) لضمان الحريات الفردية والجماعية الأساسية، خصوصاً في الحكومات التي تحتدم فيها المزايدات السياسية بين السلطة والقوى التي تعارضها». وأبرز يعقوبي أن تهمة «تهديد المصلحة الوطنية توظف في بعض الحكومات العربية للضغط على القوى المعارضة، كلما رفعت سقف معارضتها للسياسات الرسمية الخاطئة، التي تجعل تلك الحكومات في حدّ ذاتها مهددة للمصلحة الوطنية في كثير من الأحيان».

عضو مجلس الأمة المتابع بتهمة الإضرار بالمصلحة الوطنية (الشرق الأوسط)

وأضاف يعقوبي أن «لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات»، بالبرلمان أبلغته، الثلاثاء الماضي، رفضها المقترح، داعياً أن يوافق عليه النواب في جلسة تصويت عامة؛ «صوناً لحريات وحقوق الجزائريين». فيما تقول مصادر برلمانية إن هامش حركة النائب الإسلامي المعارض، ضعيف، بسبب انحياز غالبية الكتل البرلمانية للحكومة وتأييدها مشروعها تعديل قانون العقوبات.

وكانت السلطات قد استعملت تهمة «الإضرار بالمصلحة الوطنية»، بشكل مكثَف، ضد نشطاء الحراك الشعبي، الذي دفع بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019. وبناء عليها، سُجن العشرات منهم. كما طالت التهمة ذاتها قياديين في أحزاب معارضة، أبرزهم فتحي غراس رئيس «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» (الحزب الشيوعي الجزائري سابقاً)، الذي حكم عليه القضاء بالسجن عامين مع التنفيذ عام 2021، واستعاد حريته بعد استئناف الحكم. وقد لاحقته النيابة بتهم «إهانة رئيس الجمهورية»، و«عرض على أنظار الجمهور منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية»، و«المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على الكراهية»، و«إهانة هيئة نظامية».

فتحي غراس يساري معارض سجن بتهمة الإضرار بالمصلحة الوطنية (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كما تعرض عضو بـ«مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، يدعى عبد القادر جديع، لهذه التهمة مطلع الشهر الحالي. وأعلنت «المحكمة الدستورية» عن رفع الحصانة عنه، بناء على التماس من رئيس «المجلس»، الذي تسلم بدوره الطلب ذاته من وزير العدل. ويؤخذ على البرلماني، الذي ينتمي لحزب موالٍ للسلطة، أنه «كال اتهامات خطيرة لمسؤولين في الدولة»، على خلفية مداخلات له في البرلمان، ندد فيها بـ«فساد وجهاء».


مقالات ذات صلة

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترفوا بجرائمكم في الجزائر إن كنتم صادقين

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم إن كنتم صادقين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترِفوا بجرائمكم في الجزائر إذا كنتم صادقين

«لقد تركوا لنا الأمراض. كانوا يريدون الانضمام إلى نادي الدول التي تمتلك القنبلة الذرية على حسابنا. تعالوا نظفوا ما تركتموه. لسنا بحاجة إلى أموالكم...».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إيطاليا تشيد بإجراءات مكافحة المغادرة من ليبيا وتونس

الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
TT

إيطاليا تشيد بإجراءات مكافحة المغادرة من ليبيا وتونس

الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)
الرئيس التونسي في لقاء سابق مع رئيسة الحكومة الإيطالية بقصر قرطاج لبحث تدفقات المهاجرين من تونس نحو سواحل إيطاليا (أ.ب)

قال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، إن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لمنع المغادرة من تونس وليبيا «تعمل بشكل جيد للغاية»، وفق ما ذكره تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وأوضح الوزير، في تصريحات نشرت، الثلاثاء في موقع صحيفة «لاستامبا»، ووسائل إعلام إيطالية أخرى، أن «الإجراءات الوقائية» سمحت بتخفيض عدد الوافدين غير النظاميين على البلاد بنسبة 60 في المائة، مقارنة بعام 2023، و38 في المائة مقارنة بعام 2022، مضيفاً أنه للعام الثاني على التوالي ارتفعت عمليات الإعادة للمهاجرين بنسبة 16 في المائة.

مهاجرون سريون في محاولة للوصول إلى شواطئ أوروبا (أ.ف.ب)

وتنتظر روما قرارات محكمة العدل الأوروبية بشأن مدى قانونية مركزي الاحتجاز اللذين أنشأتهما إيطاليا على الأراضي الألبانية بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين لإدارة تدفقات الهجرة، ودراسة طلبات اللجوء خارج الحدود الإيطالية. وتابع الوزير موضحاً أن سلطات بلاده تأمل في استئناف عمليات نقل المهاجرين غير النظاميين إلى مركزي الاستقبال في ألبانيا في أقرب وقت ممكن. مجدداً التأكيد على أن «الإجراءات الوقائية لمكافحة المغادرات من ليبيا وتونس تعمل بشكل جيد للغاية».

وإلى جانب ليبيا، تعد تونس، التي يبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسة في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط. وقد وقعت عدة حوادث غرق في الأسابيع الأخيرة، بسبب الظروف الجوية السيئة.

جل المهاجرين الأفارقة يقصدون تونس للانطلاق من سواحلها نحو جزيرة لامبيدوسا الإيطالية (أ.ف.ب)

وفي 18 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لقي 20 مهاجراً على الأقل متحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء حتفهم في غرق سفينة قبالة سواحل صفاقس (وسط شرق). وفي 12 من الشهر نفسه أعلن خفر السواحل أنه أنقذ في اليوم السابق 27 مهاجراً من أفريقيا جنوب الصحراء، غادروا من منطقة جبنيانة في ولاية صفاقس، لكن تم العثور على 15 آخرين مفارقي الحياة، وفُقد آخرون. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عُثر على 15 جثة مجهولة الهوية قبالة سواحل المهدية. وقبلها بشهر واحد فقط، أنقذ خفر السواحل 36 مهاجراً، من بينهم 20 تونسياً و16 مصرياً، بعدما انجرف قاربهم المعطل نحو ولاية نابل في شرق البلاد. ومنذ مطلع العام، سجل «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» ما بين 600 و700 وفاة، أو اختفاء لمهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 وفاة واختفاء عام 2023. وتواجه تونس، المثقلة بالديون، أزمة اقتصادية خطيرة تتسم بتباطؤ النمو (مع توقع بنحو واحد في المائة)، وارتفاع معدل التضخم، ونسبة البطالة (حوالي 7 في المائة و16 في المائة على التوالي)، مما يدفع في بعض الأحيان عائلات بأكملها إلى الهجرة عبر قوارب الموت. في سياق قريب، قال الحرس الوطني التونسي إنه عثر على جثة طفل مفقود عمره خمس سنوات، كان ضمن 19 مهاجراً تونسياً غرق قاربهم قبالة السواحل الشمالية للبلاد. وعثر على جثة الطفل صبيحة الاثنين، بعد عمليات تمشيط، وتعد الوفاة الثانية التي شهدها القارب المنكوب. ونجا من القارب، الذي تسربت إليه المياه عندما كان في طريقه إلى سواحل الجزر الإيطالية القريبة يوم 29 ديسمبر الحالي، 12 شخصاً. وأفاد الحرس الوطني بأن وحدات من البحرية أنقذت خمسة أشخاص آخرين كانوا يصارعون الموت سباحة بعد أن قفزوا من المركب. كما أعلن عن ضبط أربعة أشخاص لاحقاً يشتبه بتورطهم في تنظيم رحلة الإبحار، ونقل المهاجرين لاجتياز الحدود البحرية بطريقة غير قانونية.