هل يمكن القضاء على «السوق السوداء» للدولار بمصر؟

بموازاة ضربات أمنية لـ«تجار العملة»... وأحاديث عن تدفقات خارجية

شركة صرافة في القاهرة (أ.ب)
شركة صرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

هل يمكن القضاء على «السوق السوداء» للدولار بمصر؟

شركة صرافة في القاهرة (أ.ب)
شركة صرافة في القاهرة (أ.ب)

أعاد التراجع «اللافت» لسعر صرف الدولار بـ«السوق السوداء» في مصر، خلال الأيام الماضية -كما رصدته وسائل إعلام محلية- الحديث عن إمكانية نجاح الإجراءات الأمنية والاقتصادية التي تقوم بها الحكومة المصرية حالياً، في القضاء على السوق الموازية، بعدما حازت اهتماماً بالغاً خلال الشهور الماضية، في ظل شح العملة الأجنبية بالبنوك الرسمية.

وهبط سعر الدولار في «السوق السوداء» بأكثر من 20 جنيهاً في غضون يومين فقط. ووفق وسائل إعلامية، فإن قيمة الدولار انخفضت من أكثر من 70 جنيهاً إلى نحو 50 جنيهاً، بينما ظل السعر الرسمي للدولار في البنوك عند نحو 30.9 جنيه في المتوسط.

وعادت «السوق الموازية» للظهور بعد سنوات من التوقف منذ مارس (آذار) 2022، مع قرار البنك المركزي تخفيض سعر الجنيه على خلفية تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت لتخارج 23 مليار دولار من السوق المصرية، وفق تصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط، بينما حافظت على قوة وجودها مع تكرار التخفيض لقيمة الجنيه.

وتوقع عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، في تدوينة عبر حسابه على «إكس»: «مزيداً من الهبوط لسعر الدولار في (السوق السوداء) خاصة مع قرب دخول مبلغ مالي كبير للبنك المركزي، الذي سيتحكم في سعر السوق ويقضي على (السوق الموازية)»، على حد قوله.

تأتي تدوينة بكري بعد أيام من إعلان مصدر مسؤول لـ«القاهرة الإخبارية» الخميس الماضي «التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى، للوصول إلى اتفاق يُعلن قريباً عن بدء تنمية منطقة رأس الحكمة الساحلية، البالغة مساحتها أكثر من 180 كيلومتراً مربعاً».

كما تحدث الإعلامي أحمد موسى عبر حسابه على «إكس» عن «20 مليار دفعة واحدة» من المشروع لإنهاء أزمة سعر الصرف.

وأعلنت وزارة الداخلية (الاثنين) في بيان عبر حسابها على «إكس» ضبط 25 قضية «اتجار» في العملات الأجنبية المختلفة، بقيمة مالية تقدر بنحو 11 مليون جنيه، خلال 24 ساعة، ليصل إجمالي ما ضبطه الأمن المصري على مدار يومين لنحو 37 قضية، نحو 28 مليون جنيه.

وقالت عضو مجلس النواب (البرلمان) أميرة صابر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الضربات الأمنية على الأسواق بدأت تؤتي ثمارها؛ لكنها لن تكون الحل الوحيد في القضاء على السوق السوداء»، معتبرة أن الأمر يحتاج لـ«معالجة سلوكيات اقتصادية تعزز من الموارد الدولارية للبلاد في ظل الأزمات العالمية».

ويتطلب القضاء على «السوق السوداء» عدة إجراءات متزامنة ومشروطة، وفق محمد أنيس، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهمها الإسراع في تنفيذ حزمة إصلاحات مالية ونقدية، بدأت إشارتها برفع (المركزي) للفائدة، بالتزامن مع البيان الإيجابي لبعثة صندوق النقد الدولي لمصر».

وأضاف أن تراجع الأسعار في «السوق الموازية» واقترابها من السعر بالبنوك أمر «مشروط بالحفاظ على سعر صرف مرن، يخضع للعرض والطلب»؛ مشيراً إلى أن توفر السيولة من خلال حزمة الدعم الاقتصادي، سواء من الصندوق أو شركاء التنمية، بالإضافة إلى الاستثمارات الأجنبية التي سيجري ضخها، سيدعم تحقيق الهدف المرجو.

كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، قد أكدت في مؤتمر صحافي، مساء الخميس، أن الصندوق ومصر في «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات، لزيادة برنامج القرض، معتبرة أن المحادثات بين الصندوق والحكومة المصرية تمثل «أولوية قصوى».

وتعمل مصر على إحياء وتوسيع اتفاق القرض الذي تم توقيعه في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وكان يفترض أن تحصل البلاد بموجبه على قرض قيمته 3 مليارات دولار، لم تُصرف سوى شريحته الأولى، مع تعطل صرف الشرائح التالية، في وقت نشرت فيه وسائل إعلام محلية تقديرات بأن قيمة القرض ستصل لنحو 7 مليارات دولار، وهو ما عزز تراجع سعر الصرف بـ«السوق الموازية».

وحظيت أخبار تراجع الدولار في «السوق الموازية» بتفاعل كبير عبر «السوشيال ميديا»، وأشاد حساب يحمل اسم «نائل علي» بقدرة أجهزة الدولة الرقابية في السيطرة على «السوق السوداء».

واتهم المدون لؤي الخطيب مَن وصفهم بـ«المجرمين» بالمسؤولية عن «التلاعب بالعملة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب 100 مليون»، بينما رهن حساب باسم «أحمد خير» القضاء على «السوق السوداء» بتوفر الدولار في البنوك.

وتؤكد عضو مجلس النواب على ضرورة الاستفادة من الأثر «المحدود وغير المستدام» لتراجع «السوق الموازية»، والعمل على استمراره بتشجيع الاستثمار الأجنبي لضخ مليارات الدولارات و«إصلاح السلوكيات الخاطئة» التي جرى العمل بها الفترة الماضية، مع خلق بنية تشريعية جاذبة ومحفزة للاستثمارات الأجنبية، بما يعيد حركة العملات الأجنبية داخل الجهاز المصرفي.

بينما يؤكد عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أن الحفاظ بشكل مستمر ومستدام على سعر الصرف المرن، وعدم التمسك بالتقيد عند رقم محدد سيكون العامل الرئيسي للقضاء على «السوق الموازية»؛ لكن هذا الأمر سيتطلب من الدولة تطبيق إجراءات للحماية الاجتماعية للفئات المتضررة من تداعيات القرار.


مقالات ذات صلة

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، يوم الأربعاء، حيث يسعى لتمديد انخفاضه، لليوم الثالث على التوالي، بعد بلوغه ذروة أسبوعية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يشاهد شاشة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم خارج أحد البنوك في طوكيو (رويترز)

الأسهم الآسيوية ترتفع والدولار يتراجع مع ترقب تعيينات ترمب

ارتفعت الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء، بينما تراجعت عوائد السندات الأميركية والدولار عن أعلى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رزم من أوراق الدولار الأميركي في متجر لصرف العملات في سيوداد خواريز بالمكسيك (رويترز)

الدولار يسجل أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من شهر

سجل الدولار أكبر مكسب أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة بدعم من توقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد سبائك ذهبية بمصنع «أرغور-هيرايوس» في ميندريسو بسويسرا (رويترز)

الذهب يواجه أسوأ أداء أسبوعي منذ أكثر من 3 سنوات

انخفض الذهب، يوم الجمعة، وكان في طريقه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من 3 سنوات، متأثراً بارتفاع الدولار الأميركي وسط التوقعات بتقليص أقل لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد دولارات أميركية وعملات عالمية في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي في تورنتو (رويترز)

ارتفاع الدولار يعمّق خسائر العملات الآسيوية وأسواق الأسهم الناشئة تحت الضغط

استمرت العملات الآسيوية في التراجع، يوم الخميس، مع صعود الدولار إلى أعلى مستوى له في عام، مدفوعاً بالزخم الناتج عن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».