وزير خارجية الجزائر في تونس بعد شهور من توتر العلاقات

الزيارة تروم إضفاء «طابع النموذجية على العلاقات الاستراتيجية»

من حفل استقبال وزير الخارجية الجزائري بتونس (موقع الخارجية التونسية)
من حفل استقبال وزير الخارجية الجزائري بتونس (موقع الخارجية التونسية)
TT

وزير خارجية الجزائر في تونس بعد شهور من توتر العلاقات

من حفل استقبال وزير الخارجية الجزائري بتونس (موقع الخارجية التونسية)
من حفل استقبال وزير الخارجية الجزائري بتونس (موقع الخارجية التونسية)

بعد يومين من زيارة وزير الداخلية التونسية كمال الفقي، للجزائر، وإشرافه رفقة نظيره الجزائري على الدورة الأولى للجنة الثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية التونسية - الجزائرية، حل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الخميس، بتونس، بصفته مبعوثاً خاصاً للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، محملاً برسالة خطية إلى الرئيس التونسي.

وكان في استقبال الوزير الجزائري، منير بن رجيبة كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، وتتضمن هذه الزيارة لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي سيتسلم رسالة خطية من الرئيس عبد المجيد تبون، حسبما أفاد بلاغ وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، كما يعقد الوزير الجزائري جلسة عمل مع نبيل عمار، وزير الشؤون الخارجية التونسية.

وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف التقى رئيسة الحكومة الإيطالية قبل زيارته لتونس (أ.ف.ب)

ووفق عدد من المتابعين، فإن زيارة وزير الخارجية الجزائري لتونس، ولقاءه الرئيس التونسي لتسليمه رسالة الرئيس تبون، تحمل معها الكثير من علامات الاستفهام، وخاصة أن هذه الرسالة كان بالإمكان إرسالها مع وزير الداخلية التونسية، الذي كان في زيارة قبل يومين للجزائر.

وتأتي هذه المشاورات المرتقبة مع الجانب التونسي إثر قمة إيطاليا - أفريقيا، التي شهدت مشاركة الرئيس التونسي، ودعوته لحل مشكل الهجرة عبر دعم التنمية في بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، وأيضاً بعد يومين من الاتفاق على «ورقة طريق» بين البلدين لتنمية الولايات - المحافظات - الحدودية.

وكانت العلاقات بين تونس والجزائر قد تأثرت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، خاصة بعد اتهام السلطات التونسية في فبراير (شباط) 2023 بالمشاركة في «تهريب» أميرة بوراوي، الحقوقية الجزائرية الحاملة للجنسية الفرنسية، وتسهيل وصولها إلى فرنسا بعد دخولها خلسة إلى التراب التونسي، رغم أنها كانت مطالبة من طرف السلطات الجزائرية. كما أشارت تقارير إعلامية تونسية، وقتها، إلى مشاركة السلطات الجزائرية في تدفق آلاف المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود الفاصلة بين البلدين، ومساعدة الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء على التوجه إلى مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس)، في انتظار الانطلاق في رحلات الهجرة غير النظامية نحو السواحل الإيطالية. وأكدت تقارير إعلامية محلية، وقتها، أن حافلات كثيرة كانت تقل آلاف المهاجرين، وتتركهم على الحدود التونسية في انتظار الوصول إلى صفاقس، فيما يشبه «تسليط عقوبة» على تهريب الحقوقية أميرة بوراوي، بحسب مراقبين.

أميرة بوراوي التي تسببت في تأزم العلاقات بين تونس والجزائر (الشرق الأوسط)

وتسبب هذا الخلاف في توقف الزيارات الدبلوماسية بين البلدين لأشهر طويلة، قبل أن تعود إلى سالف عهدها بطريقة تدريجية، وإثر عدد من المواقف التونسية الداعمة للقضية الفلسطينية، وانتقاد هيمنة المعسكر الغربي على قرار الدول النامية.

ووفق وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، فإن هذه الزيارة تندرج في إطار «تجسيد ما يحدو قائدي البلدين من حرص دائم على تثمين الزخم الكبير، الذي تشهده العلاقات الجزائرية - التونسية، ومده بكل سبل الدعم لتحقيق نظرتهما الطموحة، الرامية لإضفاء طابع النموذجية على هذه العلاقات الاستراتيجية، بما يخدم مصالح الشعبين ومقاصد الأمن والاستقرار والرخاء في المنطقة».

في سياق ذلك، يرى مراقبون أن تنسيق مواقف تونس والجزائر تجاه ملف الطاقة المتوجهة من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، قد يكون أحد أهم الملفات، التي تحملها رسالة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، علاوة على البحث عن سبل لدعم القضية الفلسطينية.



مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
TT

مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

مع استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وتداعياتها على المنطقة، تتواصل خسائر «قناة السويس» المصرية بسبب هجمات جماعة «الحوثي» اليمنية على السفن المارة في الممر الملاحي؛ ما أثار ويثير تساؤلات بشأن خطة مصر للتعامل مع هذه التوترات.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب تصريحات لرئيس «هيئة قناة السويس» الفريق أسامة ربيع، الأحد الماضي، أكد خلالها «حتمية» عودة حركة الملاحة بالقناة لطبيعتها، فور استقرار الأوضاع في المنطقة.

سفينة تحمل حاويات تمرّ عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر؛ إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وكرَّرت مصر شكواها من تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة و60 في المائة، من دخل القناة خلال الـ8 الأشهر الماضية».

ووفق مجلة «إسرائيل ديفنس» الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته أخيراً وتداولته وسائل إعلام عربية، فإنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، مشيراً إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي، فوق أي اعتبار».

وأضافت المجلة: «مصر لم تتعاون مع التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة في هذا الصدد»، مشيرة إلى أن «القاهرة تفضّل ممارسة الضغوط السياسية وتعزيز وقف شامل لإطلاق النار في المنطقة، على أساس أن هذا هو الحل الصحيح لإنهاء القتال، بدلاً من الدخول في حملة عسكرية أخرى من شأنها تصعيد الوضع».

ناقلة النفط اليونانية «سونيون» تعرّضت لسلسلة هجمات حوثية في البحر الأحمر (رويترز)

وتابعت: «رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد والضغوط الداخلية، فإن مصر تختار استراتيجية ضبط النفس، وتدرك جيداً التحديات الأمنية التي يفرضها الحصار البحري، لكنها تدرك أيضاً المخاطر الكامنة في التصعيد العسكري».

وشكّلت الولايات المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تنضم إليه.

وتدرك مصر أن «ما يحدث من هجمات في البحر الأحمر سببه الرئيسي إسرائيل وحربها ضد غزة ولبنان»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي. الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ترى أنه بمجرد وقف الحرب في غزة ولبنان بشكل دائم ستنتهي أزمة البحر الأحمر»؛ لذلك تبذل القاهرة جهوداً متواصلة لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد في المنطقة.

وتعتمد خطة مصر للتعامل مع هجمات الحوثي في البحر الأحمر، على «المسار الدبلوماسي»، بحسب الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة حريصة على علاقات طيبة مع جميع الأطراف، وتنأى بنفسها عن الدخول في تحالفات من شأنها تأجيج الصراع في المنطقة».

وأضاف: «مصر تواجه الأزمة عبر اتصالات سياسية متواصلة مع جميع الأطراف المعنية، تستهدف إنهاء الحرب في غزة، وبالتالي الحد من تداعياتها في البحر الأحمر».

من جانبه، أكد الأمين العام لـ«اتحاد الموانئ البحرية العربية»، اللواء عصام الدين بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «إنهاء التوترات في البحر الأحمر مرتبط بإنهاء حرب غزة، من هنا تكمن أهمية جهود الوساطة الدولية في هذا الصدد»، مشيراً إلى أن «مصر تتحرك في هذه الأزمة دبلوماسياً عبر جهود وقف إطلاق النار، واقتصادياً بالتواصل مع شركات الشحن وتقديم تسهيلات للمرور عبر قناة السويس».

وخلال الفترة الماضية، كانت التوترات في منطقة البحر الأحمر محوراً رئيسياً على أجندة مباحثات المسؤولين المصريين مع الأطراف الدولية.

وفي أغسطس (آب) الماضي، عبَّرت مصر عن دعمها للعملية البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس)، والتي أطلقها الاتحاد الأوروبي في فبراير (شباط)؛ بهدف حماية السفن التجارية من هجمات «جماعة الحوثي». وأكد وزير الخارجية المصري، آنذاك، «أهمية تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن بالبحر الأحمر».

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (أرشيفية - رويترز)

وشدد عبد الواحد، على أن «مصر دعمت التحالف الأوروبي؛ لأن هدفه دفاعي، لكنها لم تشارك فيه وتكتفي بمشاركتها في القوة (153)».

والقاهرة عضو في قوة المهام المشتركة (153)، وتولت قيادتها أواخر عام 2022. وأكدت آنذاك، أنها «إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ومجابهة التهديدات بكل أنماطها».

ولا تقتصر الخطة المصرية على التحركات الدبلوماسية، بل تمتد أيضاً إلى المسار الاقتصادي، حيث شهدت الفترة الماضية اتصالات مكثفة مع شركات الشحن، وأعلنت «هيئة قناة السويس» عن حوافز تسويقية وتخفيضات؛ لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.