ما إمكانية تحقيق مصالحة بين مؤيدي «ثورة فبراير» وأنصار القذافي؟

قبيل أيام من احتفال الليبيين بذكرى إسقاط النظام السابق

الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من رويترز)
الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من رويترز)
TT

ما إمكانية تحقيق مصالحة بين مؤيدي «ثورة فبراير» وأنصار القذافي؟

الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من رويترز)
الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أرشيفية من رويترز)

قبيل أيام من احتفال الليبيين بالذكرى الثالثة عشرة لـ«ثورة» 17 فبراير، التي أسقطت نظام الراحل معمر القذافي عام 2011، يطرح البعض أسئلة عدة تتعلق بمدى تحقيق المصالحة بين أنصارها ومؤيدي النظام السابق.

بداية، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن الشعب الليبي «لا يعاني أي انقسام في نسيجه الاجتماعي بسبب اختلاف الأفكار السياسية لأبنائه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حدة ما كان موجودا من خلافات بين مؤيدي (ثورة فبراير) وهم الأغلبية؛ وبين أنصار القذافي، (ثورة الفاتح من سبتمبر) هدأت بدرجة كبيرة». مبرزا أن «أغلب التوترات انتهت عقب مقتل القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، أو بعد ذلك بقليل... ومن ثبتت إدانته من رجال عهد القذافي بجرائم جنائية، أو فساد سياسي أو مالي، خضع للمساءلة القضائية».

صورة أرشيفية لاحتفالات الليبيين بذكرى «ثورة» 17 فبراير (الشرق الأوسط)

وأشار معزب إلى أن «جزءا كبيرا من مؤيدي القذافي، ممن سارعوا بالخروج من البلاد حتى قبل مقتله، عادوا مرة أخرى إلى ليبيا منذ عدة سنوات، وبعضهم يشغل موقعا في أعلى سلم السلطة التنفيذية بحكومة الوحدة (الوطنية) المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومن قبلها حكومة (الوفاق الوطني)». مرجعا قرار البعض من اتباع النظام السابق بالبقاء بعيدا عن ليبيا حتى الآن «لمعرفتهم بصدور أحكام قضائية ضدهم جراء ما ارتكبوه من جرائم، أو لاستشعارهم كراهية الليبيين لهم... وغالبية الشعب يعرف جيدا من هم رموز هذا العهد، التي شاركت في التحريض على قتل الثوار، أو استهداف معارضي القذافي».

ليبيون يرون أن القضية التي ستظل تشكل خلافا بين أنصار الثورتين «هي قضية ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة» (الشرق الأوسط)

ويرى معزب أن القضية التي ستظل تشكل خلافا فكريا وسياسيا بين أنصار الثورتين في الوقت الراهن «هي قضية ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة». وقال موضحا: «من المستحيل أن يقبل أنصار (17 فبراير) بترشح وانتخاب نجل القذافي لتولي الرئاسة، ليس فقط لكونه شغل، أو مثل جزءا رئيسيا من نظام والده، وإنما لتحميله مسؤوليته قتل الثوار، وقمع المظاهرات، وهي التهمة التي وجهتها له المحكمة الجنائية الدولية». لكن أنصار النظام السابق، وهيئة الدفاع عن سيف القذافي، ينفون باستمرار مشاركة الأخير في قتل الثوار كما تردد.

بدوره، أكد المحلل السياسي الليبي، محمد الأسمر، تحقق المصالحة على المستوى الشعبي بين أنصار (الثورتين)، مشيدا بدور العديد من المؤتمرات الشعبية، التي دعا لها شيوخ القبائل الليبية في تقليل الفجوة والضغينة بين أنصار كل منهما. إلا أن الأسمر أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الحراك الشعبي «لا يمكن أن يكون كافيا، ولا بد من بلورة وتوثيق المصالحة في ميثاق وطني، يراعي مطالب أنصار القذافي، وفي مقدمتها الإفراج عن السجناء من أنصاره، الذين لا يزالون يقبعون بالسجون، رغم حصول بعضهم على أحكام بالبراءة، وانقضاء مدة عقوبة البعض».

ويرى الأسمر أن الانقسام الذي وقع مبكرا خلال السنوات الأولى لثورة 17 فبراير بين قادتها «ساهم في تقليل حدة الخلاف ما بين تيار تلك الثورة، وبين تيار (سبتمبر)، الذي تمكن من الحفاظ على تماسكه، خاصة مع ابتعاده عن السلطة وصراعاتها». ونوه الأسمر إلى «تحسن الأوضاع بشكل ملحوظ، حيث باتت احتفالات ذكرى (ثورة الفاتح) تمر بلا أي مضايقات حتى داخل المدن، التي توصف بكونها مهد (ثورة فبراير)، ومن قبل ذلك كان هناك تحرك كبير من قبل النيابة العامة لرد الحقوق لأنصار القذافي، وذلك بإرجاع ما تمت مصادرته من ممتلكاتهم، دون وجه حق خلال سنوات (الثورة) الأولى». كما أرجع الأسمر بقاء الكتلة الأكبر من أنصار القذافي خارج ليبيا، «لما تتمتع به من حرية الحركة السياسية والإعلامية في الدول التي يقيمون بها».

صورة أرشيفية للرئيس الراحل رفقة بعض أفراد عائلته (رويترز)

من جانبه، قال مصطفى المجعي، الذي كان عضو اللجنة الإعلامية لـ(ثورة 17 فبراير)، إن «المصالحة متحققة شعبيا، والشباب تحديدا تجاوزوا خلافات الماضي، لكن هذا لا يعني التنازل عن حق من قتل من الثوار، ومن قبلهم حق الليبيين ممن قتلوا على أيدي كتائب القذافي».

وبخصوص تطور علاقة (الثوار) ومؤيدي النظام السابق، نوه المجعي إلى أن «عناصر الكتائب المسلحة التابعة للقذافي تمت معاملتهم في البداية كأعداء بساحة قتال، ولم تكن المعارك لتنتهي بينهم وبين (الثوار) إلا بقاتل أو مقتول، لكن مع مقتل القذافي هدأت الأمور».


مقالات ذات صلة

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.