موريتانيون يحلمون بتوديع الفقر بعد بدء بلادهم تصدير الغاز

وسط آمال بتحسن مستوى المعيشة وتوفير العمل وتعزيز الخدمات

تفاؤل الموريتانيين بعد إعلان السلطات بدء تصدير الغاز الطبيعي للخارج (أ.ف.ب)
تفاؤل الموريتانيين بعد إعلان السلطات بدء تصدير الغاز الطبيعي للخارج (أ.ف.ب)
TT

موريتانيون يحلمون بتوديع الفقر بعد بدء بلادهم تصدير الغاز

تفاؤل الموريتانيين بعد إعلان السلطات بدء تصدير الغاز الطبيعي للخارج (أ.ف.ب)
تفاؤل الموريتانيين بعد إعلان السلطات بدء تصدير الغاز الطبيعي للخارج (أ.ف.ب)

يترقب الموريتانيون تصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي من حقل «السلحفاة أحميم» المشترك مع السنغال خلال النصف الأول من العام الحالي، ليفتح الباب أمام دخول بلادهم نادي الدول المصدرة للطاقة. ومع اقتراب موعد إتمام عملية تصدير هذه الشحنة بدأ جل الموريتانيين يعلقون آمالا كبيرة على تصدير بلادهم للغاز، ويتساءلون حول ما إذا كان نجاح موريتانيا في تصدير الغاز سيخرج البلاد من براثن الفقر، وينقلها إلى مصاف الدول الغنية.

أحد حقول النفط في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال وزير البترول والطاقة والمعادن الموريتاني، الناني ولد أشروقة، في وقت سابق إن «موريتانيا ستنتج في منتصف العام الحالي أول شحنة غاز للتصدير من حقل أحميم الكبير»، مضيفا أن الغاز المنتظر «يشكل فرصة كبيرة لموريتانيا وستكون له انعكاسات على الاقتصاد». وتملك موريتانيا احتياطات من الغاز تزيد على 100 تريليون قدم مكعبة؛ وفقا لتصريحات سابقة من وزارة البترول والطاقة والمعادن. ويستحوذ حقل بير الله على النصيب الأكبر منها بحوالي 80 تريليون قدم مكعبة، فيما تقدر احتياطات حقل السلحفاة أحميم الكبيرة بحوالي 15 تريليون قدم مكعبة، وهو الحقل الذي ستصدر منه أول شحنة في النصف الأول من العام الحالي.

وقالت شركة «بريتيش بتروليوم» (بي.بي)، المشغلة لحقل السلحفاة أحميم الكبير، إن الإمكانات الإنتاجية للحقل تصل إلى 30 عاماً. بينما قالت شركة «كوزموس إنيرجي» للتنقيب عن النفط والغاز إنها حققت أحد أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في المياه قبالة ساحل موريتانيا، مع إمكانية استخراج 50 تريليون قدم مكعبة من الغاز من البئر «أوكرا - 1».

يأمل الشباب الموريتاني أن يتم استغلال عائدات تصدير الغاز لخلق مناصب شغل (أ.ف.ب)

هذه الاحتياطات الهائلة جعلت موريتانيا محط أنظار الدول الأوروبية والشركات العالمية، في ظل الحاجة إلى إمدادات الغاز في أوروبا بسبب التخلي عن الغاز الروسي في أعقاب الحرب، التي شنتها موسكو على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. وقال الخبير الاقتصادي عبد الله المختار إن دخول موريتانيا نادي منتجي الغاز سيسهم في تنوع مصادر الطاقة للدول، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، وهو ما سيقلل فرص حدوث تقلبات في الأسواق العالمية. وأبلغ المختار «وكالة أنباء العالم العربي» (AWP) أن الغاز سيتيح لموريتانيا تعزيز مكانتها في سوق الطاقة العالمية، والتأثير في توجيهات وسياسات الطاقة على المستوى الدولي. وتابع قائلا: «الغاز الموريتاني يجذب الدول والشركات التي تسعى لتنويع مصادر الطاقة والاعتماد على موارد أكثر استدامة، وهو ما يجعل من موريتانيا شريكاً استراتيجياً مهماً في توفير الطاقة النظيفة للأسواق العالمية». وتتوقع موريتانيا أن يدر حقل السلحفاة أحميم الكبير دخلا بقيمة 100 مليون دولار سنويا في المرحلة الأولى من الإنتاج، ليصل إلى مليار دولار بعد المرحلتين الثانية والثالثة. من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي ألبو ولد محمد أن عائدات الغاز من الممكن استخدامها في تمويل كثير من المشاريع والبرامج الحكومية، بما في ذلك المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، والخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية وتحسين معيشة المواطنين. وقال ولد محمد إن «التأثير المباشر للعائدات على الفرد يتطلب تخصيص وتوجيه الأموال بطريقة فعالة لتحسين البنية التحتية، وزيادة فرص العمل وتحسين الخدمات الاجتماعية... وإذا تم استثمار الإيرادات بشكل صحيح، فيمكن أن يساهم ذلك في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز الفرص الاقتصادية والاجتماعية لهم».

يطمح الموريتانيون أن تحسن عائدات التصدير البنيات التحتية المهترئة (الشرق الأوسط)

لكن الإيرادات المتوقعة من تصدير الغاز تطرح سؤالاً أساسياً وهو كيفية استثمار تلك العائدات بشكل فعال للارتقاء بالحياة الاجتماعية والاقتصادية للموريتانيين؛ وفقاً للخبير الاقتصادي المختار، الذي يرى أن هذه الإيرادات يجب توجيهها لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز البنية التحتية، وتوفير فرص عمل وتعزيز الخدمات الاجتماعية. وأعلنت الحكومة الموريتانية العام الماضي أن الإيرادات المتوقعة من تصدير الغاز ستضخ في صندوق عائدات المحروقات، الذي أطلق عام 2008، مشيرة إلى أنها ستوجه هذه العائدات لتمويل عجز الميزانية، واستثمار ما تبقى منها في السوق الدولية. ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع مساهمة عائدات المحروقات في الناتج المحلي الإجمالي لموريتانيا من 0.5 في المائة إلى ثلاثة في المائة، مع بدء الإنتاج في حقل السلحفاة أحميم الكبير، بينما ترتفع مساهمة هذه العائدات في إجمالي الإيرادات الحكومية من ستة في المائة إلى 16 في المائة.


مقالات ذات صلة

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أفريقيا انزلاق للتربة عقب هطول أمطار غزيرة بجنوب إثيوبيا في 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

انزلاق التربة في جنوب إثيوبيا يتسبب في مقتل نحو 229 شخصاً

لقي قرابة 150 شخصاً حتفهم جراء انزلاق للتربة عقب هطول أمطار غزيرة في جنوب إثيوبيا، وفق ما أفادت به السلطات المحلية، الثلاثاء، محذّرة من أن العدد مرشح للارتفاع.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا المرشح الرئاسي المعارض لطفي المرايحي (موقع حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري)

السجن لمرشح رئاسي ومنعه من الترشح مدى الحياة في تونس

أصدرت محكمة تونسية، اليوم الجمعة، حكماً بسجن المرشح الرئاسي المعارض، لطفي المرايحي، 8 أشهر ومنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح المعارض بيرام الداه ولد أعبيد (الشرق الأوسط)

مرشح معارض يرفض نتائج انتخابات موريتانيا

دعا المرشح الرئاسي المعارض في موريتانيا، بيرام ولد الداه ولد أعبيد، اليوم الخميس، سلطات البلاد إلى الحوار لنزع فتيل الأزمة السياسية.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
TT

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)

شهدت مصر واقعة جديدة لقفز فتاة من سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي أثناء سيرها، لتعيد إلى الأذهان وقائع سابقة في هذا الصدد، وضعت شركات النقل الذكي في مصر أمام مسؤوليات بسبب اشتراطات السلامة والأمان.

وكشفت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن ملابسات الواقعة التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حول سقوط فتاة من سيارة خاصة بأحد تطبيقات النقل الذكي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) وتعرضها لإصابات.

وذكرت الوزارة في بيان على صفحتها بموقع «فيسبوك»، أن فحص الواقعة المتداولة أفاد بأنه في تاريخ 26 يوليو (تموز) الحالي، أبلغت إحدى الفتيات التي تحمل جنسية دولة أفريقية بأنها حال استقلالها سيارة «تابعة لإحدى تطبيقات النقل الذكي» لتقلها من منطقة المهندسين إلى محل إقامتها بمنطقة بولاق الدكرور، حاول قائد السيارة التحرش بها، فألقت بنفسها من السيارة أثناء سيرها، مما أدى لإصابتها بسحجات وكدمات متفرقة بالجسم، وذكر البيان أن قائد السيارة فر هارباً.

وأضافت الوزارة أنه بعد تقنين الإجراءات، تمكنت الجهات المعنية من تحديد وضبط مرتكب الواقعة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، مع الإشارة إلى أنه حين ضبطه كان مصاباً (إثر تعديها عليه عقب محاولته التحرش بها)، وفق الوزارة.

وشهدت تطبيقات النقل الذكي أكثر من واقعة أدت لتحركات برلمانية تطالب بتقنين أوضاعها والتأكد من وسائل السلامة والأمان بها، بالإضافة إلى «دعوات سوشيالية» لمقاطعة هذه التطبيقات بعد تكرار الحوادث.

وكان القضاء المصري قد أصدر حكماً بالسجن 15 عاماً، على سائق يعمل لدى إحدى شركات النقل الذكي، وإلغاء رخصة القيادة الخاصة به، بعد إدانته بالشروع في خطف الفتاة حبيبة الشماع، في قضية اشتهرت باسم «فتاة الشروق»، وكانت قد قفزت من سيارة النقل الذكي في فبراير (شباط) الماضي، وذكرت لأحد المارة أن السائق كان يحاول اختطافها، وسقطت في غيبوبة لأيام إثر الحادث وتوفيت في مارس (آذار) الماضي.

كما وقع حادث آخر للفتاة نبيلة عوض التي صدر حكم قبل أيام لصالحها في قضية مشابهة ضد سائق لأحد تطبيقات النقل الذكي بالسجن المشدد 15 عاماً، بعد أن تعرضت لمحاولة خطف واغتصاب، مما أدى إلى إصابتها بجروح.

وتناول مجلس النواب المصري هذه القضية بعد أكثر من طلب إحاطة من أعضائه، وعقدت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمجلس جلسة استماع في مايو (أيار) الماضي، لمسؤولين حكوميين وآخرين من ممثلي تطبيقات النقل الذكي.

وقال النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن هذه الجلسة قد خرجت بـ4 توصيات من شأنها ضمان عنصر الأمان لمستخدمي هذه التطبيقات، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه التوصيات تمثلت في «التأكيد على أن الشركات العاملة في مجال النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات هي شركات خدمات نقل وليست شركات عاملة في مجال التطبيقات الرقمية؛ وبالتالي فهي تعد ناقلاً، ومعنية بضمان سلامة الركاب، وهو التزام وجوبي لا تجوز مخالفته أو التحلل منه».

وأشار إلى أن «التوصية الثانية تلزم وزارة النقل بسرعة إنفاذ جميع أحكام قانون تنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الصادر بالقانون رقم (87) لسنة 2018».

وتؤكد التوصية الثالثة «إلزام الحكومة بتعزيز سبل سلامة الركاب من خلال استحداث وسائل حماية إضافية، وبصفة خاصة مراقبة عملية النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات عبر الكاميرات والتسجيل الصوتي».

أما التوصية الرابعة بحسب رئيس لجنة الاتصالات بالنواب، فتشدد على «قيام جميع الشركات الراغبة في العمل بالمجال بتوفير مركز لخدمة العملاء لاستقبال الشكاوى وتسجيلها بشكل منتظم على أن تكون قاعدة بيانات الشكاوى مرتبطة إلكترونياً عند طلبها بأي وسيلة من الوسائل بوزارة النقل، وتقوم الوزارة بمتابعة التنفيذ».

وكان مسؤول بإحدى شركات النقل الذكي قال إنهم قد اتخذوا عدداً من الإجراءات عقب الحادثة الأولى لفتاة الشروق حبيبة الشماع، أولها استحداث زر استغاثة عاجلة (sos) على جميع تطبيقات النقل التشاركي، بالإضافة إلى إلزام السائقين بتقديم السجل الجنائي (فيش وتشبيه) بشكل سنوي، بالإضافة إلى فصل الراكب عن السائقين بألواح زجاجية داخل المركبات.

بينما ذكر رئيس جهاز النقل الذكي، سيد متولي، خلال جلسة الاستماع، أنه «ليس هناك ترخيص لشركات النقل الذكي، وأن هناك لجنة من الجهاز المركزي لتنظيم الاتصالات والنقل لتقنين أوضاع الشركات».