كثفت سلطات الأمن والسلطات القضائية التونسية مؤخرا حملات أمنية لمكافحة العنف والإرهاب وتجارة المخدرات والهجرة غير النظامية والفساد.
وجاءت هذه الحملة في أعقاب سلسلة من الاجتماعات التي عقدت في قصر الرئاسة في قرطاج بإشراف الرئيس قيس سعيد وحضور وزيري الداخلية كمال الفقي والعدل ليلى جفال والمديرين العامين للأمن الوطني والحرس الوطني.
كما تتزامن هذه التطورات مع جلسة عمل عقدها مؤخرا وزير الداخلية التونسي مع سفير أميركا في تونس، جوي هود، حول «التنسيق الأمني بين تونس والولايات المتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية».
وقد أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية فاكر بوزغاية، أمس، أن قوات الأمن الوطني من اختصاصات مختلفة نجحت بالتعاون مع مصالح وزارة العدل في إيقاف عشرات المتهمين في جرائم خطيرة مختلفة، وعدد من أبرز المتورطين في قضايا المخدرات، بينهم طبيب ومحامية، ومهربين من المحافظات الغربية للبلاد غير بعيد عن الحدود التونسية الجزائرية.
وأوضح الناطق باسم وزارة الداخلية أن آلاف الشباب وطلاب المدارس والجامعات وشباب المدن والقرى أصبحوا عرضة لكمائن مروجي المخدرات. لكن قوات الأمن نجحت مؤخرا في حجز آلاف الحبوب والحقن والمواد المخدرة الموردة.
تسليم المجرمين
من جهة أخرى أعلنت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال، أمس، أمام البرلمان أن نحو 199 جزائريا محبوسون حاليا في السجون التونسية في قضايا إرهاب ومخدرات وتهريب وهجرة غير نظامية. ونفت الوزيرة، التي ترأس النيابة العمومية ومؤسسة حراس السجون، ما روجته مواقع إعلامية عربية ودولية عن وجود 800 سجين جزائري في سجون تونس، لكنها أكدت على خطورة استفحال عدد التونسيين والجزائريين المتهمين بالضلوع في الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية.
وفي سياق محاولات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود صادق البرلمان التونسي الثلاثاء، على اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الجزائرية، بحضور وزيرة العدل ليلى جفال.
وأوضحت السلطات التونسية ونواب في البرلمان أن على رأس أولويات البلدين حاليا «التصدي للعنف والجريمة المنظمة وتعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي الأمني بين تونس والجزائر أمام التحديات المشتركة، وفي مقدمتها التحديات الأمنية التي تتطلب مزيدا من تنسيق الجهود للتصدي للإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة على الحدود بين البلدين، وتسليم المطلوبين للعدالة».
الفرار عبر الحدود
وتتزامن المصادقة على هذه الاتفاقية الأمنية القضائية بين تونس والجزائر مع تزايد عدد الفارين من العدالة والبحث عنهم عبر الحدود البرية في الاتجاهين.
وتعدّ ظاهرة فرار المجرمين والإرهابيين بين تونس والجزائر ظاهرة قديمة، لذلك قررت سلطات البلدين محاصرتها تفاعلا مع مقررات سابقة لمؤتمرات وزراء الداخلية والعدل العرب.
وأورد البرلماني القومي بدر الدين القمودي أن بعض المصادر تقدر أن عدد «المفقودين الجزائريين» في تونس «مرتفع جدا». وأضاف أن عددا كبيرا منهم «وقع الزج بهم في السجون التونسية ما بين سنة 2008 إلى سنة 2022 دون علم عائلاتهم بمصيرهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم» وفق تعبيره.
كما سأل عدد من البرلمانيين وزيرة العدل عن ملف الموقوفين في «قضية التآمر على أمن الدولة». وطالب آخرون وزارة العدل «بالخروج عن صمتها»، وتقديم المزيد من الإيضاحات حول تقدم الأبحاث بالنسبة لعشرات الموقوفين والمتهمين بالإرهاب والتآمر والفساد.
واستعرض عدد من النواب في تدخلاتهم وأسئلتهم الموجهة إلى وزيرة العدل أوضاع المحاكم في جهات البلاد التي وصفوها «بالكارثية» فيما يتعلق ببنيتها التحتية وافتقارها للعدد الكافي من القضاة والموارد البشرية وتجهيزات العمل ومحدودية الإمكانات المتوفرة بها في حين يتم تسجيل آلاف القضايا، التي تطول فترات البت فيها، كما أثاروا مسألة النقص المسجل في عدد القضاة بالقطب القضائي والمالي رغم الحجم الكبير للقضايا المحالة عليه.
إيقافات جديدة
في سياق متصل كشفت مصادر أمنية تونسية عن إلقاء القبض على أربعة عناصر من أجل «الانتماء إلى تنظيم إرهابي». وذكرت نفس المصادر الأمنية أن عناصرها أوقفت الإرهابيين بثلاث محافظات تونسية، مشيرةً إلى أنه سبق أن صدرت بحقهم أحكام بالسجن.
وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت في وقت سابق أمس إلقاء القبض على ستة إرهابيين آخرين بتهم تتعلق بالإرهاب.