كيف ينظر السودانيون إلى زيارة البرهان للجزائر؟

محللون رجحوا بحثه عن «دعم سياسي» إقليمي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يسار) ورئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان (الأحد) في الجزائر (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يسار) ورئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان (الأحد) في الجزائر (الرئاسة الجزائرية)
TT

كيف ينظر السودانيون إلى زيارة البرهان للجزائر؟

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يسار) ورئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان (الأحد) في الجزائر (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يسار) ورئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان (الأحد) في الجزائر (الرئاسة الجزائرية)

منذ مغادرة رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان مقر قيادة الجيش بالخرطوم، في أغسطس (آب) الماضي، وتوجهه إلى مقر حكومته المؤقت في بورتسودان، أجرى الرجل زيارات لدول أفريقية عدة بهدف حشد التأييد الإقليمي، غير أن ذلك لم يفضِ إلى «متغيرات ملموسة» بل زادت التوترات بإعلان قطع علاقة الخرطوم مع الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد». لكن الزيارة التي أجراها البرهان للجزائر، الأحد، بَدَت حسب مراقبين، مختلفة نسبياً عن غيرها، إذ أظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دعماً ضمنياً للبرهان، عبر تأكيدات أعلنها عن دعم السودان في مواجهة ما سماها «قوى الشر»، فيما حذر المسؤولان الكبيران من «التدخلات الأجنبية» في السودان.

وبخلاف العلاقات الثنائية بين الطرفين، تملك الجزائر راهناً وضعاً سياسياً مهماً في محيطها العربي والأفريقي عبر عضوية مجلس الأمن. ويرى المحلل السياسي السوداني محمد لطيف، أن «البرهان يريد الاستفادة من تأثير الجزائر في الاتحاد الأفريقي والإقليم، ومن عضويتها الحالية في مجلس الأمن الدولي، من أجل إعادة تسويق سرديته الداعية إلى تصنيف (قوات الدعم السريع) بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حركة (إرهابية)».

ويقول لطيف لـ«الشرق الأوسط» إن «البرهان ألقى هذه السردية في الأمم المتحدة قبل 6 أشهر، بغرض التأثير في مواقف الدول، ولأن الجزائر إحدى الدول المؤثرة في الاتحاد الأفريقي فهو يريد توظيف هذا الثقل لصالحه، وإعادة ترتيب الأوضاع في الاتحاد الأفريقي و(إيغاد)، وفك عزلته». ولا يستبعد لطيف أن يكون «من بين أهداف البرهان إلى الجزائر محاولة الحصول على سلاح جزائري» لكنه يضيف أن «ذلك لن يحدث في ظل الإفادات المعلنة من المسؤولين الجزائريين بضرورة وقف الحرب والتفاوض، والشروع في عملية سياسية تُنهي أسباب الحرب».

ووفقاً للطيف فإن للزيارة هدفاً آخر هو «اعتقاد البرهان أن الحكومة الجزائرية يمكن أن تؤثر في مواقف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى السودان الجزائري رمطان لعمامرة». مضيفاً أن «لقاءات لعمامرة مع البرهان ووزير خارجيته لم تكن إيجابية وفقاً لرؤيتهما، فهو استخدم معهما خطاب وقف الحرب ومخاطرها».

ويخلص: «هم (الحكومة السودانية والبرهان) يظنون أن الحكومة الجزائرية يمكن أن تؤثر في مواقف لعمامرة، متجاهلين أنه موظف دولي لا علاقة لمواقفه بمواقف دولته». أما الكاتب الصحافي الداعم للجيش بكري المدني، فيطرح رؤية أخرى، تتمثل في أن «من بين أهداف زيارة البرهان المقابلة التي أجرها مع الخليفة العام للطريقة التيجانية الشيخ علي بلعرابي».

وتحظى الطريقة التيجانية (إحدى الطرق الصوفية) بشهرة واسعة في السودان، وخلال زيارة بلعرابي للخرطوم في يناير (كانون الثاني) الماضي، استقبله قائد «الدعم السريع» وسط حشد احتفالي تكريماً لمكانته الدينية. وشرح المدني أن «البرهان يريد الاستفادة من تأثير زعيم الطريقة ذات الحضور في الغرب الأفريقي في حميدتي، الذي أكد في أكثر من لقاء أنه ينتمي إليها». وأضاف أن بلعرابي «يعد ثاني أهم شخصية يلتقيها البرهان في الجزائر، بعد تبون، لذلك أظن أن الخليفة سوف يتواصل مع حميدتي بخصوص حربه التي دمّرت السودان».


مقالات ذات صلة

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات بمدينة أدري التشادية بعد فرارهن من دارفور (رويترز)

​ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟

أعلنت الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة الاستجابة لمطلب تمديد فتح معبر «أدري» الحدودي مع تشاد

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (رويترز)

البرهان يجري تعديلات شملت 4 وزارات

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مراسيم رئاسية مفاجئة، أقال بموجبها 4 وزراء، وعيّن بدلاء لهم، أبرزهم وزيرا الخارجية والإعلام، وذلك قبل ساعات.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (قناة مجلس السيادة الانتقالي عبر «تلغرام»)

البرهان يقيل وزيري الخارجية والإعلام

أعلن مجلس السيادة السوداني، اليوم، أن  قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، أصدر قراراً بإقالة وزيري الخارجية والإعلام.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».