تونس: تحضيرات لاعتماد جوازات سفر جديدة وبطاقات هوية «رقمية»

محامون: قضية تآمر جديدة على أمن الدولة

وزارة الداخلية التونسية ومجلس النواب بدآ التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد (أرشيف وسائل إعلام تونسية)
وزارة الداخلية التونسية ومجلس النواب بدآ التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد (أرشيف وسائل إعلام تونسية)
TT

تونس: تحضيرات لاعتماد جوازات سفر جديدة وبطاقات هوية «رقمية»

وزارة الداخلية التونسية ومجلس النواب بدآ التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد (أرشيف وسائل إعلام تونسية)
وزارة الداخلية التونسية ومجلس النواب بدآ التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد (أرشيف وسائل إعلام تونسية)

أعلن محامون تونسيون، الثلاثاء، أن تحقيقات أمنية وقضائية في قضية تآمر جديدة على أمن الدولة أحالتها النيابة العمومية إلى مصالح الأمن.

ومن بين المشتبه فيهم في هذه القضية، حسب المحامي ووزير حقوق الإنسان سابقاً سمير ديلو، عدد من الشخصيات السياسية المحسوبة على المعارضة، وبينهم من سبق أن أحيلوا إلى القضاء في قضايا أخرى أحيلت إلى قطب مكافحة الإرهاب؛ مثل زعيم جبهة الخلاص المعارضة؛ المحامي اليساري والحقوقي أحمد نجيب الشابي.

وشملت الاتهامات موقوفين ومساجين في قضايا أخرى للتآمر على أمن الدولة وشبهات فساد من بينهم، المهدي بن غربية الوزير السابق ومستشار رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد (2016 - 2019).

وزارة الداخلية التونسية ومجلس النواب بدآ التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد (أرشيف وسائل إعلام تونسية)

تغيير شامل

من جهة أخرى، بدأ مجلس النواب ووزارة الداخلية التونسية التحضيرات لتغيير شامل لنظام بطاقات الهوية وجوازات السفر في البلاد، في اتجاه اعتماد الرقمنة الشاملة للمعطيات الشخصية والجوزات البيومترية وبطاقات الهوية التي تحتمل «شفرة إلكترونية» تخزن فيها كل المعلومات الأمنية الدقيقة، حسب التجارب المعتمدة دولياً.

وقد انتظمت في مقر مجلس النواب التونسي، الاثنين، جلسة استماع لوزير الداخلية، كمال الفقي، بحضور كبار الكوادر الأمنية للوزارة.

ونوقشت بالمناسبة تفاصيل التعديلات المبرمجة بصبغتها الأمنية والإدارية وانعكاساتها المرتقبة على الأمن الوطني وعلى سيناريوهات القرصنة، والاختراق من قبل مخابرات دولية ومجموعات إجرامية أو إرهابية، بمشاركة أعضاء لجان الحقوق والحريات والأمن والدّفاع والقوّات الحاملة للسّلاح وتنظيم الإدارة وتطويرها والرّقمنة والحوكمة ومُكافحة الفساد.

بهذه المناسبة عرض وزير الدّاخليّة كمال الفقـي مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح قانوني 1993 و1975 حول جوازات السفر وبطاقات الهوية التقليدية بوثائق سفر وهوية تخزن في شفرتها «معلومات أمنية دقيقة»، ويتم كذلك تخزينها لدى المصالح الأمنية العليا للدولة.

تعهدات دولية

وزير الداخلية أعلن أن من بين أهداف هذا التعديل الذي سيهم هويات وجوازات ملايين المواطنين ومعطياتهم الشخصية: «مواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة على المستوى الدولي في مجال وثائق الهوية والسفر، ما يتيح إيفاء الدولة التونسية بالتعهدات المحمولة عليها بموجب توصيات المنظمة العالمية للطيران المدني، إضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريعها في إطار رقمنة الإدارة، وهو ما يقتضي الحصول على بطاقة التعريف البيومترية مسبقاً، ثم تسلّم جواز السفر البيومتري».

تحفظات أمنية سياسية

لكن عدداً من الخبراء ونواب البرلمان أعلنوا عن تحفظات عن هذه الخطوة الأمنية، وعدّوا أن فيها مخاطر «القرصنة للمعلومات الأمنية ذات الصبغة الوطنية» من قبل جهات أمنية واستخباراتية خارجية.

شوقي قداس: تخوفات من اختراق المنظومة الأمنية والمعطيات الشخصية (أرشيف وسائل إعلام تونسية)

وأعرب شوقي قداس الخبير في القانون الدولي ورئيس الهيئة الوطنية للمعطيات الشخصية ما بين 2015 و2023، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن معارضته للمسار الحالي لاعتماد الجوزات وبطاقات الهوية البيومترية، ولمبدأ تخزين «معلومات أمنية دقيقة لملايين المواطنين في شفرات وتجهيزات إلكترونية أمنية تابعة للدولة».

واستدل شوقي قداس بنجاح «جهات أمنية واستخباراتية وبعض الأطراف الأخرى» في اختراق المنظومة الأمنية السرية للدولة «التي خزنت فيها المعطيات الشخصية لمليار و400 مليون مواطن هندي وعشرات ملايين المواطنين في أميركا اللاتينية».

ولم يستبعد شوقي قداس أن تنجح جهات استخباراتية وأمنية وإجرامية عالمية في اختراق منظومات خزن المعطيات الشخصية الأمنية لملايين المواطنين التونسيين والعرب في صورة اعتماد «الجوازات البيومترية» وبطاقات الهوية البيومترية، مع تخزين المعطيات السرية فيها، وفي مواقع خزن قابلة للاختراق.

الضمانات القانونية

وتطرّق النقاش بين وزير الداخلية وأعضاء البرلمان، حسب بلاغ رسمي من وزارة الداخلية «إلى المسائل المتعلقة بالضمانات القانونية والتقنية لتخزين البيانات وحماية المعطيات الشخصية والإمكانات اللوجيستية والفنية لتنفيذ المشروع ومدى جاهزية الوزارة لذلك، إضافة إلى التنصيصات الوجوبية الواردة ببطاقة التعريف الجديدة، كالعنوان والجنس وحذف المهنة منها».

وقد تعهد وزير الداخلية، كمال الفقي، في ردوده على المتحفظين والمعارضين للتقيد بالضمانات الدستورية والقانونية ذات العلاقة، بحماية المعطيات الشخصية، وبتشريك الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية سواء في صياغة مشروعي القانونين أو عند وضع النصوص التطبيقية، فضلاً عن الحماية الجزائية المشددة للوثائق الجديدة ضد التدليس أو التزوير.

كما تعهد باسم الحكومة بـ«أخذ المعايير الدولية بعين الاعتبار في تصوّر مشروعي القانونين لكلتا الوثيقتين، من حيث التنصيصات الواردة بها أو فيما يتعلق بتخزين المعطيات بالشرائح الإلكترونية».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».