الصومال يطالب بـ«تكاتف عربي» في مواجهة «المخطط الإثيوبي» بالبحر الأحمر

أبو الغيط وصف مُذكرة أديس أبابا بـ«الانقلاب الصارخ»

أبو الغيط خلال الاجتماع الوزاري العربي عبر الإنترنت (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال الاجتماع الوزاري العربي عبر الإنترنت (الجامعة العربية)
TT

الصومال يطالب بـ«تكاتف عربي» في مواجهة «المخطط الإثيوبي» بالبحر الأحمر

أبو الغيط خلال الاجتماع الوزاري العربي عبر الإنترنت (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال الاجتماع الوزاري العربي عبر الإنترنت (الجامعة العربية)

طالب الصومال وزراء الخارجية العرب بـ«التكاتف والوقوف صفاً واحداً» في مواجهة ما وصفه بـ«المخطط الإثيوبي»، للسيطرة على مداخل البحر الأحمر. وشدد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري، الأربعاء، أمام الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، على أن إقليم «أرض الصومال»، الواقع شمال غربي البلاد، «جزء لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية»، مستنكراً إبرام مذكرة التفاهم «غير القانونية» بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، وعدّ ذلك «انتهاكاً صارخاً لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية ومبادئ القانون الدولي وعلاقات حُسن الجوار والاستقرار في المنطقة».

ووقّعت أرض الصومال «مذكرة تفاهم» في 1 يناير (كانون الثاني) تمنح بموجبها إثيوبيا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضيها لمدة 50 عاماً، عبر اتفاقية «إيجار». و«أرض الصومال» هي محمية بريطانية سابقة أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991، لكن لم يعترف بها المجتمع الدولي.

وقالت حكومة مقديشو، إنها «ستتصدى لهذه الاتفاقية بكل الوسائل القانونية». وندّدت بما وصفته بأنه «عدوان» و«انتهاك صارخ لسيادتها».

وخلال كلمته أمام الدورة غير العادية لمجلس الجامعة، التي عُقدت على المستوى الوزاري عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، لبحث تداعيات مذكرة التفاهم، قال بري إن «إثيوبيا أقدمت على خطوة تتنافى مع كل القوانين والأعراف والقواعد الدبلوماسية الراسخة... وهو الأمر الذي نرفضه جملة وتفصيلاً بكل ما أوتينا من قوة، لأنه لا يضر بمصالح الصومال الوطنية وسيادتها ووحدتها فحسب؛ وإنما يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب».

وأضاف: «ما أقدم عليه الجانب الإثيوبي، مخطط مدروس يفاقم الأوضاع في مضيق باب المندب، وينذر بعواقب وخيمة لدولنا، وهو ما يحتم علينا توحيد جهودنا لتفعيل آليات العمل العربي المشترك، واتخاذ خطوات جادة للتصدي للتدخلات في شؤون دولنا العربية، واحترام سيادة الدول والقوانين الدولية».

وقال: «الأطماع الإثيوبية الفجّة تستهدف الدول العربية المتشاطئة على البحر الأحمر في مسعى لخلق واقع ديموغرافي جديد في المنطقة عبر تنفيذ مخطط خطير للسيطرة على مداخل البحر الأحمر والأضرار بحركة التجارة والملاحة العالمية»، داعياً للخروج بـ«قرارات صارمة ضد المطامع الإثيوبية العدوانية ومن يقف وراءها».

وحذر من «فتح جبهة جديدة للصراع في الصومال»، مؤكداً أن الصومال «يتطلع للمزيد من الدعم العربي لموقفه الرافض لهذه الخطوة»، مجدداً التأكيد على أن «الصومال لن يقبل المساس بشبر واحد من أراضيه».

من جهته، ندّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالاتفاق بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، وقال في كلمته خلال الاجتماع، إنه «انقلاب صارخ على الثوابت العربية والأفريقية والدولية المستقرة، ومخالفة واضحة للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية النافذة».

وشدّد على رفض «أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم تخلّ أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية».

وزير الخارجية المصري سامح شكري يلقي كلمته (وزارة الخارجية المصرية)

بدوره، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى احترام سيادة ووحدة أراضي الصومال، محذراً من «السياسات الأحادية لإثيوبيا المخالفة لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار».

وأكد شكري «عمق وجدية الاهتمام العربي بالتطورات الأخيرة في دولة الصومال، والاستعداد لتوفير ما يلزم لها من دعم على المستويين الرسمي والشعبي»، مشيراً إلى «دفع بعض الأطراف المتربصة للسعي بسوء نية، لإبطاء مسيرة النجاحات التي حققتها القيادة السياسية الصومالية؛ حرصاً منها على استمرار استنزاف الصومال في دائرة التحديات الأمنية والاقتصادية».

وأشار وزير الخارجية إلى «سابق تحذير مصر من مغبة السياسات الأحادية لإثيوبيا المخالفة لقواعد القانون الدولي، وكذا لمبادئ حسن الجوار، التي تهدف للعمل على فرض سياسة الأمر الواقع دون الاكتراث بمصالح الحكومات والشعوب الأفريقية»، مضيفاً أن «التطور الأخير، بتوقيعها على اتفاق بشأن النفاذ إلى البحر الأحمر مع إقليم (صومالي لاند)، جاء ليثبت صحة وجهة النظر المصرية بشأن أثر تلك التحركات والسياسات على استقرار الإقليم وزيادة حدة التوتر في العلاقات بين دوله؛ حيث باتت إثيوبيا مصدراً لبث الاضطراب في محيطها الإقليمي».

ودعا وزير الخارجية المصري، الأطراف العربية والدولية «للاضطلاع بمسؤوليتها في التعبير عن احترامها لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، لاتساق ذلك مع المبادئ الرئيسية بميثاق الأمم المتحدة».

وتسعى إثيوبيا «الحبيسة»، لتأمين منفذ بحري حُرمت منه منذ 30 عاماً بعد استقلال إريتريا عنها عام 1993.

ومن المقرر أن تعقد هيئة التنمية الحكومية لشرق أفريقيا (إيغاد) اجتماعاً استثنائياً، الخميس، في أوغندا لبحث التوترات بين إثيوبيا والصومال.

ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وتركيا إلى احترام سيادة الصومال.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.