صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي وزوجته صفية خلال حفل زواج أحد أفراد العائلة (أ.ف.ب)
مُلطخ بالدماء يترنح، تتناوله الأيدي بالاعتداء، ويُجَرُّ من شعره بعد دقائق من العثور عليه في مخبأ داخل أنبوب إسمنتي بمدينة سرت، والحشود الملتفة تصيح من حوله في هيستيريا: «أمسكنا بالقذافي، قبضنا على المستبد الطاغية»... ذلك كان المشهد الأخير في حياة العقيد معمر القذافي الذي أمضى أربعة عقود ونيفاً في الحكم، وانتهى به الأمر جثة معروضة في غرفة تبريد بمتجر للخضراوات بمدينة مصراتة (غرب ليبيا)، في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، قبل أن توارى في قبر «سري» بعمق الصحراء. وقُتل القذافي ونجله المعتصم بالله في سرت، بعد وقوعهما في قبضة «ثوار مصراتة» الذين نقلوا جثتيهما إلى مدينتهم قبل أن يدفنوهما في مكان غير معلوم. ومنذ ذلك الحين وأنصار النظام السابق يطالبون بالكشف عن قبور القذافي ونجله ووزير دفاعه أبو بكر يونس، ويحركون دعاوى قضائية من أجل ذلك، لكن من دون نتيجة.
ودافع الحقوقي الليبي ناصر الهواري عن حق أسرة القذافي في معرفة مكان قبره، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» رداً على سؤال أنه لا يوجد رئيسٌ عربي قُتل وقبره مجهول: «هذا حدث في ليبيا فقط».
وسبق لصلاح بادي، قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود» في مصراتة، الذي يعد أحد المشاركين في دفن القذافي ونجله ووزير الدفاع، القول إنه «مستعد للكشف عن المكان الذي دفنت فيه جثث القذافي ومن معه، حال اتفاق مع الأعيان والمدن الليبية».
يرى سياسيون ليبيون أن زيارة وفد حكومة «الوحدة» إلى سوريا وإن كان عنوانها الترحيب ودعم الإدارة الجديدة بقيادة الشرع، فإنها تسلط الضوء على التباين السياسي.
سادت حالة من التوتر العسكري بجنوب ليبيا، إثر تقارير تتحدث عن سيطرة قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير حفتر على معسكر تابع للمجلس الرئاسي، وسط صمت من الجانبين.
نفى مسؤول عسكري ليبي ما يتردد بشأن «هروب» ضباط سوريين من حميميم إلى بنغازي، في وقت قال فيه مسؤول عسكري ليبي سابق أيضاً، إن بلده «لن تكون ملاذاً للفارين».
أحمد الشرع مستقبلاً وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة السبت الماضي (أ.ب)
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
مسؤول عسكري ليبي ينفي «هروب» 60 ضابطاً سورياً إلى بنغازي
أحمد الشرع مستقبلاً وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة السبت الماضي (أ.ب)
نفى مسؤول عسكري ليبي ما يتردد بشأن «هروب» ضباط سوريين من مطار حميميم إلى بنغازي (شرقي البلاد)، في وقت أكد فيه مسؤول عسكري ليبي سابق أيضاً أن بلاده «لن تكون أبداً ملاذاً للفارين من نظام الأسد».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أفاد بأن «60 ضابطاً سورياً، من أصحاب الرتب العالية ومن أفرع أمنية مختلفة، اتجهوا إلى شمال أفريقيا عبر رحلتي طيران»؛ مشيراً إلى أنه بإجراء «تحقيق بسيط شرق ليببا، يمكن إيجاد هؤلاء الضباط؛ فهم ليسوا مختبئين؛ بل يتحركون بحرية في ليبيا؛ ولا نعلم هل نُقلوا بعلم من القيادة الروسية أو بمساعدة بعض الضباط الروس؟».
غير أن اللواء فوزي المنصوري، مدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، وصف في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط» ما أورده المرصد بأنه «أخبار فيسبوكية غير صحيحة».
ورأى المنصوري أن الهدف من هذه الأنباء «خلط الأوراق، والعمل على زعزعة استقرار الدول».
ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، أفادت تقارير دولية عدَّة بانتقال عتاد روسي من دمشق إلى بنغازي؛ لكن هذه المرة تحدث مدير «المرصد السوري»، رامي عبد الرحمن، عن «هروب ضباط كبار إلى بنغازي».
وتوجهت «الشرق الأوسط» بالسؤال إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب، وجهات أمنية أخرى في شرق ليبيا، غير أنها لم تتلقَّ رداً؛ لكن المسؤول العسكري السابق استبعد استقبال بنغازي لهؤلاء الضباط، وقال -شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير معني بالحديث إلى وسائل الإعلام- إن كثيراً من التقارير التي تصدر في هذه الأجواء «غالباً ما يثبت عدم صحتها؛ مثلما أشاعوا أن ماهر الأسد غادر إلى بنغازي؛ لكن تبين فيما بعد أنه هرب إلى العراق، وفق المسؤولين عن مطار دمشق».
ويعتقد «المرصد السوري» أن هؤلاء الضباط «نُقلوا على دفعتين: الأولى وصلت في 8 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، والثانية في 13 من الشهر ذاته»، معتقداً أنهم نُقلوا في «طائرة مدنية قد تكون لـ(أجنحة الشام)، ومنهم من كان يعمل مع روسيا».
وتساءل عبد الرحمن: «لا نعلم ماذا سيعمل هؤلاء الضباط هناك، وهل سيعادون إلى الأراضي السورية لمحاكمتهم؟ لأن أبناء الطائفة العلوية في الواجهة ويتم تفتيش منازلهم، وعودة هؤلاء الضباط ستمنع الضغط عليهم».
بدوره، أبدى الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد امطيريد، استغرابه من الحديث عن «هروب» هؤلاء الضباط إلى بنغازي، وقال بهذا الخصوص: «هذا كلام غير منطقي وغير صحيح؛ خصوصاً لجهة الاختلافات الطائفية، كونهم علويين حسبما ذكر (المرصد السوري)، بالإضافة إلى أن ليبيا تعاني حالياً حالة تشظٍّ سياسي، والأوضاع فيها لا تسمح بضغوط إضافية... (اللي فيها يكفِّيها)».
ووصف امطيريد الذي يقيم في بنغازي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» تقرير «المرصد» بأنه «محاولة للتشويه؛ وما نعلمه هو أن كثيراً من القيادات السورية التابعة لنظام بشار ذهبت إلى العراق، ومنهم من انتقل إلى لبنان. والأولى أن يذهب هؤلاء الضباط إلى إيران، وليس لبنغازي؛ لأنها الأقرب إليهم جغرافياً، بالإضافة إلى التوجه العقائدي».
واستغرب امطيريد حديث «المرصد» عن أن «هؤلاء الضباط يتحركون بحُريَّة في ليبيا»، وقال موضحاً: «نحن نوجد في الشوارع؛ لكن لم نرهم كما يدعي البعض»، كما استغرب أن «المرصد»: «يتحدث في أشياء بعيدة عن المنطق، فسوريا ليست حليفة للقيادة العامة».
ومنذ إطلاق هذه التقارير الدولية التي تتحدث عن نقل سلاح روسي إلى بنغازي، تتجاهل السلطات في شرق ليبيا التعليق عليها. كما سبق أن دخل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة في طرابلس، على خط هذه التقارير، وقال موضحاً: «لن نقبل بأي قوات أجنبية في بلادنا؛ وقد خاطبت حكومتنا روسيا بشأن ما يجري تداوله عن سحبها أنظمة دفاع جوي متقدمة، وأسلحة متطورة أخرى من قواعدها في سوريا ونقلها إلى شرق ليبيا».