التونسيون ينتخبون أعضاء المجالس المحلية في دورة ثانية

استكمالاً للمسار السياسي الذي أقره سعيد نهاية 2021

سيدة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع صباح الأحد (إ.ب.أ)
سيدة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع صباح الأحد (إ.ب.أ)
TT

التونسيون ينتخبون أعضاء المجالس المحلية في دورة ثانية

سيدة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع صباح الأحد (إ.ب.أ)
سيدة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع صباح الأحد (إ.ب.أ)

فتحت مراكز الاقتراع في تونس، الأحد، أبوابها أمام أكثر من أربعة ملايين ناخب مسجل، للإدلاء بأصواتهم وحسم التنافس بين مرشحي الدور الثاني من الانتخابات المحلية المؤدية إلى إرساء «مجلس الجهات والأقاليم» (الغرفة النيابية الثانية)، وبالتالي استكمال المسار الانتخابي الذي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيد نهاية سنة 2021.

وفي الوقت الذي أكد فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات، فتح جميع مكاتب ومراكز الاقتراع المخصصة لهذه الجولة أبوابها في توقيتها القانوني عند الساعة الثامنة من صباح الأحد، فإن معظم المتابعين للمسار السياسي الجديد في تونس، يركزون على نسبة إقبال الناخبين.

ناخب تونسي بعد الإدلاء بصوته في العاصمة (إ.ب.أ)

محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات، أكد أن عدداً من العوامل والمؤشرات تدل على إمكانية ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت في الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية، مقارنة بالدور الأول الذي أجري يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ورأى المنصري، أن تقلص عدد الدوائر الانتخابية إلى حدود 36 في المائة وتراجعه في بعض الدوائر في المدن الكبرى، قد يجعل نسبة المشاركة تتحسن، مؤكداً أن الأصداء الواردة على الهيئة من مراكز الاقتراع خلال الساعتين الأوليين، أفادت بأن الإقبال الصباحي، من الفئة العمرية 50 سنة فأكثر، أفضل من الدور الأول.

وتسعى هيئة الانتخابات إلى تجاوز النسبة المسجلة في الدور الأول التي لم تتجاوز حدود 11.6 في المائة من إجمالي تسعة ملايين ناخب مسجل.

وكشفت شبكة «مراقبون» المهتمة بالشأن الانتخابي، أن نسبة الإقبال على انتخابات المجالس المحلية، بلغت إلى حدود الساعة العاشرة أي بعد ساعتين من بداية التصويت، نحو 1.7 في المائة، وفق إحصائيات شملت 215 من 217 مكتب اقتراع على المستوى الوطني.

ناخب يدلي بصوته في تونس (إ.ب.أ)

في السياق ذاته، نفى وجدي الحمدي عضو هيئة مرصد «شاهد» لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية (منظمة حقوقية مستقلة)، تسجيل أي إخلالات كبرى منذ انطلاق العملية الانتخابية.

وفي جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» على بعض مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية خلال الساعات الأربع الأولى، تبين أن الإقبال كان ضعيفاً، ولم تسجل بعض مكاتب الاقتراع أعداداً كثيرة من الناخبين، وغابت بالتالي الصور التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية والدولية، التي واكبت محطات انتخابية سابقة سواء البرلمانية أو الرئاسية.

ويرى عدد من المختصين في عالم الإعلام الإلكتروني، من بينهم ناجي العباسي، أن المنافسة «انتقلت فعلياً من الشارع وفضاءات الاجتماعات الكبرى إلى مواقع التواصل. علاوة على التنقل بين الأحياء السكنية ومحاولة إقناع الناخبين بصفة مباشرة؛ إذ إن التصويت في الانتخابات أصبح تصويتاً على الأفراد وليس على قائمات انتخابية، كما كان الحال في انتخابات 2011 و2014 و2019».

ويتنافس 1558 مترشحاً في هذا الدور الثاني للانتخابات المحلية على 779 مقعداً من مقاعد هذه المجالس، وذلك بحضور نحو 14 ألف مراقب ومتابع من المحليين والأجانب عدا عن الإعلاميين، علاوة على ممثلين للمرشحين ومنظمات المجتمع المدني المتابعة للشأن الانتخابي، بما يضفي عليها الكثير من الشفافية.

جانب من إحدى جلسات البرلمان التونسي (موقع البرلمان)

ومن المنتظر الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني من هذه الانتخابات في موعد أقصاه السابع من شهر فبراير (شباط) الحالي، على أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية في 8 أو 9 مارس (آذار) المقبل.

ويتطلب استكمال هذا المسار الانتخابي، إصدار نص قانوني ينظم العلاقة بين مجلس نواب الشعب (برلمان 2022)، و«المجلس الوطني للجهات والأقاليم»، وتحديد صلاحيات ومهام كلا المجلسين.

ومن المنتظر كذلك، صياغة قانون يحدد صلاحيات المجالس المحلية بكل وضوح، وبخاصة في ظل وجود خلط بينها وبين صلاحيات المجالس البلدية.

تسعى هيئة الانتخابات إلى تجاوز النسبة المسجلة في الدور الأول التي لم تتجاوز حدود 11.6 % من إجمالي 9 ملايين ناخب مسجل.

«الشرق الأوسط»

حقائق

14 ألفاً

عدد المراقبين والإعلاميين المحليين والأجانب الذين يتابعون سير عمليات الاقتراع لـ1558 مرشحاً على 779 مقعداً...


مقالات ذات صلة

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))
أوروبا آلاف المتظاهرين تجمعوا خارج البرلمان في تبليسي للتظاهر ضد تأجيل مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه ميخائيل كافيلاشفيلي، في عملية انتخابية مثيرة للجدل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».