«حرب غزة»: هل تقترب الوساطة المصرية - القطرية من «هدنة ثانية»؟

هنية في القاهرة لبحث تبادل الأسرى... ونتنياهو يربط وقف النار بـ«القضاء على حماس»

أطفال فلسطينيون في طابور للحصول على الطعام في رفح وسط نقص في الإمدادات الغذائية بقطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون في طابور للحصول على الطعام في رفح وسط نقص في الإمدادات الغذائية بقطاع غزة (رويترز)
TT

«حرب غزة»: هل تقترب الوساطة المصرية - القطرية من «هدنة ثانية»؟

أطفال فلسطينيون في طابور للحصول على الطعام في رفح وسط نقص في الإمدادات الغذائية بقطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون في طابور للحصول على الطعام في رفح وسط نقص في الإمدادات الغذائية بقطاع غزة (رويترز)

دخلت جهود الوساطة المصرية - القطرية من أجل التوصل إلى «هدنة إنسانية» جديدة في قطاع غزة مرحلة متقدمة، وسط حراك لافت للمشاورات الجارية بين الوسطاء ومسؤولين بارزين في كل من إسرائيل و«حركة حماس»، التي وصل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إلى القاهرة، الأربعاء، ومن المقرر أن يزور العاصمة المصرية وفد آخر من «الجهاد الإسلامي» مطلع الأسبوع المقبل لإجراء مشاورات بشأن «الهدنة» المحتملة.

وقالت «حركة حماس» في بيان، الأربعاء، إن هنية وصل إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين حول تطورات الحرب في غزة و«الكثير من الملفات الأخرى».

وهذه هي الزيارة الثانية لهنية إلى مصر منذ بدء حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ زار القاهرة في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لإجراء محادثات حول التهدئة في قطاع غزة.

ونجحت وساطة مصرية - قطرية - أميركية في التوصل في 24 نوفمبر الماضي إلى أول هدنة إنسانية بالقطاع، بعد 48 يوماً من العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في القطاع، واستمرت أسبوعاً، وسمحت بإطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.

وقال مصدر فلسطيني مطلع إن المحادثات التي تجري بوساطة مصرية - قطرية «سيتم بموجبها إطلاق بعض المحتجزين مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال». وأفاد المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم نشر هويته، بأن الأسرى الإسرائيليين ليسوا جميعاً في قبضة «حماس». وأضاف «نحن واعون لأن الأسرى الإسرائيليين لا يجب أن تتم مقايضتهم بهدن مؤقتة».

ولفت المصدر إلى أن «ضغوطاً تمارس على الفصائل الفلسطينية للقبول بهدنة مؤقتة حالياً»، وأن المشاورات الجارية تستهدف عرض رؤية الفصائل لبنود أي صفقات مقبلة لتبادل الأسرى، مشدداً على أن «هدف الفصائل الأهم هو وقف شامل لإطلاق النار وليس من خلال هدن مؤقتة».

في السياق ذاته، ذكر مصدر في «حركة الجهاد» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء، أن وفداً برئاسة الأمين العام للحركة، زياد النخالة، سيتوجه إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل بدعوة مصرية، في إطار «مباحثات تهدف لوقف الحرب والعدوان ووقف إطلاق النار وصفقة شاملة للتبادل» مع إسرائيل.

الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة (أ.ب)

من جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إلى أن الزيارات المتتالية لوفود من «حماس» و«الجهاد» إلى القاهرة، ستركز على تفاصيل الصفقة التي يجري التشاور بشأن عقدها حالياً، لافتا إلى أن المعلومات المتوافرة تشير إلى «إمكانية إطلاق 40 من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، مقابل 400 من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال».

وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصائل الفلسطينية اشترطت أن تحدد قائمة واضحة بأسماء من يتم الإفراج عنهم من سجون الاحتلال، لا أن تتحكم إسرائيل في تحديد المفرج عنهم كما جرى في الهدنة الأولى»، مضيفاً أن «إسرائيل تحاول أن تضغط للإفراج عن مجندات بشروط الإفراج نفسها عن النساء المدنيات، وهو ما ترفضه الفصائل».

وتابع الرقب: «الأفق الزمني المطروح للهدنة من جانب إسرائيل يتراوح بين أسبوع و10 أيام، بينما تريد الفصائل الفلسطينية إنهاءً كاملاً للحرب بالنظر إلى الوضع الإنساني المتردي في القطاع والحاجة لحماية المدنيين من الهجمات الوحشية لقوات الاحتلال، إلا أن إسرائيل أبلغت الوسطاء برفض خيار وقف كامل لإطلاق النار».

وكان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قد أعلن، الثلاثاء، أن «إسرائيل مستعدة لهدنة إنسانية جديدة ومساعدة إنسانية إضافية للسماح بإطلاق سراح الرهائن». لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في بيان الأربعاء: «لن نتوقف عن القتال حتى نحقق كل الأهداف التي وضعناها لأنفسنا: القضاء على (حماس) والإفراج عن الرهائن لديها، ووضع حد للتهديد القادم من غزة».

وقدمت إسرائيل مقترحاً لـ«حماس» يتضمن هدنة لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح 40 رهينة، حسبما أفاد تقرير لشبكة «سي إن إن»، ورغم الإعلان عن إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لرئيس جهاز الموساد لبدء مفاوضات مع الوسطاء القطريين والمصريين، فإن تل أبيب أكدت «تمسكها بالعمليات العسكرية ورفض وقف إطلاق النار»، بحسب التقرير.

وأكد عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، على ذلك. وقال إن الجيش سيواصل عملياته في غزة لحين تحقيق الأهداف المنشودة والمتمثلة في تكفيك «حركة حماس» وإطلاق سراح المحتجزين، حسبما نقلت «هيئة البث» الإسرائيلية.

صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل تظهر ناقلة أفراد مدرعة إسرائيلية (على اليمين) وشاحنة عائدة من شمال غزة (أ.ف.ب)

في غضون ذلك أشار خبير الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، إلى أن الإسرائيليين يواصلون تقديم عروض «تبدو جديدة، لكنها لا تلبي المطلوب من جانب (حركة حماس) والفصائل الفلسطينية»، لافتاً إلى أن إسرائيل تحاول أن تظهر «حماس» في صورة الطرف غير المكترث بمصير المدنيين وسكان القطاع، وهو ما يركز عليه الإعلام الإسرائيلي في الآونة الأخيرة.

وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن التحركات الحالية لقيادات «حركة حماس» تعكس التأثر الشديد بمجريات الحرب الراهنة، بعد أكثر من 70 يوماً من القتال، دون تعويض للأسلحة المستخدمة أو القدرة على علاج الجرحى والمصابين، لافتا إلى أن رهان «حماس» حالياً يركز على «الرأي العام الإسرائيلي الداخلي للضغط على حكومة الحرب في تل أبيب للقبول بوقف لإطلاق النار»، وفي المقابل تتبع إسرائيل تكتيكاً مقابلاً بـ«استمرار الضغط على الفصائل للقبول بشروطها لتبادل الأسرى».

ورجح عكاشة ألا يجري إعلان وشيك عن هدنة جديدة في قطاع غزة، في ظل الأوضاع الراهنة، إضافة إلى عدم وجود ضمانات لالتزام قادة «حماس» في الداخل بما يتم التوصل إليه من جانب قادة الحركة في الخارج.

وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر، في وقت سابق، الثلاثاء، أن الاجتماع بين رئيس وزراء قطر ومديري جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) في وارسو، الاثنين، لمناقشة هدنة إنسانية وتبادل الإفراج عن المحتجزين لدى إسرائيل و«حركة حماس» كان «إيجابياً، لكن لا توقعات بالتوصل إلى حل وشيك».

وفي واشنطن، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن المحادثات الجارية بشأن هدنة جديدة محتملة بين إسرائيل و«حركة حماس» «جادة للغاية». وأضاف كيربي «إنها نقاشات ومفاوضات جادة للغاية ونأمل أن تؤتي ثمارها»، موضحاً أن هذا الأمر «نعمل عليه منذ انتهاء فترة التوقف السابقة».


مقالات ذات صلة

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي خلال عمليته في الضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تتحرك داخل مخيم جنين للاجئين في اليوم الرابع من العملية العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية... 31 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

معارك دامية في جنين بالضفة الغربية لليوم الرابع

تدور معارك في مدينة جنين السبت مع مواصلة الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع تواليا عمليته العسكرية الدامية «لمكافحة الإرهاب» في شمال الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.