الحكومة الجزائرية تتهم الإعلام الرياضي بـ«إثارة مشكلات دبلوماسية»

قالت إن طريقة عرض بعض القضايا «تُسبب مشكلات مع بعض الدول»

جانب من لقاء وزير الإعلام مع الصحافيين الرياضيين (وزارة الإعلام)
جانب من لقاء وزير الإعلام مع الصحافيين الرياضيين (وزارة الإعلام)
TT

الحكومة الجزائرية تتهم الإعلام الرياضي بـ«إثارة مشكلات دبلوماسية»

جانب من لقاء وزير الإعلام مع الصحافيين الرياضيين (وزارة الإعلام)
جانب من لقاء وزير الإعلام مع الصحافيين الرياضيين (وزارة الإعلام)

انتقد وزير الاتصال الجزائري، محمد لعقاب، بشدة «توترات اجتماعية» و«مشكلات دبلوماسية»، تسبب فيها، حسبه، الصحافيون الرياضيون ومذيعو الإعلام الرياضي، وقال إن أعضاء بالبرلمان «شكوه انعدام احترافية لدى الإعلام الرياضي، وتساهلاً في نقل معلومات غير دقيقة، ما أثار سخطاً في بعض المناطق».

وجمع لعقاب، اليوم (الخميس)، رفقة وزير الشباب والرياضة، عبد الرحمن حماد، صحافيّي الأقسام الرياضية في الجرائد والقنوات التلفزيونية والإذاعية العمومية والخاصة، ومذيعي البرامج الرياضية في القنوات الإذاعية والتلفزيونية، لتبليغهم تذمر الحكومة منهم بسبب المعالجة الإعلامية لأحداث وقضايا «لم ترق إلى الاحتراف»، وفي بعض الأحيان «تثير مشكلات مع دول، وتخلق توترات اجتماعية».

وزيرا الإعلام والرياضة (وزارة الإعلام)

وقال الوزير لعقاب إن قطاعاً من الإعلام الرياضي «تسبب في أزمة مع موريتانيا»، من دون تقديم أي تفسير، لكن فهم من كلامه أنه كان يشير إلى حادثة وقعت الأسبوع الماضي، خلال مجريات بطولة أفريقيا للأمم لكرة القدم الجارية حالياً في كوت ديفوار، حيث نقل صحافيون جزائريون عشية مباراة جمعت منتخب الجزائر بنظيره الموريتاني، عن مدرب فريق «المرابطين» تصريحاً، عدّ مسيئاً للمدرب الجزائري جمال بلماضي. ونفى مدرب موريتانيا بشدة في مؤتمر صحافي ما نسب له، متهماً الصحافيين بـ«تعمد إثارة فتنة بين الجزائر وموريتانيا، بينما أنتم لستم بحاجة إلى ذلك»، كما أعاب عليهم «عدم التعامل بمهنية» مع الحدث الكروي، الذي جمع بين الجارين المغاربيين.

ممثلو الإعلام الرياضي في لقائهم بوزير الاتصال (الوزارة)

كما يفهم من ردّة فعل وزير الاتصال الجزائري أن القضية أخذت أبعاداً سياسية، باحتمال تلقي السلطات الجزائرية احتجاجاً من نواكشوط، لكن من دون الإعلان عنه بشكل رسمي.

ولفت الوزير إلى أن برلمانيين يمثلون محافظة لم يذكرها، شكوه قناة تلفزيونية خاصة «أهانت»، حسبهم، سكانها الذين يطالبون، وفق البرلمانيين، بحقّ الردّ في نفس القناة. ومن الواضح، حسب كلام الوزير، أن الأمر تعلق بفريق كرة قدم يمثل هذه المحافظة.

وكان مذيع برنامج رياضي بقناة «النهار»، وأحد منشطي البرنامج، قد قدما اعتذاراً للسلطات على ما اعتبراه إساءة صدرت عنهما، خلال تفاعلهما مع أداء منتحب الجزائر في كأس أفريقيا، و«مسؤولية السلطات الكروية» في إقصائه من الدور الأول للمنافسة.

وأكد لعقاب أن لقاءه بالناشطين والمهنيين في مجال الإعلام الرياضي «لا ينبغي أن يفهم أنه محاكمة للصحافيين الرياضيين»، مشيراً إلى أنه جاء في إطار «بيئة قانونية جديدة»، تمثلت في صدور قانونين جديدين في شهر أغسطس (آب) الماضي، أحدهما يخصّ الصحافة المكتوبة والإلكترونية، والثاني يتعلق بالإعلام السمعي البصري. ودعاهم إلى الاطلاع عليهما «تفادياً لاحتمال التعرض لدعاوى في القضاء».

تهكم بعض الإعلاميين على خسارة المنتخب المغربي أمام جنوب أفريقيا أثار غضباً وسط الشارع المغربي (أ.ف.ب)

وأضاف الوزير أن «الممارسة في الإعلام الرياضي أصبحت في بعض الأحيان خطراً على الأمن القومي، لذلك أدعو الإعلام الرياضي إلى الانتباه، وأخذ الحيطة والحذر من هذه الممارسات». مشدداً على أنه «يتعين علينا جميعاً أن نعود إلى بعض الأساسيات، التي يمكن أن تشكل قاعدة للعمل الإعلامي الرياضي»، وأن الصحافي الرياضي «هو أصلاً صحافي تلقى تكويناً في الإعلام، يعرف الأنواع الصحافية ويفرق بينها، ويعرف متى يستعمل الأنواع الخبرية، وكيف يوظفها». كما أوضح أن الصحافي الرياضي «ينبغي أن يعرف كيف ينتقي المعلومات قبل نشرها، وأن يختار الشخصيات التي يحاورها... وهو ليس لاعباً ولا حكماً ولا قاضياً ولا مدرباً ولا مسيراً ولا مشجعاً».

وبحسب وزير الإعلام، فإنه يتوجب على الصحافي الرياضي «احترام الجمهور»، داعياً إلى الإعداد بشكل جيد للمواد التي تنشر أو تذاع. وقال إن اللقاء الذي جرى بالعاصمة «هو بمثابة دعوة لممارسة الإعلام الرياضي كما يجب وكما ينبغي».


مقالات ذات صلة

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

شمال افريقيا عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

تجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.