«فوضى التسعير» تفاقم الأعباء المعيشية للمصريين

شكاوى من غلاء السلع بشكل متسارع

مصري يطالع سعر السلع في أحد المراكز التجارية بالقاهرة قبل الشراء (الشرق الأوسط)
مصري يطالع سعر السلع في أحد المراكز التجارية بالقاهرة قبل الشراء (الشرق الأوسط)
TT

«فوضى التسعير» تفاقم الأعباء المعيشية للمصريين

مصري يطالع سعر السلع في أحد المراكز التجارية بالقاهرة قبل الشراء (الشرق الأوسط)
مصري يطالع سعر السلع في أحد المراكز التجارية بالقاهرة قبل الشراء (الشرق الأوسط)

غمرت السعادة، المصري فوزي صالح، بعد أن تمّكن أخيراً من تدبير المبلغ النقدي المطلوب لشراء سيارة مستعملة، بعد الاتفاق مع صاحبتها على السعر بقيمة 400 ألف جنيه، ثم قيامه بمهاتفتها والاتفاق على إحضار المبلغ مساءً، إلا أن تلك السعادة تبددت سريعاً قبل الموعد مباشرة، فمع مهاتفتها ثانيةً لأجل تأكيد لقائها وإتمام الشراء، أخبرته صاحبة السيارة أن قيمتها زادت 50 ألفاً.

ومع استفسار الشاب الأربعيني، الذي يعمل في إحدى الشركات العربية بالقاهرة، عن السبب، جاءت إجابتها المقتضبة: «الدولار ارتفع»، (والدولار الأميركي يساوى 30.9 جنيه)، بينما قال فوزي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في الأسعار، سواء السيارات أو العقارات أو الملابس أو الذهب أو السلع أو مواد البناء، أمر صعب يفاقم الأعباء المعيشية للأسر المصرية، والمُبرر لدى الجميع على أي زيادة جديدة هو ارتفاع سعر الدولار».

حال صالح يشبه حال الكثير من المصريين الذين يشتكون بشكل يومي من الغلاء.

وشهدت مصر ارتفاعات متسارعة في أسعار السلع على مدار الأيام الماضية، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، الذي أصبح له سعران؛ أحدهما رسمي ويقدر بـ30.9 جنيه، وآخر في السوق الموازية «السوداء» ويصل إلى 70 جنيهاً، حسب وسائل إعلام محلية.

ومن القاهرة إلى الإسكندرية، اصطحب الثلاثيني محمد غريب، زوجته وطفليه إلى أحد المطاعم بمنطقة جليم، ومع الدخول إلى المطعم كانت المفاجأة بتغير معظم الأسعار، التي شُطبت وكتب قيمتها الجديدة بخط اليد.

ومع الاستفسار عن السبب أجابه مدير المطعم: «أصل الدولار غلي... والمنتجات الغذائية أسعارها ترتفع على مدار اليوم». وقال غريب لـ«الشرق الأوسط»: «دفعت مبلغاً يفوق ما كنت أتوقعه، وهو أمر أصبح معتاداً مع أي شراء أو تسوق».

ورقة نقدية من فئة مائة بيزو أرجنتيني موضوعة فوق عدة أوراق نقدية من فئة مائة دولار أميركي (رويترز)

الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور علي الإدريسي، يعلل الوصول إلى مرحلة «عدم القدرة على التسعير» إلى أن «السوق ترتكز على سعر صرف متغير كل ساعة، وهو سعر الدولار في (السوق الموازية)، الذي يعتمد عليه غالبية التجار والمستوردين في التعاملات اليومية، ولأنه كثير التقلب وتخطى حاجز الـ70 جنيهاً (الثلاثاء)، تنعكس هذه التقلبات على عملية التسعير، وبالتالي تنتج عنه تغيرات في الأسعار بشكل لحظي»، مؤكداً أن «هذا التقلب ليس مرتبطاً بسلع بعينها، بل يشمل المنتجات كافة».

وتباطأ معدل التضخم السنوي في مصر ليصل إلى 33.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 34.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لبيانات رسمية.

وفي الفضاء الإلكتروني المصري، تحولت الواقعة الشهيرة لمؤسس شركة «مايكروسوفت»، بيل غيتس، إلى واقعٍ معاش. فعندما سُئل غيتس، أغنى رجل في العالم، «كم تملك من الأموال؟»، أجاب: «هل تقصد قبل السؤال أم بعده؟»، في إشارة لما يجنيه في الثانية الواحدة، وهي الواقعة الأقرب لما عبّر عنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ارتفاعات الأسعار كل ساعة.

وعلى المنوال نفسه، تداولت «السوشيال ميديا» شكاوى شبيهة، حيث استنكر حساب باسم «زهراء أحمد» زيادة السلع 5 جنيهات بشكل يومي، وارتفاع سعر الأجهزة الكهربائية ألفي جنيه في الأسبوع.

كما قصّ عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب بهاء أبو الحمد، واقعةً مماثلةً تعرض لها أحد أبناء دائرته في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، الذي توجه لشراء بنطلون من أحد متاجر الملابس، ومع الاستقرار على ما يرغبه ومعرفة سعره، فوجئ عند قيامه بالدفع أن البائع يخبره بأن سعره ارتفع في هذه الساعة عمّا هو مُدوّن.

وقال أبو الحمد لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة التسعير الحالية تعود لعدم وجود رقابة من الجهات المختصة على الأسواق، على رأسها وزارة التموين»، مضيفاً: «البرلمان قام بدوره أمام هذه المشكلة عندما أرسل رسالة لوزير التموين المصري، على المصيلحي، بـ(رفض) الدور الرقابي الذي تقوم به الوزارة وأجهزتها».

ويستدرك: «ما يأسف له نواب المجلس أنه عقب استجواب وزير التموين في البرلمان، وجدنا في اليوم التالي اختفاء بعض السلع من الأسواق وزيادة سعر أخرى».

ويرى عضو مجلس النواب المصري، النائب علي بدوي، أن الأسعار تمثل مشكلة يومية في السوق المصرية، مؤكداً أن «الحكومة يجب عليها الرقابة بشكل فعلي، وأن يوجد المسؤولون في الأسواق بشكل يومي لمواجهة (فوضى الأسعار)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نحتاج إليه هو التنسيق بين الوزارات الخدمية، مع تنفيذ القانون على من يتسببون في أزمة الغلاء».

ويتفق الإدريسي مع ذلك، مؤكداً أن «هناك منظومة حكومية كاملة يجب أن تتكاتف لمواجهة هذه (فوضى الأسعار)»، مشيراً إلى أن «قرارات الحكومة لضبط السوق، منها قرار كتابة السعر على السلع، لم ينفذ إلا على عدد قليل من السلع، أغلبها سلع ترفيهية وكمالية».

وهنا يعود للحديث الأربعيني صالح متهكماً: «خسرت السيارة بسبب الدولار... لكن السؤال المُحير كيف عرفت السيارة أن الدولار ارتفع سعره؟!».


مقالات ذات صلة

انقسام بين جمهور الأهلي المصري بعد الإعلان عن رحيل علي معلول

رياضة عربية علي معلول (حساب اللاعب على فيسبوك)

انقسام بين جمهور الأهلي المصري بعد الإعلان عن رحيل علي معلول

ما إن أعلن النادي الأهلي المصري عن موعد رحيل لاعبه علي معلول، عن صفوف الفريق، حتى انقسم الجمهور الأهلاوي على قرار الإدارة، وهو ما انتقل إلى منصات التواصل.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا السيسي خلال كلمته في حفل «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري بعد تشبيه السيسي الوضع الراهن بـ«نكسة 67»

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «حرب أكتوبر» ستظل «حكاية ملهمة لن تنتهي»، والنصر الذي تحقق كانت وراءه إرادة شعب كامل، رفض الهزيمة وتحدّى نفسه والظروف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يشهد احتفالية «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر (الرئاسة المصرية)

مصر: «اتحاد القبائل» يوسّع كيانه... وينال «شرعية» بحضور رئاسي

مرحّباً بانضمام العائلات والتكتلات الوطنية كافةً وسع «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» كيانه، ونال «شرعية» بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي حفلاً نظمه مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال متابعة مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تتابع تنفيذ المرحلة الأولى من «رأس الحكمة» و«تعويضات» الأهالي

دشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الحالي، مشروع «رأس الحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

«داخلية مصر» تتهم «الإخوان» بنشر إشاعات حول ضباط الشرطة والسجون

اتهمت وزارة الداخلية المصرية جماعة «الإخوان»، التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية» بـ«نشر إشاعات حول ضباط الشرطة والسجون»، عبر 3 إفادات رسمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

راوحت أزمة النزاع على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا مكانها، بانتظار الحسم القضائي، بينما أكد رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة أنه «لا يمكن تحقيق الاستقرار، إلا بوضع حد للتفاهمات المؤقتة والظرفية، التي راكمت الأزمات لسنوات».

واعتبر الدبيبة خلال اجتماع، الاثنين، لحكومته في العاصمة طرابلس، أنه «لا بد من إنعاش الحياة السياسية، عبر دستور دائم وانتخابات نزيهة على أسس عادلة وقابلة للتطبيق»، على حد قوله.

الدبيبة خلال اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

وقال إن قرار «تغيير إدارة المصرف المركزي، جاء لبدء مرحلة مؤسساتية جديدة في هذا المرفق المهم، وإنه بهذا القرار، طوينا صفحة الفردية والمزاجية والابتزاز السياسي باستخدام أهم منصب مالي في البلاد».

وعدّ الدبيبة تحقيق «رغبة الشعب في الذهاب للانتخابات، لتجديد الأجسام التشريعية والتنفيذية، خطاً أحمر» بالنسبة له، وأوضح أنه «لن يقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الفئة التي تعرقل الانتخابات، وتصادر إرادة الشعب».

ولفت إلى أن «كل الحلول التلفيقية التي جربت مراراً وتكراراً، لن تكون هي الخريطة المقبلة»، مخاطباً وزراءه قائلاً: «هناك ملايين تدفع وأسلحة تشحن وأدوات إعلامية ومخابراتية تعمل ليل نهار وذمم تُشترى، هدفها النيل من استقراركم، وضرب اقتصادكم».

وأعلن الدبيبة دخول حكومته «مرحلة جديدة»، متعهداً بأن تكون الأيام المقبلة «حافلة بالمشروعات الكبرى»... وكان قد دعا «لمواجهة المخاطر التي تهدد البلاد من خلال مكافحة المخدرات التي يتم إدخالها عبر المنافذ المختلفة».

وشدد، خلال متابعته مساء الأحد سير العمل بمصلحة الجمارك وخطتها لعام 2025 والصعوبات التي تواجهها في خطة العام الحالي، في اجتماعه مع مدير عام المصلحة اللواء موسى محمد، على ضرورة «محاربة التهرب الجمركي بجميع أشكاله وأنواعه».

كما طالب «بضرورة توحيد الجهود مع الجهات المعنية لمواجهة فصل الشتاء، والقيام بأعمال الصيانة الدورية والعاجلة لمحطات الصرف الصحي».

كما شدد خلال اجتماعه مساء الأحد مع إدارة «الشركة العامة للمياه والصرف الصحي»، على ضرورة استكمال الإجراءات التعاقدية للمشروعات المعتمدة بالبرنامج الوطني للصرف الصحي، وإعطائه الأولوية في الخطة المعتمدة من الحكومة.

من جهة أخرى، نفى خالد المشري، رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، في تصريحات تلفزيونية مساء الأحد، وجود لجنة رسمية للتواصل داخل المجلس، ووصف ما يتردد بشأن الوصول إلى حلول لإجراء انتخابات جديدة لرئاسة المجلس، بأنه عارٍ من الصحة، وأضاف: «ارتضينا المسار القضائي فقط، وسنقبل بنتائجه لحل الخلاف بشأن الرئاسة».

صورة وزعتها هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا للقاء رئيسها مع سفراء عرب وأجانب بطرابلس

من جهته، ناقش عبد الله قادربوه، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، في لقائه مساء الأحد بطرابلس، مع مجموعة من سفراء الدول الكبرى وممثلي البعثات الدولية، تقرير الهيئة السنوي للعام الماضي، وفرص الدعم الفني واللوجيستي المتاحة من الشركاء الدوليين.

وشدّد في حضور سفراء عرب وأجانب وبعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على «أهمية التعاون الدولي في تعزيز الشفافية والمساءلة القانونية، وضرورة بناء مؤسسات رقابية قوية تحقق طموحات الشعب الليبي في إدارة رشيدة للموارد العامة».

ونقل عن السفراء التزام دولهم بدعم ليبيا في «المرحلة الحرجة»، مؤكدين «أهمية التعاون المشترك لتعزيز استقرار المؤسسات الليبية والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للشعب الليبي».

بدوره، قال نيكولا أورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي إن التقرير سلّط الضوء على «الجهود الحاسمة التي تبذلها الهيئة في الكشف عن الهدر والفساد ومكافحتهما والحفاظ على الثروة الوطنية في ليبيا».

وأكد «ضرورة تكاتف جميع المؤسسات في القضاء على سوء استخدام الموارد العامة، وهو أمر ضروري لاستعادة ثقة المواطنين وجذب الأعمال والاستثمار الأجنبي»، وجدد التزام الاتحاد الأوروبي «بدعم الهيئة من خلال بناء القدرات والمساعدة الفنية».

في شأن مختلف، التقى القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، خلال اجتماعه مساء الأحد في مدينة بنغازي بشرق البلاد، مع أعضاء مجلس إدارة «معرض ليبيا بيلد»، الذين أشادوا بنجاح دورته السابقة في بنغازي، «وبالنهضة والتطور العمراني الذي تشهده المدينة والمنطقة الشرقية، والأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما».

ولفت حفتر إلى «أهمية دعم مثل هذه المعارض التي تسهم في تعزيز التعاون الدولي والمحلي، وتفتح آفاقاً جديدة للتنمية العمرانية».