السودان: «فاقدو السند» يواجهون المجهول في ود مدني

مساعٍ لإنقاذ عشرات الصغار والشيوخ تجابه عقبة «الممرات الآمنة»

دار الطفل اليتيم (المايقوما) بالخرطوم كانت مقراً سابقاً لفاقدي السند قبل نقل إلى ود مدني (أرشيفية - أ.ب)
دار الطفل اليتيم (المايقوما) بالخرطوم كانت مقراً سابقاً لفاقدي السند قبل نقل إلى ود مدني (أرشيفية - أ.ب)
TT

السودان: «فاقدو السند» يواجهون المجهول في ود مدني

دار الطفل اليتيم (المايقوما) بالخرطوم كانت مقراً سابقاً لفاقدي السند قبل نقل إلى ود مدني (أرشيفية - أ.ب)
دار الطفل اليتيم (المايقوما) بالخرطوم كانت مقراً سابقاً لفاقدي السند قبل نقل إلى ود مدني (أرشيفية - أ.ب)

عندما اشتعلت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منتصف أبريل (نيسان) الماضي، كان هناك نحو 257 طفلاً تتراوح أعمارهم بين يوم و6 سنوات، في دار رعاية الأطفال فاقدي السند المعروفة بدار «المايقوما» في الخرطوم، ومع اشتداد القتال حول الدار وسقوط عشرات الضحايا بين الصغار جراء الجوع تولى نشطاء ومنظمات مجتمع مدني مسؤولية نقلهم إلى مدينة ود مدني (حاضرة ولاية الجزيرة) في مايو (أيار) الماضي.

غير أنه وبعد 8 أشهر من المأساة التي فروا منها في الخرطوم، وجد هؤلاء الصغار أنفسهم في قلب أزمة جديدة، بعد انتقال المعارك إلى ود مدني واستيلاء «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة ما أسفر عن فرار مئات الآلاف بينما بقي الأطفال وحدهم، ولم تفلح جهود قادتها دوائر رسمية، بما فيها وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، في ترحيلهم إلى ملاذ آمن في العاصمة الإدارية ببورتسودان أو غيرها.

ووجهت «اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان» نداءً عاجلاً، الأسبوع الماضي، دعت من خلاله إلى «إنقاذ الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية، من الذين تم ترحيلهم من الخرطوم إلى ود مدني، والذين يعيشون في مرمى النيران». ويبلغ عددهم «251 طفلاً، برفقة 91 من الأمهات البديلات العاملات في الدار، وجميعهم في وضع خطير، ويحتاجون إلى مساعدة فورية».

وعلى الرغم من تأكيد مصادر في ود مدني لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات الدعم السريع قدمت لهم (الأطفال فاقدو السند) مساعدات»، فإن المخاوف تتجدد في المدينة في ظل تواصل سماع دوي أصوات الرصاص العشوائي بين فينة وأخرى، بينما يُخشى من القصف أو سقوط الدانات ما يشكل خطراً إضافياً على الأطفال.

وسألت «الشرق الأوسط»، وزير التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، صديق فريني، بشأن تطورات أوضاعهم، فقال إنها «مستقرة حتى الآن، ولم يتعرضوا لمكروه بعد؛ لكن المثير للخوف، أن الدار التي تؤوي هؤلاء الأطفال تقع جنوب غربي مستشفى ود مدني، وقرب برج الجزيرة وهو موقع تحتدم حوله المعارك بين الجيش و(الدعم السريع)».

وأكد الوزير فريني أنه أجرى اتصالات مع إدارة «الصليب الأحمر» في جنيف لترتيب نقل الأطفال إلى ولاية البحر الأحمر «لكنهم اعتذروا لعدم وجود ممرات آمنة».

وزير التنمية الاجتماعية السوداني صديق فريني (الشرق الأوسط)

وتابع: «رتبنا لخروجهم من ود مدني، ورغم ذلك فنحن منفتحون على أي خيارات بديلة».

وظلت دار الأطفال فاقدي السند، منذ نقلها من الخرطوم إلى ود مدني، «تستقبل طفلين إلى 4 أطفال مجهولي الأبوين بشكل يومي»، بحسب تصريحات الوزير السوداني الذي قال إنه «معدل دخول كبير يمثل مصدر قلق بالنسبة لنا، إلى جانب أن هناك 105 أطفال تم تبنيهم».

ليس الأطفال وحدهم مَن يواجهون خطر الموت من تبادل الرصاص وتواصل القصف، فكبار السن أيضاً يكابدون الأزمة نفسها، ويقدر عددهم بـ«94 شيخاً وشيخة في إحدى دور الرعاية في مدينة (الحصاحيصا)» التي تبعد نحو 50 كيلومتراً شمال ود مدني، وبفعل الظروف القاسية يأملون نقلهم إلى ولاية كسلا بشرق البلاد، ووفقاً للوزير فريني فإن «نقل كبار السن سيتم بعد إتمام نقل الأطفال».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إنَّ حكومته أكَّدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد السبت، تمسكها بـ«منبر جدة» لحل الأزمة.

وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

خاص وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

 

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

 

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

 

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

 

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.