توقع موجات مهاجرين جديدة من النيجر إلى الجزائر وليبيا

بعد إلغاء المجلس العسكري في نيامي قانون تجريم الهجرة السرية

TT

توقع موجات مهاجرين جديدة من النيجر إلى الجزائر وليبيا

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (مهاجر نيوز)
قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (مهاجر نيوز)

حذّر تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية، من موجات هجرة جديدة انطلاقاً من النيجر، كنتيجة لإلغاء السلطة العسكرية الانقلابية قانون تجريم تهريب الأشخاص عبر الحدود، متوقعاً عبور أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين، إلى الجزائر وليبيا، انطلاقاً من مدينة أغاديز بوسط شمال النيجر.

وأفاد التقرير ذاته، بأن الطريق من شمال أفريقيا عبر وسط البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، «كان خلال 2023 أكثر طرق الهجرة ازدحاماً في أوروبا. والمهاجرون القادمون من شمال أفريقيا، أغلبهم من رعايا دول جنوب الصحراء»، مشيراً إلى أنه بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وصل أكثر من 152 ألف مهاجر بهذه الطريقة إلى إيطاليا مقابل 105 آلاف سنة 2022.

صورة لمهاجرين أفارقة اعتقلهم الجيش الجزائري (وزارة الدفاع الجزائرية)

وأعلنت حكومة النيجر التي جاءت بعد انقلاب 26 يوليو (تموز) 2023، تخليها عن القانون في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ما أثار مخاوف كبيرة لدى «منظمة الهجرة الدولية»، وبلدان الاتحاد الأوروبي التي تتوقع وصول عدد كبير من رعايا النيجر وبلدان أخرى من الساحل جنوب الصحراء، إلى أبوابها بجنوب المتوسط، مطلع 2024، وبخاصة إلى إسبانيا وإيطاليا.

والمعروف أن المهاجرين النيجريين، الذين يدخلون الجزائر بالآلاف سنوياً، يخططون في الغالب للسفر إلى إسبانيا بعد فترة من الإقامة بها تمهيداً لـ«شراء الطريق» إلى أوروبا. أما الذين يصلون إلى ليبيا، فوجهتهم تكون إيطاليا. وفي الحالتين، يسعى الكثير منهم لجمع المال من خلال العمل في ورش البناء وفي بيوت عائلات ميسورة الحال، وبعدها يستأنفون المغامرة. ولاحظ سكان العاصمة الجزائرية، ومدن البلاد الكبيرة، انتشار أعداد كبيرة من المهاجرين النيجريين في الشوارع في الأشهر الأخيرة، البعض منهم أطفال يمارسون التسوّل.

مهاجرون غير نظاميين من جنوب الصحراء بالساحل الإسباني (موقع «مهاجر نيوز»)

وتم في 2015 إطلاق قانون تجريم الهجرة في النيجر، بتمويل من «صندوق الاتحاد الأوروبي الائتماني للطوارئ من أجل أفريقيا» بقيمة 5 مليارات يورو. وأحدث إلغاؤه شرخاً في العلاقات الدبلوماسية، المضطربة أصلاً، بين النيجر والاتحاد الأوروبي الذي طالب بعودة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم. وبين عامي 2014 و2020، خُصص مبلغ يتجاوز مليار يورو من «الصندوق» إلى النيجر.

ونقل الموقع المتخصص «مهاجر نيوز»، بهذا الشأن، عن علياء فخري الباحثة بـ«المجلس الألماني للعلاقات الخارجية»، أن المجلس العسكري بالنيجر، «أكد من خلال إلغاء القانون على نهاية التعاون مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ما تعلق بمسائل الهجرة، وهو الأمر الذي كان حاسماً ضمن استراتيجية الاتحاد الأوروبي». وبحسب «مهاجر نيوز»، «كانت بروكسل تخشى من ارتفاع الهجرة غير القانونية إلى أوروبا، وقد أفادت بأن المواطنين النيجريين ابتهجوا بعد رفع التجريم عن عمل المهربين في البلد».

ووفق الباحثة فخري، كانت منطقة أغاديز، حتى عام 2015 معبراً مهماً للهجرة. فقد كانت المدينة، حسبها، تجمع المهاجرين والتجار والعمال الموسميين، الذين حافظوا على استمرارية الأعمال التجارية على طول الطرق المؤدية للمدينة، مبرزة أنه فور تطبيق قانون مكافحة تهريب المهاجرين، توقف المهربون والتجار والفلاحون عن عملهم فجأة. وتوقعت بأن «الخطوة التي اتخذتها الحكومة العسكرية في النيجر الآن، تؤدي إلى احتمال عودة الوضع الذي كان سائداً قبل عام 2015».

مهاجرون غير شرعيين من نيجيريا في انتظار ترحيلهم (أ.ف.ب)

وتقول وزارة الداخلية الجزائرية، في تقاريرها الدورية عن الهجرة السرية، إن المهاجرين الذين يدخلون الجزائر يتحدرون من 44 بلداً أفريقياً، مؤكدة «وجوداً لافتاً لمواطني النيجر بينهم، بحكم القرب الجغرافي». ووفق تقديرات الجزائر، تشكل الصراعات الداخلية في بلدان الساحل، سبباً رئيسياً في دخول مواطنيها إلى ترابها بأعداد كبيرة، مشيرة في رد لها على انتقادات تنظيمات حقوقية بشأن ظروف ترحيل المهاجرين النيجريين إلى بلدهم، إلى أنها «توفر كل الظروف الملائمة لهم أثناء تنفيذ حملات الترحيل، مع الحفاظ على كرامة المهاجرين، وذلك من خلال إنشاء مراكز إيواء وتقديم الإطعام وتوفير النقل، وتمكينهم من الرعاية الطبية والتلقيح وتوفير المستلزمات الضرورية والألبسة للأطفال».


مقالات ذات صلة

حاكم ولاية بافاريا الألمانية يدعو لتغيير جذري في سياسة الهجرة

أوروبا ماركوس زودر رئيس حكومة ولاية بافاريا وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري المحافظ يتحدث في تجمع انتخابي في 26 أغسطس 2024 بدريسدن شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

حاكم ولاية بافاريا الألمانية يدعو لتغيير جذري في سياسة الهجرة

دعا رئيس حكومة ولاية بافاريا وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، الحكومة الألمانية الاتحادية مجدداً إلى إجراء تغيير جذري في سياسة الهجرة.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شمال افريقيا صورة من الحدود المغربية مع سبتة - إسبانيا 20 مايو 2021 (رويترز)

مئات المهاجرين يسبحون من المغرب إلى جيب سبتة الإسباني

قالت الشرطة المحلية في جيب سبتة الإسباني، إن مئات المهاجرين استغلوا كثافة الضباب وسبحوا من المغرب إلى الجيب، الأحد، وفي وقت مبكر من صباح الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا إنزال مهاجرين بميناء في غرب ليبيا بعد إنقاذهم من الغرق (إدارة أمن السواحل)

ليبيا: نشاط متزايد لـ«تجار البشر» براً وبحراً رغم «التعهدات الحكومية»

حالت السلطات الليبية دون غرق عشرات من المهاجرين غير النظاميين في «المتوسط»، كما «حررت المئات» منهم من قبضة «عصابات وتجار بشر».

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي قوات خفر السواحل اليمنية في محيط باب المندب (أرشيفية - أ.ف.ب)

قتلى ومفقودون بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن

قالت المنظمة الدولية للهجرة، الأحد، إن 13 شخصاً لقوا حتفهم، وإن 14 لا يزالون مفقودين بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن يوم الثلاثاء الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا أفراد من خدمات الطوارئ يحملون كيسًا للجثث بعد غرق قارب شراعي قبالة ساحل بورتيسيلو بالقرب من مدينة باليرمو (رويترز)

​فقدان 7 وإنقاذ 15 بعد غرق قارب قبالة سواحل إيطاليا

ذكرت وسائل إعلام إيطالية أن قارباً يبلغ طوله 50 متراً وعلى متنه 22 شخصاً غرق صباح اليوم قبالة ساحل مدينة باليرمو مما تسبب في فقدان 7 أشخاص

«الشرق الأوسط» (روما)

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
TT

الجزائر: غياب الاستقطاب وعنصر التشويق عن حملة «الرئاسية»

عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)
عبد القادر بن قرينة (وسط) متزعم حملة مؤيدي الرئيس المترشح (إعلام الحملة)

تنتهي الثلاثاء حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) الجاري، في غياب الاستقطاب السياسي الحاد، الذي يتابعه الجزائريون عادةً في الانتخابات الفرنسية، التي تعد النموذج الأقرب إليهم بحكم القرب الجغرافي، زيادة على الاعتبارات التاريخية ذات الصلة بالاستعمار.

واجتهد الرئيس المنتهية ولايته، المرشح لدورة ثانية، عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني، والمرشح اليساري يوسف أوشيش في تجمعاتهم، لإقناع الناخبين بـ«أهمية التصويت بكثافة لمنح الرئيس، الذي سيفرزه الصندوق، الشرعية اللازمة التي تمكنَه من حل المشكلات الداخلية، ومواجهة التحديات في الجوار». في إشارة إلى الاضطرابات في مالي والنيجر وليبيا، التي يُجمع المرشحون على أنها «مصدر تهديد لأمننا القومي».

عبد المجيد تبون (حملة المرشح)

وفي بعض التجمعات واللقاءات المباشرة مع المواطنين في الشوارع، بدا اهتمام المرشحين منصبّاً أكثر على الانتخابات بوصفها فعلاً سياسياً أو «واجباً وحقاً» كما ورد في خطاباتهم، أكثر من إقناع الناخبين ببرامجهم وبتعهداتهم.

وساد الهدوء الأسبوعين الأولين من الحملة، التي استمرت 21 يوماً حسب القانون، كما كان متوقعاً، من دون أحداث بارزة. وفي اللقاءات المقررة للأسبوع الثالث التي يجرى أغلبها في العاصمة، لم تُعقد أي تجمعات جماهيرية كبيرة، باستثناء المهرجان الانتخابي الذي نظمه تبون في وهران، كبرى مدن غرب البلاد، يوم 25 من الشهر المنقضي، حيث جمع، حسب مديرية حملته الانتخابية، أكثر من 17 ألف شخص داخل قاعة للألعاب الرياضية، وحيث لوحظ حضور بعض المشاهير من بينهم بطلة أولمبياد باريس صاحبة الميدالية الذهبية في الملاكمة، إيمان خليف التي أثارت جدلاً أخذ بُعداً عالمياً بسبب حملة التنمر ضدها.

يوسف أوشيش مرشح «القوى الاشتراكية» في لقاء مع سكان حي بشرق البلاد (حملة المرشح)

وتجنب المرشحون تبادل الهجمات سواء كانت شخصية أو تتعلق بالبرامج، في التجمعات الميدانية أو في التدخلات الدعائية عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الانتخابات نكهة التشويق... واللافت، بهذا الخصوص، أن المرشحين أوشيش وحساني لم يوجّها أي انتقاد لحصيلة الولاية للرئيس تبون. أما الصحافة، فقد عدَّ معظمها أنها «كانت إيجابية»، ووفرت تغطية واسعة لعدد كبير من مؤيدي تبون، الأمر الذي استهجنه المرشح الإسلامي، عادّاً وسائل الإعلام «منحازة» إلى الرئيس المترشح، لكن من دون ذكره بالاسم.

وفي مناسبات عديدة، أبدى المرشحان المعارضان استياء من تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام الاجتماعي، عدَّت «اللعبة محسومة للرئيس تبون»، وأنهما «يشاركان في الاستحقاق لغرض الديكور الانتخابي، ولمرافقة تبون إلى الأمتار الأخيرة من السباق ليفوز في النهاية».

وهيمنت القضايا الاقتصادية والاجتماعية على الحملة، وبخاصة القدرة الشرائية والإسكان، والبطالة وإنعاش الاقتصاد وتطوير بعض القطاعات مثل الزراعة، وفك العزلة عن المناطق النائية.

وأضفى رئيس «حركة البناء الوطني» عبد القادر بن قرينة، وهو أشد مؤيدي تبون ولاءً، مسحةً من الهزل على الحملة الدعائية بتصريحات أثارت جدلاً، كقوله إن «التملق (للرئيس) شعبة من شعب الإيمان»، أو الحديث الذي جمعه بأحد المواطنين في الشارع، حينما قال له إن «راتب 30 ألف دينار الذي تتقاضاه في بلدك، أفضل من 5 آلاف يورو التي يأخذها جزائري يعيش في سويسرا».

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني مع أنصار حزبه جنوب غربي البلاد (حملة المرشح)

كما تم التركيز في الحملة على بعض القضايا الساخنة على الصعيد الدولي، مثل الوضع في غزة وفلسطين، فضلاً عن القضية الصحراوية التي أوجدت خلافاً شديداً مع المغرب، والتصريحات المتعلقة بفلسطين التي أدلى بها الرئيس المنتهية ولايته في قسنطينة (شرق)، وعبّر فيها عن «استعداد الجزائر لإنشاء ثلاثة مستشفيات ميدانية في غزة إذا تم فتح الحدود»، التي أثارت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية.

واضطرت حملة الرئيس المرشح إلى التحرك بسرعة لاحتواء الجدل الذي بدأ يتشكل على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما تم تصوير شاب وهو يسجد أمام ملصق انتخابي لعبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة. وكتبت الحملة في بيان نُشر يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب): «المرشح المستقل عبد المجيد تبون لا يمكنه قبول هذا النوع من التصرفات التي لطالما ناضل ضدها ورفضها، حتى وإن كانت صادرة عن مؤيديه».