الجزائر وإيطاليا توقّعان اتفاقية أمنية جديدة

تروم وقف الهجرة غير الشرعية ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مصافحاً رئيسة الحكومة الإيطالية (أ.ف.ب)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مصافحاً رئيسة الحكومة الإيطالية (أ.ف.ب)
TT

الجزائر وإيطاليا توقّعان اتفاقية أمنية جديدة

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مصافحاً رئيسة الحكومة الإيطالية (أ.ف.ب)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مصافحاً رئيسة الحكومة الإيطالية (أ.ف.ب)

وقَّع وزيرا داخلية الجزائر وإيطاليا، اليوم الخميس، في العاصمة الجزائرية، اتفاقية أمنية جديدة تسمح بمراجعة شاملة للاتفاقية السارية منذ 1999.

وقالت «الداخلية» الجزائرية، في بيان لها، إن الاتفاقية الجديدة تسمح «بتكييف التنسيق والتعاون الأمني المشترك، مع التحديات الراهنة، وإدراج المظاهر المستجدّة للجريمة، ولا سيما الاتجار بالمخدّرات والمؤثرات العقلية، والجريمة الإلكترونية، والهجرة غير الشرعية، ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر والجرائم الاقتصادية»، إلى جانب «تكثيف التنسيق العملياتي بين جهازي الأمن الوطني والحماية المدنية للبلدين». وأوضح وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»، أن الاتفاقية السابقة سمحت بإدراج المجالات، التي يتعيّن تنسيق الجهود بشأنها، بالإضافة إلى تسجيل توافق في الرؤى، وتعاون وثيق ومتميز في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وأبرز مراد الجهود المهمة التي تبذلها الجزائر للتحكم في تدفقات الهجرة غير الشرعية، بفضل جهود الأسلاك الأمنية، وفي طليعتها الجيش، مستشهداً بالأرقام التي قدَّمها نظيره الإيطالي، التي تُبيّن أن الجزائر تحتلّ المسار الأقل في عدد المهاجرين غير الشرعيين، الذين يصلون إلى إيطاليا، مقارنة بدول أخرى. من جهته، اعتبر ماتيو بيانتيدوزي، وزير الداخلية الإيطالي، زيارته إلى الجزائر فرصة ستسمح بتكثيف التنسيق الأمني المشترك، والرقيّ به إلى مستويات أعلى ترقى إلى طبيعة العلاقات التاريخية التي تربط الجزائر وإيطاليا، وتسمح، في إطار شراكة استراتيجية، بمواجهة التحديات الجديدة.

من جهة أخرى، كشفت «الخارجية» الجزائرية أن وزير الخارجية، أحمد عطاف، التقى وزير الداخلية الإيطالي، واستعرضا علاقات التعاون والشراكة، التي تجمع بين الجزائر وإيطاليا، وأوضحت أنهما أشادا بالتطور الذي شهدته، في السنوات الأخيرة، على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية. كما نوّه الطرفان بالتوقيع على اتفاقية ثنائية حول التعاون الأمني، وأكّدا ضرورة مواصلة تنسيق الجهود وتكثيفها؛ بغية مواجهة التحديات المشتركة في حوض البحر الأبيض المتوسط.



تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
TT

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

دأب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على التلميح إلى غياب «الرقابة والشفافية» عن مشروعات إعادة الإعمار بشرق البلاد، التي يديرها «صندوق» يشرف عليه بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

وقال الدبيبة أكثر من مرة، إن أجهزة «تبني مشروعات في بعض مدن ليبيا دون أن تمر على الأجهزة الرقابية»، وهو ما عدّه محللون إشارة ضمنية إلى مشروعات إعمار شرق ليبيا. وسبق ذلك تصريح آخر للدبيبة ضمن فعاليات أقيمت في 9 ديسمبر (كانون الأول)، قدر فيه حجم الإنفاق في هذه المشروعات بأكثر من 40 مليار دينار خلال العام الحالي (الدولار يساوي 4.91 دينار).

وفي حين تجنب الدبيبة توجيه اتهامات مباشرة للصندوق والقائمين عليه، آثر الحديث عما «خصص لإحدى الجهات، غير الخاضعة للرقابة، في دفعة واحدة، ما يتجاوز ميزانية التنمية في ليبيا لأكثر من 4 سنوات». ويأتي حديث الدبيبة في أجواء تتصاعد فيها الاتهامات بـ«الفساد» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها.

في هذا السياق، عدّ أستاذ القانون بجامعة طرابلس، فرج حمودة، عدم إخضاع «جهاز الإعمار» في شرق ليبيا لأجهزة الرقابة، «تصرفاً خارج نطاق القانون؛ حتى إن صدر عن جهة تشريعية»، متسائلاً عن سبب عدم اللجوء إلى القضاء الدستوري.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.

ويترأس بلقاسم حفتر «صندوق إعمار ليبيا» منذ بداية عام 2024، بتكليف من مجلس النواب الذي مُنح امتيازات واسعة، وفق قانون سنّه البرلمان يستثني كل الإجراءات، والتعاقدات من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة؛ وهما أرفع جهازين رقابيين سياديين في ليبيا.

بلقاسم حفتر يتفقد مشروعات يشرف عليها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

ويتمسك فرج حمودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن الأجهزة الرقابية تفرض رقابة سابقة ولاحقة على هذه المشروعات، حفاظاً على المال العام، محذراً مما يعتقد أنه «باب مفتوح على مصراعيه لمزيد من التجاوزات المالية، خصوصاً مع الإنفاق عالي التكلفة».

ولا توجد أرقام مفصلة لميزانية إعادة إعمار المنطقة الشرقية، التي ينفذها «الصندوق» بتعاون مع شركات عربية وأجنبية، لكن التكلفة الاستثمارية بلغت نحو 950 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، وفق آخر أرقام مصرف ليبيا المركزي.

وفي مقابل ما ذهب إليه حمودة، يعتقد المحلل الاقتصادي الليبي، علي الصلح، أن إنشاء صندوق إعمار ليبيا «جاء متماشياً مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطنين، وفي ظل منافسة باتت واضحة، في مقارنة ما يبدو مع مشروعات تنفذها حكومة الدبيبة في العاصمة».

ورغم أن الصلح يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إصدار قانون خاص للصندوق واستثناءه من الرقابة أصبحا محل جدل»، إلا أنه «تخلص من قيود ومراجعات قد تكون دون جدوى، وسرّع وتيرة جهود البناء والإعمار، بما لقي ارتياح المواطنين»، وفق اعتقاده.

وذهب الصلح إلى القول إن أهمية «تحديد حجم نفقات المال العام وغرضها يأتيان أولوية قبل الرقابة، دون مساءلة ومحاسبة حقيقيتين»، متسائلاً في المقابل عما رآها «نفقات عامة لحكومة (الوحدة) لا تخضع لمعايير واضحة».

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

ومؤخراً، ذكرت وكالة التحقيق الأميركية «سنتري» أن تكلفة إعادة الإعمار أثقلت كاهل الميزانية العامة، مما تسبب في أزمة لمصرف ليبيا المركزي.

لكن، وعلى نحو أبعد من الحديث عن الأرقام والشفافية، تبدو «المناكفة» تفسيراً مرجحاً لتلميحات الدبيبة، وفق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، الذي أشار إلى «غياب تام للرقابة والشفافية في ليبيا».

ويبدو أن الهدف من هذه التلميحات، حسب تصريح قزيط لـ«الشرق الأوسط»، هو «حشد خصوم حفتر في غرب البلاد»، متوقعاً «تبخر هذه الاتهامات حال إتمام صفقة توحيد». كما تحدث عما قال إنه «تواصل لم ينقطع بين رئيس حكومة (الوحدة) وقائد الجيش الوطني وصفقات أنجزت بينهما».

ومن بين عدة مدن بشرق ليبيا، كانت مدينة درنة هي الأكثر في تكبد فاتورة الخسائر البشرية والمادية جراء فيضانات سبتمبر 2023، إذ اختفت أحياء بكاملها، ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة؛ إلى جانب آلاف الوفيات، ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.

لكن درنة شهدت مؤخراً افتتاح عدد من المشروعات، التي يشرف عليها «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، من بينها «جسر وادي الناقة»، ومقرّ مديرية أمن درنة، بالإضافة إلى مسجد الصحابة.