أعلن الجيش السوداني أن قائده العام، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، تفقد الخطوط الأمامية بمنطقة «أم درمان العسكرية» ومواقع عسكرية ومدنية شمال أم درمان، في زيارة تلت ذيوع معلومات عن محاولة انقلابية واعتقال ضباط مؤثرين، يرجح أنهم تابعون لتنظيم الإسلاميين داخل الجيش.
خلال الزيارة تلقى البرهان وعضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، الذي كان في استقباله، شرحاً من قادة المتحركات عن سير العمليات، فيما أشارت تقارير صحافية إلى أن هدف الزيارة «غير المعلن» هو إزالة الأثر الذي ترتب على ذيوع المعلومات عن «انقلاب عسكري» واعتقال عدد من الضباط المتورطين.
وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة صحافية، الخميس، إن البرهان تلقى «تنويراً» عن سير العمليات من قيادة المتحركات، وإنه تفقد مواقع عسكرية ومدنية، وإن تدافعاً «عفوياً» من قبل مواطنين التفوا حوله شهدته المواقع التي زارها.
وتأتي زيارة البرهان للمنطقة العسكرية التي يسيطر عليها الجيش، وتعد من أهم المناطق التي ينطلق منها الجيش في عملياته ضد «قوات الدعم السريع» بعد يوم واحد من تداول وكالات الأنباء والفضائيات لمعلومات عن محاولة انقلابية تنطلق من منطقة «كرري» العسكرية، واعتقل على أثرها ثلاثة ضباط برتب وسيطة.
لكن الجيش نفى حدوث المحاولة الانقلابية، بيد أنه لم ينف «اعتقال الضباط»، وقلل بعض مناصريه من العملية، وعدّوا اعتقال الضباط نتيجة لـ«تذمر» القادة الميدانيين من الخطط العسكرية لقيادة الجيش، بينما تناقلت وسائل إعلام أن هناك مخططاً يهدف للقبض على «ضابط كبير» في المنطقة العسكرية.
ونشر إعلام السيادة «فيديو» يبدو أن تصويره تم ليلاً للبرهان بكامل زيه العسكري، وهو يتجول في «منطقة تبدو مؤمنة جيداً»، وحوله عدد من الجنود وحراسة مشددة، بجانب أشخاص بثياب مدنية، يحاولون تحيته، وهم يهللون ويكبرون، ويهتفون: «جيش واحد، شعب واحد».
ووفقاً لإعلام السيادة، فإن البرهان «شدد على التزام القوات المسلحة برعاية أسر الشهداء والمفقودين وعلاج الجرحى والمصابين من القوات النظامية والمستنفرين»، وأكد على استئصال «سرطان الميليشيا المتمردة ومرتزقتها»، وأن الشعب والقوات المسلحة في خندق واحد للقضاء على التمرد.
وعلى الرغم من أن إعلام مجلس السيادة أكد على أن الزيارة أتت ضمن «جولات تفقدية»، يقوم بها القائد العام للقوات «التي تخوض معركة الكرامة في عدة جبهات»، فإن مصادر عسكرية أخرى ذكرت أن هدفها، استعادة تماسك القوات في القاعدة العسكرية المهمة، والتقليل من آثار المحاولة الانقلابية، أو على الأقل تأثير الضباط المعتقلين، وإطفاء نيران التذمر بين الضباط والعسكريين من خطط القيادة العسكرية.
وقال المقدم معاش الطيب المالكابي لـ«الشرق الأوسط»، إن أي محاولة انقلابية في ظل أوضاع الجيش الحالية، لا يمكن أن يقوم بها إلا «تنظيم ضباط الحركة الإسلامية» في الجيش، لأنهم الوحيدون الذين يملكون «شبكة اتصالات موثوقة»، مضيفاً: «الأسماء التي رشحت عن الضباط المعتقلين تؤكد أنهم ضباط إسلاميون».
وأوضح المقدم مالكابي أن قيام ضباط محسوبين على الحركة الإسلامية (الإخوان) داخل الجيش بمحاولة انقلابية، يعني عدم رضا التنظيم عن سير العمليات العسكرية، ويؤكد أنه حراك مضاد للحكم المدني وعودة الديمقراطية.
وقال مالكابي إن تكتم قيادة الجيش عن الانقلاب رغم إجهاضه، والتعتيم على العملية، يكشف عن أنها كانت تتوقع مسبقاً التخطيط للانقلاب، وحالة التذمر داخل القوات المسلحة.
ونقلت صحيفة «دارفور 24» عن ضابط رفيع الرتبة بالجيش، أن الاستخبارات العسكرية كشفت ليل 1 فبراير (شباط) الحالي عن خطة المجموعة ضد قيادة الجيش، وأن العملية كان مقرراً لها فجر الجمعة الماضي، بالتنسيق مع مجموعات أخرى في «القيادة العامة، الخرطوم بحري، وبورتسودان»، وتكون قيادتها في منطقة وادي سيدنا العسكرية.
ووفقاً لمصدر الصحيفة ذات الموثوقية، كانت الخطة أن تتحرك المجموعات الثلاث بالتزامن فجر الجمعة، لتعتقل قيادات هذه المناطق بمن فيهم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان.
وأكدت «دارفور 24» أن الاستخبارات العسكرية استبقت التحرك، وألقت القبض على ثلاثة ضباط ميدانيين مهمين في منطقة كرري العسكرية، كانوا على تواصل مع ضابط برتبة لواء في القيادة العامة.
واتفقت مصادر متطابقة على أن الجيش يشهد حالة تذمر علنية ضد القيادة، وأن كثيراً من الضباط غير راضين عن سير العمليات العسكرية وخطط قيادة الجيش، ولا يُعرف ما إن كانت «زيارة البرهان» قد أفلحت في إزالة هذا التوتر، أم فاقمته، فالانتقادات الموجهة له شخصياً هي الأعلى صوتاً بين مناصري الجيش.