القضاء التونسي يبدأ الشهر المقبل محاكمة المتهمين باغتيال بلعيد والبراهمي

بعد أكثر من 11 سنة من التحريات والتحقيقات

القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
TT

القضاء التونسي يبدأ الشهر المقبل محاكمة المتهمين باغتيال بلعيد والبراهمي

القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)

أكدت إيمان قزارة، عضوة هيئة الدّفاع في قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي في سنة 2013، تحديد هيئة الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، موعد السادس من فبراير (شباط) المقبل، للشروع في محاكمة المتهمين.

وقالت إنه «من المنتظر أن يفسح المجال داخل أروقة المحكمة، لمرافعة الدفاع، باعتبار أنّ القضيّة أصبحت جاهزة للبت فيها، وإصدار حكم قضائي ينهي الجدل السياسي الذي رافقها طوال السنوات المنقضية».

وأشارت في تصريح إعلامي لـ«وكالة الأنباء التونسية» الرسمية، إلى أن تأخير القضية للترافع القانوني يعني أنّ الملف جاهز، واستكملت فيه جميع الأبحاث الأمنية والقضائية، وأصبح بالتالي «جاهزاً للفصل فيه، بعد ترافع المحامين من فريقي الدّفاع عن الضحية وعن المتّهمين».

تشديد الرقابة الأمنية على محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا الإرهاب والفساد والتآمر على أمن الدولة (أرشيف وسائل إعلام تونسية)

وأضافت قزارة أن مصطفى خذر وعامر البلعزي، وهما «ينشطان مع حركة (النهضة) التي يتزعمها راشد الغنوشي، من بين المتهمين في قضيتي اغتيال بلعيد والبراهمي». وكشفت عن حضور متهمين في جلسات قضائية سابقة ينتمون إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور ومن «الجهاز الأمني السري لحركة (النهضة)» في المحكمة، معتبرة أن هذا الحضور «يمثل تقدماً على مستوى فك الإبهام الذي رافق ملف القضية التي عدّها مراقبون بمثابة جريمة دولة».

وكشفت مصادر حقوقية تونسية عن امتناع أحمد المالكي المكنى بـ«الصومالي»، يوم الثلاثاء، عن المثول أمام القضاء التونسي، نافياً مسؤوليته عن عملية الاغتيال التي حصلت في السادس من فبراير 2013، أي قبل نحو 11 سنة. وأكدت في المقابل حضور متهمين آخرين من بينهم طالب تونسي في مجال الطب.

«الصومالي» (الداخلية التونسية)

يذكر أن «الصومالي» محكوم بالسجن بتهمة إرهابية، وأعلنت وزارة الداخلية التونسية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن هروبه بطريقة مذهلة من السجن المدني بـ«المرناقية» (غربي العاصمة التونسية) وهو من أحدث السجون التونسية وأكثرها خضوعاً للحراسة الأمنية، مع أربعة عناصر إرهابية أخرى، لكن قوات مكافحة الإرهاب نجحت في إعادتهم إلى السجن بعد نحو أسبوع، ووعدت بالكشف عن طريقة هروبهم من دون استعمال أسلحة.

كما يذكر أن القيادي اليساري شكري بلعيد كان عند اغتياله يشغل منصب أمين عام «حزب الوطنيين الدّيمقراطيين الموحّد» المعروف في تونس باسم «الوطد»... ومن أبرز الوجوه السياسية اليسارية التي كانت تنتقد بشدة منظومة الحكم التي تتزعمها آنذاك «حركة النهضة»، وهو ما جعل سهام الشكوك توجه لقيادات الحركة بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وهو ما نفته بشدة.

السجن المدني بـ«المرناقية» (موقع رئاسة الجمهورية)

لكن هيئة الدفاع في القضية الخاصة ببلعيد والبراهمي باعتبار أنهما اغتيلا خلال السنة نفسها، واصلت توجيه اتهامها إلى قيادات «النهضة» من خلال الكشف عن وجود «أمن مواز» بوزارة الداخلية خلال فترة حكمها، خاصة من 2011 إلى 2013، علاوة على تأكيد من قبلها على وجود «غرفة سوداء»، تحتوي على وثائق قانونية تابعة لملف الاغتيال غير أن «النهضة» احتفظت بها، ولم تمد الجهات القضائية بمحتواها.


مقالات ذات صلة

الشرطة البرازيلية: بولسونارو شارك في محاولة انقلاب 2022

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية: بولسونارو شارك في محاولة انقلاب 2022

خلص تقرير للشرطة البرازيلية نشر الثلاثاء إلى أن الرئيس السابق جايير بولسونارو "شارك بشكل فاعل" في محاولة انقلاب في العام 2022.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
آسيا نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز) play-circle 01:52

نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

أعلنت نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي اليوم (السبت) أنها أمرت شخصاً بقتل الرئيس فرديناند ماركوس جونيور في حال تم اغتيالها.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
شؤون إقليمية وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر (إكس)

كندا أحبطت مخططاً إيرانياً لاغتيال وزير العدل السابق

أحبطت السلطات الكندية مؤخراً مخططاً إيرانياً مفترضاً لاغتيال وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر المنتقد الكبير لطهران.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يتحدث خلال اجتماع في طهران (رويترز)

ممثل للمرشد الإيراني يتعرّض لمحاولة اغتيال

تعرّض ممثل للمرشد الإيراني علي خامنئي لمحاولة اغتيال، الجمعة. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حالة محمد صباحي حرجة بعد إصابته بطلق ناري.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريطانيا تستضيف اجتماعاً حول ليبيا من دون حضور «أطراف الأزمة»

جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)
جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)
TT

بريطانيا تستضيف اجتماعاً حول ليبيا من دون حضور «أطراف الأزمة»

جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)
جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)

بحالة من الفتور وعدم الاكتراث، استبق ليبيون الإعلان غير الرسمي عن مؤتمر دولي، يتعلق بمناقشة أزمة بلدهم السياسية، من المقرر أن تحتضنه المملكة المتحدة، الأربعاء المقبل.

ولم تعلن البعثة الأممية لدى ليبيا، أو الجانب البريطاني عن هذا المؤتمر المرتقب، لكن مصادر تتحدث عن تسارع دولي حثيث يجرى لكسر الجمود السياسي في ليبيا، بما يشمل تحريك ملف «الحكومة الموحدة».

وسرّب نشطاء وسياسيون ليبيون، ما قالوا إنها أجندة مؤتمر «رفيع المستوى» يستمر 3 أيام بالشراكة مع وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث وبحضور ممثلين لـ8 دول ليس من بينها ليبيا صاحبة الأزمة، حسب جدول أعماله.

وقبل التئام المؤتمر، زادت حدة الخلافات بين الأفرقاء المتنازعين على السلطة، فيما بدا عدم تمثيل «الفاعلين في الأزمة» أو أي من الأطراف الليبية أمراً مستغرباً للقوى السياسية بالبلاد.

وبحسم شديد، قال رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي الشبلي: «لا أعتقد أن هذا المؤتمر سيفضي إلى نتيجة لأسباب عدة»، من بينها «غياب الجانب الليبي بالكامل سواء من الذين كانوا سبباً في المشكلة أو من القوى الوطنية».

جانب من مباحثات بشأن ليبيا في جنيف أغسطس 2015 (البعثة الأممية)

ومنذ تفكيك ليبيا عقب إسقاط النظام السابق، حطّت الأزمة رحالها في عواصم دولية وعربية عدة منطلقة من مدينة غدامس (جنوب غربي البلاد)، منذ عام 2014، ومن يومها وهي «تتجول» بحثاً عن حل تركن إليه الأطراف المتنازعة وترتضيه، مروراً بـ«محطتي برلين» و«جنيف».

وأوضحت دعوة المؤتمر أن ليبيا «تعاني من انقسام سياسي وخلل وظيفي يعوق استقرارها. والعملية السياسية للأمم المتحدة، المسار الدولي المعترف به لمعالجة هذه الأزمة، متعثرة بسبب عاملين رئيسيين هما: الانقسامات السياسية الداخلية في ليبيا، والتنافس الدولي».

ويركز الاجتماع، وفقاً لجدول أعماله المسرب، على العناصر المطلوبة «لتقديم نهج دولي منسق يهدف لتحقيق الاستقرار طويل الأمد في ليبيا». ومن المقرر أن تحضره قوى دولية من بينها المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، ومصر، وتركيا، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولم تُظهر أجندة المؤتمر أي تمثيل لروسيا والصين، وهو ما دعا الشبلي إلى القول إن «تغييبهما يعني أن أي حلول ستصل إليها هذه المجموعة الأوروبية بالإضافة إلى أميركا، لن تمر داخل مجلس الأمن».

ونوه الشبلي بأن «موقف روسيا في اجتماع مجلس الأمن الأخير كان واضحاً عندما اشترط ضرورة تعيين مندوب يمثل المجلس في ليبيا، وليس مبعوثاً يمثل الأمين العام للأمم المتحدة».

ويرى الشبلي أن هذا المؤتمر الذي يراد منه حل الأزمة الليبية «لن يكون كما يتوقعون؛ هم يعلمون أنه لن تكون هناك أي حلول للأزمة إلا من خلال مجلس الأمن، وبالتالي فإنه مع استبعاد روسيا والصين من حضور المؤتمر فلن تكون لمخرجاته أي أهمية».

وستتضمن محاور المؤتمر «مراجعة المخاطر الناتجة عن استمرار الوضع الحالي، ومناقشة قضايا التنافس الدولي والخلافات بين الأطراف المعنية، بالإضافة إلى الاتفاق على مجالات التعاون المشترك لتحقيق الاستقرار».

ومن أبرز المواضيع التي ستطرح على المؤتمر: «السياق السياسي لليبيا»، و«تقييم الوضع السياسي الداخلي والدولي»، و«استعراض المصالح الدولية المرتبطة بليبيا»، بالإضافة إلى «مناقشة ترتيب الانتخابات بما يتناسب مع تسوية سياسية شاملة»، و«بحث كيفية توحيد المؤسسات الأمنية وضمان السيطرة الوطنية على استخدام القوة».

جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)

ويبدي جانب كبير من الليبيين تشاؤماً من المؤتمرات الدولية؛ حيث يرون أنها لا تشكل أهمية لهم بالنظر إلى انعدام نتائجها، وعدم تفعيل أي من مخرجاتها على الأرض. وذهب مصدر مسؤول في «مجلس أعيان ليبيا» في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «السلام لا يصنع في المؤتمرات الدولية (...)، للأسف حاولنا مراراً إعادة البحث عن حل داخلي، وكنا نفشل لأسباب عدة».

وإلى جانب مؤتمر لندن، يروج بين الأوساط السياسية والإعلامية في ليبيا «أن شيئاً ما يُطبخ في أروقة السياسة الدولية يتعلق بتشكيل حكومة ليبية موحدة سيناط بها إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة».

وألح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه نظيره الإيطالي لورينزو فونتانا، في روما، نهاية الأسبوع الماضي، على ضرورة تشكيل «حكومة موحدة»، وقال: «ليبيا في حاجة إلى حكومة جديدة موحدة، مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».

ويعمل مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» على هذا المسار، لكن الانقسام الذي ضرب الأخير في تصارع محمد تكالة وخالد المشري على رئاسته، حال دون استكمال العمل على تشكيل «الحكومة الموحدة».

ولتداخل الحسابات الشخصية والجهوية لم يصمد أي اتفاق سياسي طويلاً أو تتوافق بشأنه الأطراف الليبية بشكل نهائي، لا سيما اتفاق «الصخيرات» التي وقع في المغرب نهاية عام 2015 وأنهى فترة من الانقسام السياسي الحاد.

ما ذهب إليه الشبلي يعتقده قطاع واسع من الليبيين، برغم ذلك يأملون في «أن تنجح أي مساعٍ دولية في وقف الصراعات الدائرة بين ساستهم، وأن تتجه ليبيا لعقد الاستحقاق العام لإنهاء الفترة الانتقالية».