الرئيس الجزائري ينتقد «تصرفات عدائية لبلد عربي شقيق»

ترأس اجتماعاً أمنياً جمع أبرز المسؤولين العسكريين والمدنيين

صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للأمن (الرئاسة الجزائرية)
صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للأمن (الرئاسة الجزائرية)
TT

الرئيس الجزائري ينتقد «تصرفات عدائية لبلد عربي شقيق»

صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للأمن (الرئاسة الجزائرية)
صورة أرشيفية لاجتماع المجلس الأعلى للأمن (الرئاسة الجزائرية)

احتجّت السلطات الجزائرية، مساء أمس (الأربعاء)، على «تصرفات عدائية مسجلة ضدها من طرف بلد عربي شقيق»، من دون تسمية البلد.

وذكر بيان لرئاسة الجمهورية، نشرته بحسابها بالإعلام الاجتماعي، أن الرئيس عبد المجيد تبون عقد بصفته وزير الدفاع، القائد الأعلى للقوات المسلحة، اجتماعاً لـ«المجلس الأعلى للأمن» في اليوم نفسه، خصصه لـ«دراسة الوضع العام في البلاد، والحالة الأمنية المرتبطة بدول الجوار والساحل»، ومن بينها مالي، مشيراً إلى أن «المجلس الأعلى للأمن أبدى بهذا الصدد أسفه للتصرفات العدائية المسجلة ضد الجزائر، من طرف بلد عربي شقيق». غير أن البيان لم يذكر طبيعة هذه «التصرفات العدائية»، ولا مَن صدرت عنه أو متى وقعت.

و «المجلس الأعلى للأمن»، هيئة استشارية تلتئم في الحالات عندما تُقدّر سلطات البلاد أن هناك حالات مستعجلة تستدعي ذلك، وتفرض اتخاذ قرارات لمواجهتها. وتضم الهيئة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش، ومدير المخابرات، وبعض الوزراء مثل الداخلية والعدل.

وكانت العلاقة بين الجزائر ومالي قد شهدت توتراً في الأسابيع الأخيرة، على أثر استدعاء السلطات العسكرية في باماكو سفير الجزائر فيها؛ احتجاجاً على «أفعال غير ودّية» من جانب بلاده، و«تدخّلها في الشؤون الداخلية» لمالي. وأخذت باماكو على الجزائر عقدها اجتماعات مع المعارضة، واستقبالها الشيخ محمود ديكو، رجل الدين المعروف بتصريحاته النارية ضد السلطة العسكرية الحاكمة. وفي اليوم التالي استدعت الخارجية الجزائرية سفير مالي، و«ذكّرته بقوة بأن جميع المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي كانت مبنية بصفة دائمة على مبادئ أساسية، لم تحد ولن تحيد عنها بلادنا».

وتأخذ الجزائر على الحاكم العسكري في مالي، العقيد عاصيمي غويتا، شنه حملة على معاقل المعارضة في الشمال، واستيلاءه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على أهم مدنه، مستعيناً في ذلك بميليشيا «فاغنر» الموالية لروسيا. وعدّت الجزائر هذا التصرف «ضرباً لجهود السلام وللوساطة»، التي تقودها بين طرفي الصراع، والتي تتم في إطار «اتفاق السلم والمصالحة» الموقّع بالجزائر عام 2015. كما تعدّ الجزائر أن رفض طرفَي الصراع التقيد ببنود الاتفاق يفتح الباب لعودة نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة إلى المنطقة.

كما أشار بيان «المجلس الأعلى للأمن»، ضمناً، إلى الوضع المضطرب في النيجر، منذ الإطاحة بالرئيس محمد بازوم في انقلاب عسكري في 26 يوليو (تموز) 2023.

وعرضت الجزائر على الانقلابيين في نيامي، ودول «المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا»، خطة لإعادة الاستقرار إلى البلاد، تقوم على إطلاق «فترة انتقالية» تستمر 6 أشهر، تحت قيادة شخصية مدنية تكون محل توافق من طرفَي الصراع، وتتولى تحضير الظروف المناسبة لانتخابات عامة في البلاد. لكن حسومي مسعودو، وزير الخارجية في حكومة الرئيس المخلوع، أعلن في مقابلة مع إذاعة «فرنسا الدولية» أن فكرة «المرحلة الانتقالية» مرفوضة، وأن مجموعة دول غرب أفريقيا «لاتستسيغها هي أيضاً». كما تعاملت السلطة العسكرية، التي جاءت عن طريق التغيير غير الدستوري الذي وقع، ببرودة مع المبادرة الجزائرية.


مقالات ذات صلة

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

العالم العربي وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الثلاثاء، إن «اتفاق الشراكة» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «ينبغي أن يتجاوز منطق الربح الفوري».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)

صراع قانوني بين الجزائر وفرنسا لترحيل ناشط انفصالي

أكسيل بلعباسي يعيش في فرنسا منذ عام 2012، ولم يعد إلى بلاده منذ عام 2019، وتتهمه الجزائر بـ«رعاية أعمال إرهابية» وتطلب من فرنسا تسليمه.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ تعبيراً عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«إسلاميو» الجزائر يخسرون «معركة» التحقيق البرلماني في نتائج «الرئاسية»

سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة لإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة (البرلمان الجزائري)
سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة لإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة (البرلمان الجزائري)
TT

«إسلاميو» الجزائر يخسرون «معركة» التحقيق البرلماني في نتائج «الرئاسية»

سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة لإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة (البرلمان الجزائري)
سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة لإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة (البرلمان الجزائري)

سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة أودعت بمكتبه في 22 سبتمبر الماضي، تتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة التي جرت في السابع من الشهر نفسه، بعد أن كشف الرئيس عبد المجيد تبون، الفائز بولاية ثانية، عن «تحريات دقيقة» بخصوص الظروف التي جرى فيها الاستحقاق والأرقام التي تخصه.

وكان الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، قد أودع عن طريق نوابه طلباً بمكتب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، يخص إطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» تعبيراً عن رفضه للنتيجة التي حصل عليها مرشحه ورئيسه عبد العالي حساني، في الانتخابات وهي 9 في المائة، بعيداً جداً عن تبون الفائز بـ84 في المائة من الأصوات، فيما كان نصيب مرشح «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض، يوسف أوشيش، 6 في المائة من الأصوات.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني الخاسر في الانتخابات (إعلام حزبي)

وبينما كانت قيادة «حمس» تترقب موافقة مكتب البرلمان على طلبها، الذي يتيحه الدستور، أعلن الرئيس تبون، السبت الماضي، خلال مقابلة بثها التلفزيون العمومي، عن وجود «تحريات دقيقة لتحديد ما جرى في الانتخابات»، مؤكداً أن ذلك «تم بناء على رغبة المرشحين الثلاثة»، وأبرز تبون بأن «التحريات جارية حالياً داخل السلطة المستقلة للانتخابات، وستنشر نتائجها قريباً؛ لأنها تهم الرأي العام».

وانتقد تبون، ضمناً، رئيس هيئة الانتخابات محمد شرفي، بقوله: «في بعض الأحيان، هناك أشخاص لا يكونون في مستوى مؤسسات دستورية، مثل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي هي ركيزة دستورية تعزز شفافية الانتخابات»، مشيراً إلى الانتخابات التشريعية والبلدية المقررة عام 2026، عادّاً أنها «ستكون معقَّدة جداً، وستشهد ترشح الآلاف، فإذا لم تكن الآلة في المستوى المطلوب دستورياً، فسيكون لزاماً علينا مراجعتها».

ووفق دستور البلاد، «لا يمكن إنشاء لجنة تحقيق بخصوص وقائع تكون محل إجراء قضائي»، وكلام تبون يوحي بأن أحد الأجهزة الأمنية الثلاثة، الشرطة أو الدرك أو الأمن الداخلي، بدأ بالتحقيق في تزوير محتمل للانتخابات، وكل واحدة منها لا يمكن أن تتحرك قانوناً إلا بطلب من النيابة التي هي جهة قضائية.

محمد شرفي رئيس سلطة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

وتم توجيه تهمة «التزوير»، سياسياً، إلى محمد شرفي، رئيس «سلطة الانتخابات»؛ لأن النتائج المؤقتة التي أعلنها كانت مختلفة تماماً عن النتائج التي أصدرتها «المحكمة الدستورية». وأكثر ما يؤخذ عليه أنه تحدث عن «معدل نسبة التصويت» لحساب نسبة المشاركة في الاقتراع؛ إذ تم تقسيم نسبة التصويت في كل ولاية على عدد الولايات الـ58. وأحدث هذا التصرف التباساً كبيراً في البلاد، وعكس حرجاً لدى الجهات المنظمة للانتخاب، بسبب الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع، بخلاف ما كانت تتوقعه السلطات العمومية.

يوسف أوشيش (يمين) المرشح الاشتراكي الخاسر في الانتخابات (إعلام حزبي)

ولم يصدر عن شرفي رد فعل على التهم التي تلاحقه، فيما يسود اعتقاد قوي بأنه لن يستمر على رأس «السلطة»، وقد يتعرض لمتابعة قضائية مع طاقمه الذي أشرف على تسيير العملية الانتخابية.

وأفاد أحمد صادوق، رئيس الكتلة البرلمانية لـ«مجتمع السلم» في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن حزبه «يطالب بأخذ الأمر (التحقيق) بجدية حتى لا تطمس ربما أدلة التزوير بشكل يجعل المعنيين المباشرين يفلتون مما يتطلبه القانون، ويقتضيه واجب التحقيق». وقال إن الأرقام التي أعلن عنها «ضربت مصداقية الانتخاب، بسبب ما طالها من اضطراب وتضارب».

الرئيس عبد المجيد تبون الفائز في استحقاق السابع من سبتمبر الماضي (حملة المترشح)

وكانت «حمس» قد أكدت أن إحصائيات الانتخابات «عبث بها العابثون، في استهداف واضح للوطن من خلال العملية الانتخابية، وارتكاب معلل لجرائم انتخابية موصوفة في قانون الانتخابات»، مؤكدة أن «الإجرام الذي استشرى من المستوى المحلي إلى المركزي استهدف استقرار البلاد أمام العالم، وتشويه العملية السياسية والانتخابية المتعلقة بأعلى منصب في الدولة، بغية تأزيم الأوضاع الداخلية، والسير بالبلاد نحو المجهول، دون أدنى تقدير للعواقب والمآلات».