ارتياح «سوشيالي» مشوب بالحذر بعد زيادة الرواتب في مصر

وسط غلاء مستمر وجهود حكومية لمواجهة «دولار السوق السوداء»

مصريون داخل أحد المراكز التجارية (الشرق الأوسط)
مصريون داخل أحد المراكز التجارية (الشرق الأوسط)
TT

ارتياح «سوشيالي» مشوب بالحذر بعد زيادة الرواتب في مصر

مصريون داخل أحد المراكز التجارية (الشرق الأوسط)
مصريون داخل أحد المراكز التجارية (الشرق الأوسط)

ما إن أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حزمة حماية اجتماعية جديدة، وُصفت بأنها «أكبر حزمة اجتماعية لتخفيف الأعباء على المواطنين»؛ لمواجهة الغلاء وتخفيف الأعباء المعيشية على المصريين ابتداء من أول شهر مارس (آذار) المقبل؛ تفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع تلك القرارات، التي أثارت ارتياحاً، لكنه جاء مشوباً بالحذر تخوفاً من زيادات جديدة في الأسعار، أو من استغلال التجار لتلك القرارات برفع تسعير المنتجات.

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع على مدار 2023 ومنذ بداية العام الحالي، خاصة أسعار السلع الحيوية، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، نتيجة انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.

ويبلغ السعر الرسمي للدولار في مصر 30.9 جنيه مصري، بينما بلغ متوسط سعره في السوق الموازية بحسب وسائل إعلام محلية نحو 62 جنيهاً، وسط تكثيف الحكومة المصرية لجهود ملاحقة تجار «السوق السوداء».

وفيما قُدرت الحزمة الجديدة بقيمة 180 مليار جنيه، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، اليوم الخميس، أنه تم على الفور البدء في اتخاذ الإجراءات التنفيذية للقرارات، مؤكداً على «استمرار مختلف أجهزة الدولة في اتخاذ ما يلزم من خطوات وإجراءات من شأنها أن تسهم في توفير السلع بالكميات والأسعار المناسبة، وكذا جهود ضبط الأسواق، تلبية لاحتياجات ومتطلبات المواطنين».

وخلال الساعات الماضية تحولت تلك القرارات مادة دسمة للحوار حولها على «السوشيال ميديا»، رفعها إلى صدارة التريند، والتفاعل مع «هاشتاغات» مثل: «#الزيادة_الجديدة»، «#الحماية_الاجتماعية»، ومعها جاءت تعليقات الرواد، التي دارت حول تثمين القرارات، أو تناول تأثيرها على الأسعار خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار غلاء السلع.

وأفاد حساب يحمل اسم «السيد»، بأن شركات الأغذية رفعت أسعارها منذ أمس، مُنتقداً مُبررهم بزيادة سعر الدولار، متهماً إياهم بالجشع والاستغلال.

ليتفاعل معه صاحب أحد الحسابات، مُبيناً قيامه بشراء اللبن المعلب بزيادة قدرها ٥ جنيهات، بفعل الزيادة الجديدة.

بينما قال حساب باسم «حسن الشامي» إن الحماية الاجتماعية لن تأتي بنتيجة إلا بالقضاء على السوق السوداء للدولار، والمتاجرين بقوت الشعب والسيطرة على ارتفاع الأسعار.

وهو ما يذهب إليه الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور أشرف غراب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لابد من تشديد الرقابة على الأسواق ومراقبة الأسعار من قبل الجهات المختصة حتى لا يستغل التجار ارتفاع الأجور ويقوموا برفع أسعار السلع بالأسواق».

وقال: «من المفترض أن تنخفض أسعار السلع الفترة المقبلة بالتزامن مع انخفاض دولار السوق السوداء الذي قام التجار بتسعير السلع عليه، ومع اقتراب صرف قرض صندوق النقد الدولي، ودخول استثمارات عربية لمصر الفترة القادمة وتوافر العملة الصعبة».

بالتزامن، طالب اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، (الخميس)، بتشديد الرقابة على الأسواق والعمل على ضبط مستوى التضخم، لعدم استغلال التجار لقرارات الرئيس برفع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة، ما يتسبب في ارتفاع مستوى التضخم مرة أخرى. مؤكداً أن تلك القرارات لها تأثير مباشر على الأسواق بشرط التأكد من ضبط الأسعار وعدم المبالغة بهوامش الربح من قبل التجار والموزعين.

وطالب أحد الحسابات الحكومة بالتزامن مع القرارات الجديدة بتسعير كل منتج وتوفيره وعمل عقوبات على التجار.

وبحسب الخبير الاقتصادي؛ فإن «قرارات السيسي تسهم في مساعدة الأسر المصرية في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، لأنها تحسن من دخلها فتحسن من أوضاعها المعيشية والنفسية»، مضيفاً أن «الزيادة تراعي احتياجات المواطنين في الإنفاق اليومي، وتتماشى مع المتغيرات الاقتصادية الجارية وارتفاع معدل التضخم».

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، الخميس، إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 29.8 بالمائة في يناير (كانون الثاني) من 33.7 بالمائة في ديسمبر (كانون الأول).

من جهة أخرى، تركّز كم كبير من التفاعل «السوشيالي» حول مطالبات بامتداد حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة إلى القطاع الخاص. ويبلغ عدد العاملين بالقطاع الخاص نحو 26 مليون عامل، بحسب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.

وقال حساب باسم «محمد حيدر» إن «العاملين بالقطاع الخاص يتعرضون لظلم شديد»، وفق قوله، مطالباً بوضع حد أدنى للدخل.


مقالات ذات صلة

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات عملاقة تقترب من دخول المرفأ في شينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ب)

فائض تجاري صيني قياسي يلامس 100 مليار دولار

بلغ الفائض التجاري للصين 99.05 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، وهو أعلى مستوى في السجلات التي تعود إلى عام 1981.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
TT

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة داخل الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود بنسب تراوحت ما بين 10 و15 في المائة، وسط مخاوف متصاعدة بين المواطنين من «موجة غلاء» جديدة.

وبينما جدد وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، خلال جولة له في الإسكندرية، اليوم (السبت)، «تأكيده التزام الدولة بثبات سعر الخبز المدعم من دون تغيير مع تحمل الدولة فارق الزيادة»، باشر عدد من المحافظين جولاتهم الميدانية للتأكد من «تطبيق التعريفات الجديدة في المواصلات، وتوافر السلع وأسعارها بالمجمعات الاستهلاكية، مع التأكيد على بيع الخبز المدعم للمواطنين بـ20 قرشاً».

ومطلع يونيو (حزيران) الماضي، رفعت الحكومة المصرية للمرة الأولى منذ 36 عاماً، سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشاً للرغيف، بدلاً من 5 قروش (الجنيه يساوي 100 قرش، بينما يعادل الجنيه 0.021 دولار أميركي).

محافظ القاهرة خلال متابعة تطبيق التعريفة الجديدة للمواصلات (محافظة القاهرة)

وقدمت عضوة مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة راوية مختار، سؤالاً برلمانياً إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير البترول حول تأثير قرار رفع أسعار الوقود على السلع خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن القرار سيؤدي حتماً إلى «زيادة الأسعار» في الأيام المقبلة، بما يشكل عبئاً على المواطن، ويخالف تعهدات الحكومة بالتخفيف عن المواطن.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس الماضي، زيادة أسعار أنواع الوقود. ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، فقد جرت زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً. أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من 10 جنيهات.

وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور كريم العمدة، فإن «رفع الحكومة لسعر السولار الأكثر استخداماً في سيارات النقل ومركبات الأجرة سيؤدي حتماً إلى زيادة الأسعار بنسب متفاوتة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات الحكومية من أجل ضبط الأسواق يجب أن تكون أكثر صرامة لضمان عدم استغلال نسب زيادة الوقود في رفع الأسعار بصورة مبالغ فيها»، مضيفاً أن «ارتفاع تكلفة النقل سيؤدي بالتبعية إلى زيادة أسعار السلع بنسب ثابتة، بافتراض ثبات باقي العوامل الأخرى المؤثرة في عملية التسعير».

محافظ الجيزة في جولة تفقدية بأحد الأسواق (محافظة الجيزة)

لكن عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمود أبو الخير، يرى أن نسب الزيادة ستكون ذات تأثير محدود على المواطنين «حال نجاح الأجهزة الرقابية في متابعة دورها، ليس فقط على أسعار السلع؛ لكن أيضاً على وسائل النقل وغيرها من الأمور»، لافتاً إلى أن «تحركات المحافظين والوزراء والمسؤولين على الأرض تعكس بوضوح وجود جدية حكومية في هذا الأمر».

وقال أبو الخير لـ«الشرق الأوسط»، إن «جولات المسؤولين المصريين قد تحد من استغلال بعض التجار، الذين يسعون لتحقيق مكاسب إضافية، فور الإعلان عن أي زيادات سعرية»، مشيداً بـ«سرعة التحرك الحكومي لضبط الأسواق وتجنب حدوث مشكلات في توافر بعض السلع».

مسؤولون مصريون يتابعون العمل داخل إحدى محطات الوقود عقب زيادة أسعار البنزين والسولار (الشرق الأوسط)

ومنذ بدء برنامج «الإصلاح الاقتصادي» بمصر مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، اتبعت الحكومة المصرية «إجراءات تقشفية»، على رأسها «تقليل دعم الوقود والكهرباء والمياه بشكل تدريجي»، بحسب مراقبين.

وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء الماضي، «رفع أسعار عدة خدمات حتى نهاية العام المقبل بشكل تدريجي». لكن مدبولي تعهد العمل على «ضبط الأسعار» من خلال «ضخ كميات إضافية من السلع، مما يحقق وفرة في العرض، وبالتالي تحقيق انخفاض في السعر».

وعودة إلى النائب أبو الخير، فقد أكد «أهمية الاستمرار في المتابعة الميدانية لضمان توافر السلع، مع وجود احتياطي استراتيجي منها يكفي لفترات أطول»، لافتاً إلى «ضرورة تفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة للمخالفين، الذين يقومون بتخزين السلع لمحاولة احتكارها من أجل زيادة سعرها».