حملة مصرية موسعة ضد «حيتان الذهب»

ضبط مزيد من تجار «المعدن الأصفر» عقب ارتفاع قياسي بالأسعار

أحد محال الذهب في مصر (الصفحة الرسمية شعبة الذهب والمجوهرات على «فيسبوك»)
أحد محال الذهب في مصر (الصفحة الرسمية شعبة الذهب والمجوهرات على «فيسبوك»)
TT

حملة مصرية موسعة ضد «حيتان الذهب»

أحد محال الذهب في مصر (الصفحة الرسمية شعبة الذهب والمجوهرات على «فيسبوك»)
أحد محال الذهب في مصر (الصفحة الرسمية شعبة الذهب والمجوهرات على «فيسبوك»)

تواصل السلطات المصرية حملة موسعة ضد بعض تجار «الذهب»، الذين تصفهم وسائل إعلام محلية بـ«حيتان الذهب»، وذلك في أعقاب ارتفاع قياسي في أسعار «المعدن الأصفر». ووفق مراقبين، «شهد سعر الذهب في السوق المحلية بمصر عدة ارتفاعات خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، متأثراً بالتوترات السياسية في المنطقة، وارتفاع سعر الدولار في (السوق الموازية) بمصر. وللدولار الأميركي سعران في مصر، أحدهما رسمي عند 30.9 جنيه، والآخر غير رسمي يزيد عن ذلك بكثير».

وسجلت غرامات الذهب ارتفاعات جديدة بتعاملات الخميس في مصر، ليسجل عيار 24 سعر 4371 جنيهاً، وعيار 21 سعر 3825 جنيهاً، ووصل سعر عيار 18 لـ3278 جنيهاً، وسعر الجنيه الذهب لـ30600 جنيه، بحسب الشعبة العامة للذهب في مصر.

وتمكنت قوات الأمن المصرية، الخميس، من «القبض على 4 من أكبر تجار الذهب الخام في منطقة الجمالية، التي تشتهر بوجود محلات الصاغة في وسط القاهرة». وأفادت وسائل إعلام محلية أن «توقيفهم على خلفية تحقيقات موسعة في وقائع فساد وتهريب (المعدن الأصفر) وتعطيش السوق». وقبل أيام ألقت قوات الأمن المصرية القبض على أحد تجار الذهب في منطقة الجمالية، وذكرت تحقيقات عقب توقيفه أنه «وجد بحوزته كمية كبيرة من الذهب، بلغت نحو 160 كيلوغراماً من الذهب غير المدموغ بفواتير خاصة لضريبة الذهب، ومبالغ مالية بالعملات الأجنبية، ومن بينها الدولار». ومنتصف يناير (كانون الثاني) الحالي، تم القبض على من أطلقت عليه وسائل إعلام محلية «إمبراطور الذهب»، بعد أن كشفت التحقيقات أنه «من أقدم تجار الذهب، ولديه كثير من المحال في منطقة الجمالية، كما يمتلك كثيراً من محال الذهب التجارية على مستوى المحافظات المصرية، ومن الأشخاص المؤثرين في سوق الذهب بمصر».

ويرى المراقبون أن توقيف «حيتان الذهب» سعياً لهبوط الزيادات المتكررة والمتتالية في أسعار الذهب»، لافتين إلى أن «سعر الذهب في الأوقات العادية يكون محسوباً بناءً على السعر العالمي وسعر الصرف؛ لكن سوق الذهب بمصر يشهد الآن (تلاعباً في الأسعار) تحت مبرر (العرض والطلب)».

ارتفاعات متزايدة في أسعار الذهب بمصر (الصفحة الرسمية شعبة الذهب والمجوهرات على «فيسبوك»)

الارتفاعات المتكررة في أسعار الذهب خلال الأيام الماضية دفعت «شعبة الذهب والمجوهرات» باتحاد الصناعات المصرية لإصدار إفادة الخميس، أكدت فيها أن «أسعار الذهب الحالية المتداولة بالأسواق غير حقيقية، ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الأسعار التي يجب أن تكون عليها في الحقيقة، والتي جاءت بسبب تدافع المواطنين لشراء الذهب». وناشدت الشعبة المصريين بـ«توخي الحذر في عمليات شراء الذهب في التوقيت الحالي، التي تشهد (عمليات مضاربة خارجة) عن قواعد السوق»، كما حذرت من «الانسياق وراء الشائعات، وما يتم تداوله عبر مواقع وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أسعار الذهب».

وكانت مشتريات المصريين من الذهب «بلغت خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، 24.9 طن ذهب، بنسبة ارتفاع 87.2 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها في عام 2022»، ووفق تقرير صادر عن «مجلس الذهب العالمي» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكدت وزارة التموين المصرية في أكثر من إفادة أن ارتفاع أسعار الذهب بمصر «غير مبرر وغير منطقي». في حين يرى عضو مجلس إدارة «شعبة الذهب» باتحاد الغرف التجارية في القاهرة، عمرو المغربي، أن من يتحكم في أسعار الذهب «سعر أوقية الذهب العالمية، إضافة إلى سعر صرف الجنيه أمام الدولار، إضافة إلى العرض والطلب».

وسبق أن أدى «الاضطراب» في تسعير الذهب بمصر مطلع الشهر الحالي إلى إيقاف عدد من منصات البيع الإلكتروني للذهب أعمالها لحين «ثبات الأسعار، فضلاً عن توقف بعض المحال بشكل فردي عن تنفيذ عمليات بيع وشراء للذهب لعدة ساعات».

وبحسب عضو «شعبة الذهب» في الغرفة التجارية بالقاهرة، سامح عبد الحكيم، الخميس، فإن «بعض محال التجزئة أوقفت حركة البيع والشراء في السوق لساعات، بالتزامن مع نقص معروض خام الذهب وصعوبة توفير الذهب للمحال». وأشار عبد الحكيم، وفق ما أوردت وسائل إعلام محلية، إلى أن «تجار الذهب الخام أوقفوا البيع للمواطنين لليوم الثاني على التوالي، الخميس، ما ساهم في الضغط بصورة أكبر على السوق بعد ضبط عدد من التجار».

في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «صناديق الاستثمار في المعادن، ومنها الذهب، تأتي في ضوء الرغبة في توفير فرص استثمارية وادخارية تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، بشكل يُسهم في التحوط ضد (مخاطر تقلبات) الأسعار من خلال المشاركة في استثمار (مُنظم وآمن)». جاء ذلك خلال استعراض مدبولي، الخميس، تقريراً أعدته الهيئة العامة للرقابة المالية حول إطلاق أول «صندوق للاستثمار في الذهب». وأكد «مجلس الوزراء المصري» في بيان، الخميس، أن «صندوق الاستثمار في الذهب سيكون بداية فقط لإطلاق مزيد من صناديق الاستثمار وأدوات مالية أخرى، كما سيُسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الجديدة، وربط السوق المصرية بالأسواق العالمية».


مقالات ذات صلة

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

المشرق العربي الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.