اجتماعات أمنية جزائرية - تونسية للتصدي للتهريب والهجرة السرية

تجارة الوقود غير الشرعية تثير قلقاً بالغاً لدى الجزائر

الوفدان الجزائري والتونسي في اجتماع التصدي للمخاطر بالحدود (الداخلية الجزائرية)
الوفدان الجزائري والتونسي في اجتماع التصدي للمخاطر بالحدود (الداخلية الجزائرية)
TT

اجتماعات أمنية جزائرية - تونسية للتصدي للتهريب والهجرة السرية

الوفدان الجزائري والتونسي في اجتماع التصدي للمخاطر بالحدود (الداخلية الجزائرية)
الوفدان الجزائري والتونسي في اجتماع التصدي للمخاطر بالحدود (الداخلية الجزائرية)

بدأ وفدان رفيعان من الحكومتين الجزائرية والتونسية، الاثنين، في العاصمة الجزائرية، البحث في خطة لتأمين المناطق الحدودية من نشاط المسلحين ومهربي الوقود والماشية والمواد الغذائية، وشبكات الهجرة غير النظامية.

وتجري الاجتماعات تحت إشراف وزيري الداخلية الجزائري إبراهيم مرَاد، والتونسي كمال الفقي، وفي إطار الدورة الأولى لـ«اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية - التونسية»، التي تم إطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وزير الداخلية الجزائري (يسار) مع نظيره التونسي في الاجتماع الأمني حول الحدود (الداخلية الجزائرية)

وقال مرَاد في كلمة افتتاحية له، إن «الأمر يتعلق بتجسيد فرص الشراكة، والاستغلال الأمثل للإمكانات المتاحة بالمناطق الحدودية». وعدّ استحداث آلية للتعاون الثنائي، لمواجهة المخاطر بالحدود، «حصيلة تعاون مثمر على كل المستويات، تنفيذاً للإرادة المشتركة للبلدين، وسعيهما للارتقاء بوتيرة التعاون الثنائي»، مشيراً إلى أن القضايا المرتبطة بتنمية مناطق الحدود، والتصدي للمخاطر التي تشكل مصدر تهديد، كانت محل محادثات بين الرئيسين عبد المجيد تبون وقيس سعيّد أواخر 2021.

وأكد مرَاد أن أوضاع المناطق الحدودية «تحظى بعناية خاصة من رئيس الجمهورية الذي يسعى إلى وضع برامج متنوعة لتنميتها وتحسين ظروف ساكنيها، وفق نسق يهدف إلى تقليص الفوارق وتصويب الاختلالات فيها». وتحدث عن «مبادرات» أطلقتها الحكومة تخص مشروعات لتنمية المناطق الحدودية، «في إطار تشاوري واسع، ضم الفاعلين على المستويين المركزي والمحلي». كما شدد على تحسين ظروف استقبال المسافرين في المعابر الحدودية المشتركة التسعة، التي تشهد غالبيتها حركة نشطة للتجار.

محافظو ولايات حدودية من البلدين خلال الاجتماع الأمني (الداخلية الجزائرية)

ودعا وزير الداخلية إلى «تعزيز المراقبة الوبائية في الشريط الحدودي، بسبب ظهور أوبئة جديدة، وتأمين مناطقنا الحدودية، وتحصينها إزاء التحديات الأمنية الجديدة، لا سيما الهجرة غير الشرعية، مع تكثيف التشاور والتنسيق في هذا المجال».

ووفق مراد، ينتظر من الاجتماعات التي ضمت محافظي الولايات الحدودية من الجانبين، «إصدار توصيات عملية ونوعية، قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، على أن تأخذ بالدرجة الأولى متطلبات وتطلعات سكان المناطق الحدودية، وكل ما هو كفيل بدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بها».

والمعروف أن أكثر ما يقلق الجزائر، هو تهريب وقودها إلى تونس بكميات كبيرة، فأسعاره مدعومة حكومياً، وهي أقل بثلاث مرات قياساً إلى الأسعار في تونس.

وكانت مؤسسة الأبحاث «مركز كارنيغي للشرق الأوسط»، نشرت في 2020 دراسة مستفيضة عن الوضع في المحافظات الشرقية الجزائرية الواقعة عند الحدود مع تونس، أهم ما جاء فيها أن التهريب يعدّ بالنسبة للسلطات المحلية، «صمام أمان يخفّف بعض الضغوط الاقتصادية التي يشعر بها سكان الأقاليم الشرقية المهملة. علاوةً على ذلك، يعزّز المهربون جهود الأجهزة الأمنية لإبعاد التهديد الثلاثي للمخدرات والأسلحة والمتطرفين».

وزيرا الداخلية الجزائري والتونسي (الداخلية الجزائرية)

وأكدت الدراسة أن تهريب السلع المحظورة من وإلى تونس، يقدم لسكان المناطق الحدودية، «إحدى فرص العمل القليلة الثمينة، في منطقة تتسم عادةً بالبطالة»، مشيرة إلى أن هذا النشاط «يجري على قدم وساق وعلى نطاق واسع، إلى درجة أنه أفرز اقتصاداً موازياً غير مشروع».

وضمت الدراسة لائحة بالمواد والسلع التي تهرّب من الجزائر إلى تونس، وتتمثل أساساً في الوقود والماشية وقطع السيارات والنحاس والإلكترونيات التي تصنّعها شركة جزائرية خاصة معروفة توجد على بعد 300 كلم من الحدود، إضافة إلى العطور ومستحضرات التجميل، واللبن الرائب والحليب المجفّف، والبطاطا. ووفق الدراسة ذاتها، يكسب مهرّب الوقود ما بين 150 و300 دولار في اليوم، ويشكّل هذا النشاط، حسبها، 75 في المائة من الحركة الاقتصادية في المنطقة.

ولفتت الدراسة إلى أنه «إذا قامت الدولة بقمع المهربين، سيشعر سكان الأراضي الحدودية بمزيد من التنفير، وقد تزداد المنطقة اضطراباً». كما لفتت إلى أن المهربين «قد يقعون فريسة لإغراءات المتطرفين، الذين تجنّبوهم حتى الآن، ويتولّون نقلهم مع أسلحتهم ذهاباً وإياباً عبر الحدود».


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)

عززت مصر من دعمها للصومال بإرسال قافلة طبية موسعة والإعلان عن تعاون مع مقديشو في مجال الأمن الغذائي، وذلك بعد أيام من إعلان القاهرة إرسال مساعدات عسكرية لمقديشو.

وقال خبراء إن تنوع مجالات الدعم المصري للصومال في هذه الفترة، يستهدف «دعم وحدة الصومال». وأشاروا إلى أن «القاهرة توفر احتياجات الشعب الصومالي تلبية لطلب الحكومة في مقديشو».

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية. وأعلنت القاهرة دعمها لمقديشو، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، يسمح لإثيوبيا باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصري وعربي.

ووقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة، أغسطس (آب) الماضي، «بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين». وأعلن السيسي وقتها، مشاركة بلاده في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال، بداية من يناير (كانون ثاني) 2025.

ودعماً للمنظومة الصحية الصومالية. أعلنت وزارة الصحة المصرية «إرسال قافلة طبية للصومال، تضم فريقاً طبياً متخصصاً في التخصصات النادرة، مدعوماً بالاحتياجات اللازمة لمناظرة المرضى وإجراء الجراحات المتخصصة». وقالت «الصحة» في إفادة، السبت، إن «القافلة الطبية بدأت خدماتها منذ 20 سبتمبر (أيلول) الحالي في مستشفى ديمارتينو العام بمقديشو، في تخصصات الجراحة، والجهاز الهضمي، والأورام، والعظام، وأمراض القلب، والأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد، وأمراض الأطفال والتخدير، والحالات الحرجة».

وأوضحت الوزارة أنه تمت «مناظرة 1674 حالة من خلال 7 عيادات خارجية، وتقديم العلاج لهم، بالإضافة إلى إجراء 436 جراحة في التخصصات المختلفة»، وأشارت إلى «تدريب الكوادر الطبية الصومالية في التخصصات المختلفة»، إلى جانب «تقديم خدمات المبادرة الرئاسية في مصر للكشف المبكر عن أمراض السمنة والأنيميا والتقزم».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

من جانبه، أشاد السفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أواري، بالدعم المصري للمنظومة الصحية في بلاده. وقال في إفادة، السبت، إن «إرسال القاهرة قافلة طبية يعكس موقفها الثابت بدعم الصومال في شتى المجالات»، مشيراً إلى «أهمية الدور المصري في تدريب الكوادر الطبية الصومالية، ورفع كفاءتها وجاهزيتها»، معرباً عن «تطلعه لإرسال المزيد من القوافل المصرية لبلاده».

وبحث مستشار وزير الصحة المصري للعلاقات الصحية الخارجية، محمد جاد (رئيس القافلة الطبية للصومال)، مع وزيرة الصحة الصومالية، مريم محمد، «مقترح إنشاء مركز طبي مصري بالصومال، في التخصصات المطلوبة والنادرة، وإنشاء صيدلية مصرية لتقديم الدواء المصري، إلى السوق الصومالية والدول المجاورة، ووضع آلية مشتركة لاستقدام المرضى الصوماليين للعلاج داخل المستشفيات المصرية»، حسب «الصحة المصرية».

يأتي هذا وسط تحركات مصرية لدعم الصومال في مختلف المجالات، وبحث وزير التموين المصري، شريف فاروق، مع السفير الصومالي في القاهرة، «تطوير التعاون بين البلدين في مجال تحقيق الأمن الغذائي والتبادل السلعي والتجاري»، حسب إفادة للسفير الصومالي، الأسبوع الماضي.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت الأسبوع الماضي «تقديم شحنة من المساعدات العسكرية للجيش الصومالي، بهدف دعم وبناء قدراته». وقالت إنها «تأتي لمواصلة الدور المصري المحوري لدعم الجهود الصومالية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن تنوع الدعم المصري للصومال يستهدف «دعم مقديشو لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تقدم مساعدات عسكرية، ومنحاً دراسية مجانية، وبرامج تدريبية للكوادر الصومالية، لتعزيز قدراتها، ودعم وحدتها الكاملة». وأوضح حجاج لـ«الشرق الأوسط» أن المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من مصر للصومال تأتي «تلبية لمطالب الحكومة الصومالية، ومشاركة من القاهرة في توفير المتطلبات السياسية والعسكرية والتعليمية والغذائية، التي يحتاج إليها الشعب الصومالي»، مشيراً إلى أن «الدعم المصري ليس بجديد، حيث سبق أن ساعدت القاهرة الصومال بعد الاستقلال ببعثات تعليمية وعسكرية». وقال إن «الدعم الحالي يستند إلى ميثاق التعاون العربي والأفريقي المشترك، لكون الصومال عضواً بالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي».

وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة مساعدات عسكرية مصرية (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي على «إكس»)

وبحث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مع نظيره الصومالي حمزة عبدي بري، في القاهرة، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «إجراءات تنويع وزيادة الدعم المصري للصومال، في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية». وأشار إلى «عمل بلاده على تسهيل التمويلات للأعمال التجارية والاستثمارية، وتشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة في الصومال»، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وأكد حجاج أن «التحركات المصرية ليست موجهة لأحد وليست رداً على التحركات الإثيوبية داخل الصومال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تستهدف وحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أشار خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، مايك هامر، ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، مولي في، في واشنطن الأسبوع الماضي، إلى «حرص بلاده على وحدة الصومال، من خلال دعم مؤسساته المركزية، ومساندة جهود الحكومة الصومالية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب وإنفاذ سيادة الدولة على إقليمها»، مؤكداً أن «الدعم المصري يأتي وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية».